الكاتب: نادين روز علي
للمرة الاولى لا يأبه الفلسطينييون بالانتخابات الامريكية وبساكن البيت الابيض. هذه المرة كان خيار الفلسطينيين بين الرمضاء والنار، بين الموت شنقا او رميا بالرصاص. هذه المرة لم ينتظر اصحاب القضية الاطول في التاريخ المعاصر، اليوم التالي للاقتراع في الولايات المتحدة.
فاذا كان ترامب هو صاحب قرار نقل السفارة الاسرائيلية الى القدس ومنح اسرائيل حق ضم الاغوار وصاحب صفقة القرن التي تعني فيما تعنيه، إنهاء القضية الفلسطينية، فإن بايدن وهاريس هما صاحبا قرار الدعم اللامحدود لإسرائيل في حربها ضد قطاع غزة. وهما أيضا صاحبا قرار إرسال السفن الحربية والمقاتلات الجوية والقاذفات الى الشرق الاوسط لتوفير الحماية لاسرائيل. وهما صاحبا المواقف الاستثنائية لصالح اسرائيل في المؤسسات الدولية.
للمرة الاولى في التاريخ يغادر ساكن البيت الابيض مكتبه البيضاوي ويأتي خليفته دون ان يراهن الفلسطينييون على التغيرات. أصبح الخيار الفلسطيني اليوم بين صاحب فكرة الدعم اللامحدود العلني لإسرائيل وبين صاحب الدعم اللامحدود العلني ايضا ولكن مع رتوش لإسرائيل.
الواقع أن ترامب، بقراءة بعض المفكرين الفلسطينيين، لن يكون الأسوء على الأقل في هذه المرة لعدة اسباب. أولاها ان الرجل بعد وصوله هذه المرة الى البيت الابيض، لم يعد محتاجا للمراهنة على الصوت اليهودي. لأنه لن يترشح في الأعوام الأربع التالية. إذ أن الدستور الامريكي لا يسمح لرئيس بتولي الرئاسة لاكثر من ثماني سنوات، مما يعني بأن الرجل لن يكون بحاجة الى الصوت اليهودي.
وقد يكون تحرر منه قبل ان ينتخب مع التأكيد أن ثلثي يهود امريكا صوتوا للديمقراطيين. وثانيها ان الرجل يمتاز بانه رجل صفقات. وهذا بحد ذاته يجعله يرنو للتوصل الى حلول للواقع الملتهب في الشرق الاوسط عبر صفقات قد تنهي الحروب. وهؤلاء يرون ان الرجل وبوصفه اقتصادي لن يكون مستعدا لان يذهب الى التضحية بمقدرات امريكا واقتصادها لصالح اسرائيل او اوكرانيه.
لذلك يرى هؤلاء بأن الفرصة اليوم مواتية للرجل، كي يستفيد من الواقع الحالي، ويثبت انه قادر على صنع المستحيل. والمستحيل يتعلق بقدرته على أن يفرض حلولا شرق اوسطية قادرة على تهدئة الموقف لسنوات مقبلة. وقد يجد ترامب هذه المرة نفسه قادرا على ان يصنع معجزة جديدة إاعادة الفلسطينيين والاسرائيليين إلى طاولة المفاوضات، كي يتغنى انه استطاع ان يعيد أكثر الخصوم عداوة في التاريخ الى طاولة التفاوض، ويفرض عليهما أن يتقدما ولو خطوات قليلة الى الامام.
لن يكون ترامب هو الأسوأ في تاريخ الشعوب العربية والاسلامية او على الاقل، بعد تجربة، لن يكون صاحب نظرية اسرائيل على حق. لو اكلت مالك و حتى لو اعتدت عليك صباح مساء واختزلت من سياداتك. انا باعتقادي على الفلسطينيين هذه المرة- خاصة انه ليس لديهم ما يخسروه- أن يراهنوا على ترامب وأن يلقوا الكرة بين يديه. لعله يأتي بما لم يأت به السابقون. ولعله بما انه لن يكون بحاجة الى الصوت اليهودي يقدم شيئا يغير به التوقعات ويقلب فيه المسلمات.