الكاتب: دانييلا قرعان
ما حدث في معبر الكرامة هي حقيقة تعكس نبض الشارع الأردني والعربي إزاء ما يحدث من انتهاكات وقتل وتشريد وتهجير للفلسطينيين عامة والغزيين خاصة، ويدل ذلك على أن الشعوب العربية عامة والشعب الاردني خاصة لم يتم تزييف وعيها بما يسمى بالسلام مع الإسرائيليين، وأن ما يحصل في قطاع غزة والضفة الغربية ليس منفصلا عما يسمى " ب وحدة الساحات " لدى الشعوب العربية. إن استمرار جرائم الإحتلال في قطاع غزة بحق المدنيين، وما يحصل في الضفة الغربية من اقتحامات يومية، وتسارع محاولات تهويد المسجد الأقصى المبارك، كل ذلك أدى إلى تنفيذ هذه العملية الفدائية، التي من المرجح أن يعقبها العديد من العمليات الأخرى طالما بقي الاحتلال مستمرًا في عدوانه على قطاع غزة. وحول ما تعكسه العملية الفدائية البطولية، نَصِفُ الهجوم الذي نفذه الشهيد الاردني البطل ماهر ابن الجازي وهو ليس بغريب عن هذه العشيرة، أن الشارع الأردني يغلي إزاء المجازر بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وعلى الدولة الأردنية وهي الداعمة الأولى للقضية الفلسطينية أن تقوم بالعديد من الإجراءات المقنعة على المستويات السياسية والأمنية والعسكرية لوقف العدوان على غزة بشكل مكثف. وفي الوقت ذاته وعلى الجانب الآخر من هذه العملية الفدائية البطولية أن الاحتلال قادر على تحويل التهديدات إلى فرص، وبالتالي سيبدأ بالتحريض على الأردن، نتيجة مواقفه المتقدمة من الحرب على غزة، وسيتخذ "العملية الفدائية" مبررًا للقيام بإجراءات أحادية الجانب تؤدي لفرض سيطرته الأمنية والعسكرية على كامل الحدود مع الأردن، وإغلاق المعابر البرية مع المملكة، وتحريك آلياته العسكرية قرب الحدود مع البلاد، بما يمثل تهديدًا عسكريًا حقيقيًا للأردن، ومخالفة صريحة لما نصت عليه اتفاقية السلام، والاحتلال يريد استغلال عملية إطلاق النار من خلال زيادة وتيرة هجمات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين على مناطق واسعة في الضفة الغربية، لا سيما في المخيمات الفلسطينية، بهدف تهجير أهلها نحو الأردن.
المطلوب الآن من الحكومة الأردنية أن تعلن فورًا إغلاق حدودها مع الجانب الإسرائيلي، فالأخير يسعى لتهجير نحو مليون فلسطيني من سكان الضفة الغربية نحو الأردن ممن يحملون الجنسية الأردنية، وربما يجد الاحتلال مبررًا لخطوته بعد تنفيذ العملية على الحدود. إن ما يجري سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية أو في المسجد الأقصى من تهويد يستفز شعور كل عربي وكل مسلم في العالم، وليس في الأردن فقط، ويأتي ذلك تزامنًا مع ما يقوم به الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير أيضًا بإستفزاز كل الشعوب العربية، وفي المقدمة منها الشعب الأردني، ولذلك الأمر الطبيعي والمتوقع هو ما قام به سائق الشاحنة الأردني الشهيد البطل اليوم ضد جنود الاحتلال، ومن غير المتوقع وغير الطبيعي هو أن يلتزم الناس الصمت.
وأقول لولا مواقف الأردن الرسمية المتقدمة من العدوان على قطاع غزة، لثار الشعب الأردني منذ فترة طويلة على ما يجري من مجازر يومية في قطاع غزة، وكلما زاد الاحتلال الإسرائيلي عنفًا على شعبنا الفلسطيني وجد ردات فعل أقوى لمواجهته، والتعبير عن رفض ما يجري بحق الفلسطينيين، وما حصل اليوم بادرة من البوادر الأردنية التي من الممكن أن تتكرر، سيكون هنالك الكثير من هم على شاكلة الشهيد البطل ماهر الجازي، إذا لم يتم ردع العدوان الإسرائيلي وسياساته وانتهاكاته غير القانونية، دون حسيب أو رقيب، وسيكون هنالك المزيد من العمليات الفدائية البطولية من الجانب الفردي تعبيرًا عما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي هذه الأثناء نستذكر العمليات البطولية التي قام بها الجيش العربي القوات المسلحة الأردنية حيث عادت لنا هذه العملية البطولية أمجاد النصر في معركة الكرامة حيث لقن الجيش العربي العدو الإسرائيلي درسًا لن ينساه في العز والكرامة والتضحية والفداء والنصر، وما دام هنالك نفس أردني سنبقى ندافع عن القضية الفلسطينية ما حيينا، وهذه القوة نستمدها من بعد الله عز وجل، من جلالة سيدنا سيد البلاد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، الداعم والمدافع الأول عن القضية الفلسطينية والفلسطينيين، حيث حمل ما يحدث في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جميع أنحاء العالم وهو يتحدث بلسان الأردنيين والعرب جميعًا. رحم الله شهيدنا البطل، وجميع الشهداء الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن الحق أينما وجد، وندعو الله أن يعم النصر في جميع أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة في القريب العاجل، وأن يمد الله وطننا الأردن بالأمن والأمان والاستقرار، وأن يجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن، وان يحمي سيد البلاد أبا الحسين، والعائلة الهاشمية والشعب الاردني، وأن يبقى الأردن شوكة في حلق العدو الصهيوني، ويدافع عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم واستقلال بلادهم.