الخميس: 19/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجبهة التاسعة .. الاغتيالات الجماعية

نشر بتاريخ: 19/09/2024 ( آخر تحديث: 19/09/2024 الساعة: 13:47 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام




بعد غزة والضفة الغربية واليمن وسوريا والعراق ولبنان، وصفت وسائل الاعلام العبرية التظاهرات الامريكية وفي عواصم أوروبا انها الجبهة السابعة. وبعد عملية الأردن على معبر الملك حسين حذّر الخبراء الامنيون الإسرائيليون من فتح الجبهة الثامنة مع الأردن.
نتانياهو شخصيا فتح الجبهة التاسعة بيديه من خلال تنفيذ سلسلة اغتيالات طالت رموزا سياسية وقنصلية ايران في دمشق، ورئيس حماس إسماعيل هنية ورئيس اركان حزب الله فؤاد شكر وسلسلة من الاغتيالات التي نعرف عنها، وتلك التي لم نعرف عنها بعد.
الاغتيالات الجماعية ماركة إسرائيلية بامتياز. وحصريا نفذتها إسرائيل بواسطة أدوات منتشرة بين يدي المدنيين، دون أي مراعاة للقوانين الدولية او الاخلاق الإنسانية، ولو كان احد الذي يحملون هذه الأجهزة في مشفى او في حافلة مليئة بالركاب او داخل طائرة مدنية لكانت النتيجة اكثر بشاعة وفظاعة .
بحسب المصادر الإسرائيلية فان تل ابيب مقتنعة بتهديد حماس - ردا على اغتيال هنية – وانها سوف تعيد موجة التفجيرات داخل المدن الإسرائيلية.
وكذلك تقول إسرائيل انهم في حزب الله وايران بدأوا بالتخطيط لتنفيذ اغتيالات ضد رموز واهداف إسرائيلية. وبالتالي يجد العالم نفسه مسرحا للاغتيالات الفردية والجماعية وما هي الا مسألة وقت حتى ينجح "أعداء إسرائيل" في تنفيذ اغتيال نوعي من هذا النوع. فالأمر صعب ولكنه ليس مستحيلا ولا يمكن احتكار المعرفة على طرف محدد .
اول من اعتمد الاغتيالات كوسيلة للتخلص من الخصوم والاعداء والمنافسين هم عصابات الاجرام والمافيا، ولحقت بهم الأنظمة الظلامية والمنظمات السرّية التي ترى بموت الآخرين حلا لمشاكلهم .
إسرائيل هي اول "دولة" في العالم كله تعتمد الاغتيالات كسياسة ممنهجة ورسمية دون حسيب او رقيب ودون اعتبار لقوانين الدبلوماسية او التجارة العالمية او الطيران او السيادة وبدعم كامل صامت وجهور من الولايات المتحدة الامريكية التي تشارك معها في الاغتيالات على ارض سيادية أخرى كما فعلت السي آي ايه عند اغتيال عماد مغنية في دمشق وكما فعل ترامب في اغتيال قاسم سليماني والمهندس في مطار بغداد !!
كان الزعيم ياسر عرفات ضد الاغتيالات بشكل قاطع، واصطدم مع قيادات ورموز كبيرة داخل فتح وداخل منظمة التحرير رافضا أي شكل من اشكال الاغتيال السياسي. كما رفض اية وسائل نضالية تخالف القوانين الدولية او النظم الأخلاقية الإنسانية، ولكن إسرائيل اغتالته بواسطة السم النووي.

امتلاك القوة مفهوم نسبي، وينتقل من طرف الى اخر بشكل أو بآخر في حين وآخر. والان تبدو إسرائيل فعلا هي الأقوى في هذا المجال وبشكل كامل، ولكن تعالوا نتخيل الصورة حين تنقلب الموازين .
في النهاية لا يمكن لاي انسان في العالم ان يعيش تحت حراسة مشددة طوال عمره، ولو عاش هو كذلك لا يمكن ان يصرف حراسة مشددة لجميع افراد عائلته طوال العمر وفي كل مكان .
حين وقعت محاولة اغتيال ترامب، كنت أتمنى لو ان أي صحفي امريكي يسأله: ما هو موقفك من الاغتيالات بشكل عام؟ وما تعقيبك الان على قرارك اغتيال العديد من قادة الشرق الأوسط ؟
وفي إسرائيل لم ينس الجمهور ان متطرفا يهوديا اغتال بسهولة تامة رئيس وزرائهم اسحق رابين في وسط تل ابيب عام 1995 وكان القاتل من اتباع بنيامين نتانياهو حينها .
ولماذا يفتح نتانياهو بوابة لن يستطيع احد اغلاقها لعشرات السنين القادمة لمجرد ايهام الجمهور انه انتصر في حرب لن ينتصر فيها أي طرف ؟
تستطيع اية دولة واية منظمة عقائدية ان تنفذ الاف وعشرات الاف الاغتيالات بكل سهولة ، ولكنها لا تستطيع ان تفتح هذا الباب الذي يفتح معه كل الأفكار الشيطانية في وجه البشرية .