الكاتب: د. محمد عودة
لعبت منظمة زاكا دوراً حاسما في نسج روايات عن وحشية المقاومة ونشرها بشكل واسع في الصحافة الغربية وتكرار الروايات الكاذبة حتى يتبناها الغرب، زاكا هي منظمة تطوعية إسرائيلية تُعنى بانتشال جثث القتلى في الوفيات "غير الطبيعية". ومن ثم تكرارها بشكل واسع تتمتع بتصنيف رسمي "منظمة غير حكومية" منتسبيها من خبراء البحث والاستعادة، كما انها تعتبر رائدة الاستجابة الأولية.
مواصفات زاكا ساعدت باعتمادها كمصدر علامي بحكم وجودها في المواقع المثالية كي مما مكن أعضائها من الادلاء بتصريحات صحفية حول ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول لقد قام متطوعي زاكا بجمع جثث القتلى من نوفا راف وبئيري وكفار عزة مما منحهم فرصة تلفيق روايات كاذبة أمام مجموعات من الصحفيين.
اعتمدت وسائل الإعلام بشكل كبير على شهاداتهم في بداية العدوان فأصبحوا مصادر أساسية لشبكات الإعلام الدولية بما في ذلك سي إن، فوكس نيوز ديجيتال، بي بي سي، وغيرها الكثير، بالإضافة إلى نيويورك تايمز. مما دفع صحيفة هآرتس الى اجراء تحقيقات خلصت الى هذه الروايات والشهادات الكاذبة أكثر من تفسيرات خاطئة وعرضية.
المشكلة هي أن الكثير من شهاداتهم تتكون من حكايات فظيعة لم يتم التحقق منها حتى يومنا هذا، ومع ذلك تم قبول قصصهم في كثير من الأحيان دون تحقق وبلا تشكيك، وتكررت في حسابات وسائل الإعلام التي كانت أساسية لتشويه سمعة المقاومة وبالتالي جميع الفلسطينيين وتبرير همجية العدوان الإسرائيلي حيث اعتبرته محكمة العدل الدولية ما تقوم به إسرائيل يرقى الى ممارسة الابادة الجماعية والتطهير العرقي.
من المعروف أن معظم روايات زاكا حول ما عثروا عليه بعد عودة من تبقى من المقاومين الى داخل قطاع غزة هي افتراءات، تم فضحها في وسائل الإعلام الدولية والإسرائيلية، ومن قبل الصحفيين الاستقصائيين والمواقع الإخبارية المستقلة في الولايات المتحدة لدرجة ان تقرير في هآرتس اتهم المروحيات الإسرائيلية من الفوج الثالث عشر هي المسؤولة عن تقتيل المشاركين في حفل ليلة السابع من أكتوبر.
واحدة من هذه التلفيقات ان متطوعي زاكا اكتشفوا اربعين جثة لأطفال قُطعت رؤوسهم، تلك الرواية التي انتشرت كالنار في الهشيم حتى تبناها دونالد ترامب ليتراجع في اليوم التالي كذلك قصة المرأة الحامل ممزقة البطن وجنينها مطعون على ذمة يوسي لا نداو احد ناشطي زاكا، يُشار الى ان هآرتس أجرت مقابلات مع سكان الكيبوتس "أنكروا وجود مثل هذه الحالة أو حتى وجود امرأة حامل بين جيرانهم، وأكدت الصحيفة لاحقًا أن قصة الأم المذبوحة وجنينها، ببساطة، لم تحدث وقد حملت الصحيفة لا نداو المسؤولية عن بث الاشاعات حول فظائع ارتكبتها المقاومة من وحي خياله.
لقد أثبت لا نداو أنه مصدر غير موثوق به في وقت مبكر، عندما اعترف علانية بأن قصصه مختلقة. وفي وقت لاحق في شريط الفيديو المذكور أعلاه، يشرح لا نداو للصحفيين الأجانب أن متطوعي (زاكا) يستخدمون خيالهم في نسج الروايات مثل العنف الجنسي والتنكيل بالجثث، ينسحب الامر أيضا على روايات أوتمازجين.
لقد اعترف مدير مكتب العمليات العامة الإسرائيلي انه من الصعب تخيل هاسبارا الإسرائيلية مع مراسلين أجانب دون الدور الرائع والقيّم والفعّال لرجال زاكا، نشاطهم مهم للغاية في هاسبارا.
في رواية جديدة تهدف الى تشويه الفلسطينيين ادعت إسرائيل انها حررت سيدة يزيدية اشتراها من داعش مواطن غزي، وقد بثت إسرائيل فيديوهات حول تعاون إسرائيلي امريكي لإنقاذ السيدة وتسليمها لذويها في سنجار بالعراق. علما ان داعش صناعة غربية وإسرائيلية وقد مارست أبشع أنواع التنكيل ضد الأقليات المسيحية والازيدية في العراق الا ان أحدا لم يجعل من هذه الانتهاكات مادة للاستقطاب كما حصل مع قصة الايزيدية في غزة..
اما اليوم وخلال الحرب المستعرة على لبنان ونتاج سقوط صاروخ لبناني في شمال فلسطين المحتلة توفي خمسة اشخاص إسرائيلي وأربعة عمال أجانب، وهنا يتبادر الى الذهن سؤال مشروع لماذا يتواجد العمال في منطقة مشتعلة ومعلنة منطقة عسكرية؟ وهل هم حقيقة عمال ام مرتزقة تسعى إسرائيل الى استثمار موتهم لاستقطاب مواقف دولهم ضد المقاومة اللبنانية؟ يشار الى ان إسرائيل تستخدم سياسة التعتيم في الإعلان عن خسائرها مستخدمة عدة أساليب اهما عدم الإفصاح عن المرتزقة القتلى دفع مبالغ مالية لعائلات الجنود القتلى خاصة من البدو والدروز مقابل إجراءات دفن محدودة وغير معلنة.
ثم ان إسرائيل تدعي ان خسائرها في الجبهة من الجنود لكن في داخل حدود الكيان من المدنيين والحقيقة غير ذلك تماما حيث ان حزب الله حتى الان هاجم مواقع عسكرية ورغم ان إيقاع قتلى في صفوف السكان أسهل الا انه لم يلجأ الى قصف عشوائي على التجمعات السكانية، بينما قتلت إسرائيل من المدنيين في قطاع غزة ما يقارب الخمسين الفا جلهم من النساء والأطفال، ولا أحد يعرف كم عدد الشهداء من المقاومة، اما في لبنان فقد تجاوزت الحصيلة ثلاثة آلاف شهيد وما يقارب ثلاثة عشر ألف جريح جلهم من المدنيين ولا أحد يعرف عدد الشهداء من المقاومة.