الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
على هذه الأرض التي ناضل عليها الأنبياء لزرع بذرة الخير وطرد بذور الشر ، لا يوجد انتصار كاسح كامل ابدا ولا هدوء الا بالتراضي . لا يوجد فائز يهنأ بفوزه ولا منتصر يلهو بنصره ويكتب التاريخ على هواه.
حتى الرسول محمد صلوات الله عليه وحين فتح مكة قال لأهلها الذين قاتلوه وطردوه من بيته: اذهبوا فانتم الطلقاء.
ويعيش الإسرائيليون حالة سكر شديد بعد اغتيالهم لأمين عام حزب الله ، لدرجة لا توصف ولا تعبر عنها الكلمات. ولم تقتصر الاحتفالات على توزيع الحلوى في الداخل والخارج، ولا بفيديو نتانياهو يعضّ التفاحة ويتوعد بنظام جديد في الشرق الأوسط، وانما بتصريحات هائجة تدعو لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي ، ولاحتلال لبنان وتسويتها بالأرض وبقاء الاحتلال للجنوب حتى الابد ، وبتدمير سوريا واليمن والأردن والدول العربية وضرب الفلسطينيين حتى يستسلموا استلاما كاملا لإسرائيل. وهي تصريحات تليق بالجهلاء في السياسة وبتاريخ المشرق .
على حاجز عسكري امام مدينة دورا جنوب الخليل كان الجنود الإسرائيليون يوزعون الحلوى على المسافرين الفلسطينيين احتفالا باغتيال امين عام حزب الله ، ويطلبون منهم النزول من السيارات واكل الحلوى امام الجنود ، ومن يرفض لاي سبب كان (حتى لو كان يعاني من مرض السكر ) كان يتم ضربه ضربا شديدا !!.
منذ مئة عام يستمر الصراع العربي الإسرائيلي، ويدخل تارة في حالة مد كالتي نعيشها الان ، وتارة في حالة جزر كالتي شاهدناها من قبل . ولكن لم يولد بعد ذلك الشخص الذي بيده الضربة القاضية التي تنهي هذا الصراع، ليس لان القادة ضعفاء وانما لان التسوية التاريخية لم تنضج بعد ولم تكتمل ظروف التراضي التي تخلق فرصة لوقف العنف والذهاب الى تنازلات تستحق التوقف عن القتال .
يفرح المنتصر على هذه الأرض لعدة أيام فقط، وفي اقصى حال لعدة أسابيع او لشهور. ولكن كل التجارب الماضية تثبت ان الويل للمنتصر ، وان على المنتصر ان يدفع فواتير الساحات التي انتصر فيها.
لم تبث تجربة قرن كامل على ان هناك أي استثناءات . والأيام مثل دواليب الدهر تعلو لتنخفض وتنخفض لتعلو من جديد .