الكاتب: حمادة فراعنة
حمادة فراعنة
أن يصل صاروخ باليستي أرض أرض من لبنان إلى تل أبيب، هذا يعني أن قدرات حزب الله، ما زالت متوفرة، وأن هذا الصاروخ ليس الوحيد الذي صادف وجوده وتوفره لدى الفصيل المقاوم، و لن يكون الأخير و ليس اليتيم الذي تمكن من الوصول لهدفه المحدد.
لا شك أن لبنان سيدفع ثمن هذا القصف الذي ترك آثاراً مادية تدميرية موجعة، حتى ولو كانت نتائجه مقتصرة على المس بعدد متواضع من البشر، ولكنه ترك أثراً بالغاً على معنويات الإسرائيليين ونفسياتهم.
ويبدو أن حزب الله، لم يكن غافلاً عن اختيار التوقيت بعد منتصف الليل، حيث تكون المنطقة المستهدفة قد خلت من النشاط التجاري والتحرك البشري، حتى لا تصيب أعداداً من المدنيين، وأن الصاروخ بنوعيته وزمان إطلاقه وموقع إصابته، بمثابة رسالة متعددة العناوين، قد أرسلت للمجتمع الإسرائيلي، تعكس قدرات حزب الله والإمكانات المتوفرة لديه وانه قادر على تكرارها.
لقد سبق وقلت أن حزب الله بشكل خاص، والشعب اللبناني بشكل عام، لم يعودوا مجرد متضامنين مع الشعب الفلسطيني، بل تحولوا الى شركاء في الدم، في الواقع، وعبر تقديم التضحيات البشرية، و الخسائر المادية، وبذلك ارتكبت المستعمرة حماقة، حتى ولو أثبتت قدرتها على خوض المعركة على عدة جبهات في فلسطين ولبنان وسوريا.
نتنياهو له رغبة، له مصلحة بتوسيع جبهة المواجهة لتكون خارج فلسطين بهدف :أولاً توحيد المجتمع الإسرائيلي من خلفه. ثانياً تأجيل محاكمته حتى تفقد أهميتها ودوافعها تحت حجة أنه في حالة حرب. ثالثاً حتى يُرغم الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية ، وتتورط معه باعتباره يدافع عنهم وفي مقدمة صفوفهم في مواجهة إيران وروسيا والصين وأدواتهم فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، كما تبجح بذلك أمام الكونغرس الأميركي يوم 24 تموز يوليو 2024.
واخيرا صاروخ حزب الله إلى تل أبيب حمل معه رسالة سياسية، تتضمن الرد اللبناني على ورقة وقف إطلاق النار الأميركية الإسرائيلية التي سلمتها السفيرة الأميركية ليزا جونسون لرئيس مجلس النواب نزيه بري في بيروت، وحملت مضامين فرض الإذعان الإسرائيلي الأميركي على حزب الله، وعلى الأمن الوطني اللبناني، وإبعاد قواعد وخلايا حزب الله ووجوده إلى ما بعد نهر الليطاني، والتدخل بالشأن الداخلي اللبناني حول نزع سلاح حزب الله، وتحريض الدولة اللبنانية ضده، أو محاولة إيجاد ثغرة خلاف وتباين، بين الحزب والدولة.
لم يتعود الإسرائيليون على هذا القصف منذ صواريخ صدام حسين عام 1991، ولذلك بقوا طوال الليل يعملون على وقف النيران المشتعلة، ومحاولة إزالة آثار الدمار أو تخفيف تبعاتها، وتضييق مظاهرها المحلية، لعل مجتمعهم المدني الاسرائيلي يُدرك حجم المعاناة الفلسطينية واللبنانية بسبب القصف الإسرائيلي المتعمد لأحياء المدنيين ومساكنهم ومؤسساتهم، وتدمير ثلثي قطاع غزة، وأحياء من بيروت والنبطية ومناطق في شرق وجنوب لبنان، مخلفاً الآلاف من الشهداء والجرحى اللبنانيين، وعشرات الآلاف أمثالهم من الفلسطينيين.