الكاتب: عواد الجعفري
"أسوشيتد برس" أو "أ ب"، كما تعرف اختصاراً، وكالة عالمية معروفة، لكنها أقل شهرة من "رويترز" ووكالة الأنباء الفرنسية " أ ف ب".
هي تقول عن نفسها في موقعها الإلكتروني إن 4 مليارات إنسان يشاهدون أخبارها كل يوم، لكن ميزة هذه الوكالة من وجهة نظرنا أنها أميركية، وأنها المصدر الرئيسي للأخبار لآلاف وسائل الإعلام في الولايات المتحدة.
المعروف عن هذه الوكالة أنها لم تكن يوماً نصيراً للفلسطينيين، بل على العكس من ذلك كانت متحيزة لمصلحة الإسرائيليين والاحتلال.
على سبيل المثال، وجدت دراسة نشرتها جامعة كليمسون بولاية ساوث كارولينا الأميركية أن تغطية هذه الوكالة بالإضافة إلى تغطية صحيفة "نيويورك تايمز" للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال الحرب الإسرائيلية الثانية على لبنان عام 2006، كانت متحيزة ومؤيدة لإسرائيل، وذلك عبر شرعنة عمليات القتل الإسرائيلية وإدانة عمليات القتل الفلسطينية، وتميزت الوكالة بأنها أعطت مساحة أكبر لإسرائيل.
هل يمكن بعد ذلك القول إن الوكالة تناصر الفلسطينيين؟ بالطبع لا.
شبكات التواصل محت كثيراً من الحدود. في السابق كانت الوكالات تقدم الأخبار والصور لوسائل الإعلام لتقدمها الأخيرة للجمهور، أي أنها (الوكالات) تظل في الخلف ولا تحتك بالجمهور. اليوم لدى وكالة "أ ب" حساب على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) يتابعه حوالى 16 مليون شخص.
تنشر الوكالة بانتظام أخباراً عن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهلنا في قطاع غزة، إذ
إن جرائم الاحتلال الإسرائيلي لم تترك مساحة حتى لأقرب المقربين لها. الشمس لا تغطى بالغربال.
كلما نشرت الوكالة عن أطفال فلسطينيين قتلتهم الجيش الإسرائيلي، هب أنصار الاحتلال ليصبوا جام غضبهم على الوكالة تارة، ويحرفون النقاش تارة أخرى، ويختلقون مبررات لم تخطر حتى ببال جيش الاحتلال تارة ثالثة.
مثلا، نشرت الوكالة قصة الزوجين من عائلة أبو عنزة اللذين انتظرا 10 سنوات لكي ينجبا. أكرمهما الله بتوأم البنت وسام والابن نعيم. جاءا إلى الدنيا بعد أسبوع من اندلاع الحرب. غارة إسرائيلية على رفح قتلت في مارس الماضي الزوج والطفلين الرضيعين وغيرهم وبقيت الحسرة مع الأم الأرملة. قصة في منتهى القسوة تظهر بشاعة الاحتلال وجرائمه في غزة.
انهالت تعليقات مؤيدي الاحتلال على القصة المنشورة على حساب الوكالة في منصة "إكس". وكلها تقريباً تعليقات تكرر نفسها وتسوق المزاعم المعروفة: "حماس تستخدم الأطفال دروعاً بشرية، هذه القصة مصممة لإثارة الكراهية ضد إسرائيل، دعاية، أكاذيب، الفلسطينيون يقتلون أطفالهم، أطلقوا سراح الرهائن". في النهاية الوكالة حذفت القصة من "إكس" وأبقت عليها على موقعها.
وإذا ما تتبع المرء حساب الوكالة تجد التعليقات على أي موضوع كان قليلة لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، لكن أي قصة من غزة تجذب المئات إن لم يكن الآلاف من أنصار إسرائيل، ويتكرر ما حدث لمأساة التوأم ووالدهما، ويتكرر الأمر مع وسائل إعلام أخرى وشخصيات أخرى. وبالطبع من لديه ضمير أي يقف في وجههم وهذا ما يحدث كثيراً.
إسرائيل ومن معها لا يكتفون بقتل الفلسطينيين واللبنانيين، بل يسعون بكل قوة إلى محو ذكراهم ومنع أي تعاطف معهم، حتى ولو كان الأمر مجرد خبر تنشره وكالة.
في السياسة، قد تختلف مع أي جهة أو أي حزب وربما تتخذه عدوا وتخوض حربا ضده، لكن يبقى هناك حد من الإنسانية، خاصة عندما يكون الضحايا أطفال عمرهم أيام وشهور ولم يروا من الدنيا سوى قنابل إسرائيل ونارها. الواضح أنه ولا ذرة إنسانية لدى هؤلاء.