الكاتب: نادين روز علي
كافة المؤشرات تؤكد ان المبعوث الأمريكي هوكشتاين يصل هذه المرة الى المنطقة وهو يحمل بين يديه مقترحا حقيقيا لوقف اطلاق النار على الجبهة الشمالية لإسرائيل مع الجنوب اللبناني.
ورغم ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار في كلمته في النقب امام عدد من العسكريين الجدد الى انه يعرف كيف يتعامل مع الضغوط الامريكية ويعرف متى يقول نعم ومتى يقول لا، الا ان المقربين من نتنياهو يرون انه بالفعل هذه المرة سيقول لا للضغط الأمريكي. لأن الموج مرتفع ليس فقط سياسيا وليس فقط ميدانيا.
اذ أن المسودة التي صاغها المبعوث الأمريكي لا تلقي بحزب الله الى شرك الهزيمة العلنية وبذات الوقت تعطي نتنياهو فرصة للمزاودة على خصومه السياسيين بانه استطاع ان يقضي على قدرات حزب الله العسكرية وان يعيده الى الخلف وان يفرض تطبيق القرار 1701 مع الحفاظ على حق العودة الى العمليات العسكرية في حال تم خرق الاتفاق من قبل حزب الله.
اما على الجانب اللبناني فتبدو الأمور عكس ما يصرح به المسؤولون اللبنانييون وعلى رأسهم رئيس حكومة تسيير الاعمال نجيب ميقاتي، الذي اتهم نتنياهو بانه يريد تعطيل أي اتفاق. لكن مصادر في الحكومة اللبنانية أكدت أن المسؤولين اللبنانيين يريدون الاستفادة من الحماس الأمريكي للصفقة وان يستفيدو منه بالتوصل الى اتفاق وقف اطلاق نار لمدة ستين يوما.
أن المشهد الكامل عن بعد يؤكد ان الأمور بالفعل في طريقها لصفقة مع لبنان رغم محاولة الطرفين الإسرائيلي واللبناني المعاندة.
لكن تبقى الأزمة الحقيقية هي في قطاع غزة وبالنسبة لحركة حماس. ففي حال بالفعل ذهبت الأمور الى صفقة مع لبنان فهذا يعني فصل المسارات ما بين غزة ولبنان.
وهذا يعني بأن الفرصة ستكون سانحة لبنيامين نتيناهو كي يقلل من الجهد العسكري الإسرائيلي ويجعله مركزا على قطاع غزة، وصولا الى تنفيذ خطة الجنرالات في الجنوب.
لقد راهنت حركة حماس في السابق كثيرا على المسارات المشتركة وعلى جبهات الاسناد وتحديدا الجبهة اللبنانية. أما في الواقع ان ليست المقاومة في لبنان هي المشكلة وانما الدولة اللبنانية هي التي بدات تشعر بخطورة استمرار المعركة من الناحية السياسية وعليه فلا خيار امام الدولة اللبنانية التي منحها حزب الله الفرصة للتفاوض بإسمه من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلا الذهاب نحو الاستفادة من هذه الفرصة التي لن تتكرر، من أجل التوصل الى اتفاق مجدي مع الاحتلال الإسرائيلي. أما حماس التي قال احد قادتها من الجزائر، سامي أبو زهري، بانها منفتحة على كافة المقترحات. وذلك من اجل التوصل الى وقف اطلاق نار، عليها اليوم حسم امرها والاستفادة من وجود هوكشتاين، وان تربط المسار اللبناني بمسارها التفاوضي من خلال الاستفادة من أي طرح من الممكن ان يقدم وان تستفيد منه. بحيث لا تجد نفسها وحيدة ومستفرد بها في المعركة المقبلة.
ليس شرطا اليوم ان تقبل حماس بكافة الشروط الإسرائيلية.وليس شرطا ان تقدم ما يمكن ان يظهر كهزيمة، لكن عليها ان تبحث عن حلول من اجل التوصل الى تهدئة. ولو كانت استراحة مقاتل لها ولشارعها الغزي الذي أصيب بخيبات امل تفوق العقل.
اذا لم تلحق حماس بالقطار الذي بدا بالتحرك منذ ساعات، فانها قد تجد نفسها بعد وقت قصير في ميدان مشتعل بالنيران لوحدها، دون ان يقدم لها احد المساعدة او حتى قطرة ماء لاطفاء هذا الميدان.
حماس تقف على مفترق طرق والخيارات تضيق. وفي كثير من الأحيان ان تحصل على القليل الذي لا يميتك خيرا من انتظار الكثير الذي قد يستفيد منه الورثة او لا يستفيدوا. اذا ادركت حماس بان الوقت لم يعد يسعفها فعليها ان تتعلم من أسلوب حزب الله في التفاوض وان تلقي الحمل عن عاتقها وان تستغل الحماس الأمريكي للتوصل الى صفقة. حتى ولو كانت مؤقتة او لفترة محدودة. المهم ان تمنح الشارع الغزي والفلسطينيين الوقت لالتقاط الانفاس والاستعداد للمرحلة المقبلة .