الكاتب: إبراهيم ابراش
أخطر ما يجري في الأشهر الأخيرة هو سحب الأنظار والاهتمام عن جوهر الصراع في فلسطين وعن حرب الإبادة على قطاع غزة والمجازر التي يرتكبها الاحتلال في شمال القطاع والمجاعة في جنوبه إلى المواجهة والحرب مع إيران وحزب الله.
هذا يعتبر نجاحاً استراتيجياً لدولة الاحتلال ،فقد استطاعت إسرائيل تحقيق ذلك من خلال سياسة الترهيب وإثارة المخاوف بتصريحات وتسريبات عن عزمها احتلال دول عربية وتغيير جيواستراتيجية المنطقة وعن الخطر الاستراتيجي المزعوم لإيران على إسرائيل والسلام العالمي بينما هذه المخاطر هي افرازات وتداعيات لأصل الصراع في فلسطين وليست جوهره.
حتى لو نجحت إسرائيل بقوتها العسكرية او بتدخلات دولية حسم الحرب مع إيران ومحور المقاومة فسيستمر الصراع في فلسطين وحولها ولن يتحقق السلام لا لإسرائيل ولا في الشرق الأوسط.
ومن جهة أخرى قد تستطيع اسرائيل احتلال أراضي عربية جديدة ما دامت واشنطن تدعمها وتؤيدها ولكن التحدي الأكبر هو قدرتها على الاحتفاظ بما تحتل من أرض وبشر، فهي لم تستطع إنهاء أو إخضاع الوجود الفلسطيني في أراضي ٤٨ ولا في الضفة والقدس ولا حتى في غزة بالرغم مما لحقها من موت ودمار، وعدد الفلسطينيين داخل فلسطين يفوق عدد اليهود.
فكيف ستحتل أراضي جديدة أو تعود مجددا لاحتلال قطاع غزة والاستيطان به وفي القطاع ٢ مليون ونصف تقريبا؟ وكيف سيتعايش المستوطنون مع هذا العدد من الفلسطينيين الذين حولتهم الحرب الى (وحوش آدمية) كما يقول الصهاينة أنفسهم؟
الحالة الوحيدة لنجاح تهديداتهم المضللة هو تفريغ قطاع غزة والضفة من السكان وهنا التحدي الكبير أمام الفلسطينيين وخصوصا أهالي غزة وأمام الأردن ومصر اللتان حتى الآن ترفضان التهجير وفي نفس الوقت تتخوفان منه.
أقصى ما يمكن أن تحققه إسرائيل هو انجاز مخطط الحسم الذي وضعه الوزير الإرهابي سموترتش وخلاصته دولة يهودية خالصة في كامل فلسطين الانتدابية حتى بدون قطاع غزة حيث يرتبون له وضعا خاصا.
المهم أن تعيد حركة حماس حساباتها ومراهناتها على مدد خارجي وتبحث عن طريقة لخروج من الحرب إن كان ذلك ممكنا الآن، قبل أن تدفع وتُدفع الشعب كله ثمنا أكثر فداحة وضمنه التهجير القسري أو الطوعي.