الكاتب: السفير حكمت عجوري
المقاومة يا ابطال محيم جنين حق مشروع لاي شعب تحت الاحتلال وهذا الحق اقرته الشرعية الدولية ولكن الطخطخة والفلتان الامني والتنمر والخروج عن القانون ليس مقاومة وانما جريمة انسانية واخلاقية لما تتسبب فيه من تهديد للسلم الاهلي وتهديد للمقاومين الشرفاء وكشفهم وتعريض حياتهم للخطر وبالتالي وأد للمقاومة الوطنية في المهد.
الاحتلال الصهيوني لفلسطين صنعه الاستعمار الغربي لحماية مصالحه وما زال يمده بكل اسباب الحياة والقوة ومكنه من امتلاك السلاح النووي في ستينات القرن الماضي لردع كل دول الجوار وتصبح بلطجي المنطقة ويصل نفوذها كما قال شارون الى المدى الذي تصل اليه طائراتها، وبسبب سيطرة الحركة الصهيونية على البنوك والمال والاعلام في عالم الغرب وتحديدا امريكا اصبحت الصهيونية تسيطر على الكثير من مفاصل الحياة في معظم دول العالم الغربي وعلى راسها السياسة الخارجية لهذه الدول وبسبب هذه السيطرة تمكنت اسرائيل من سن قوانينها وفرضتها على هذا الجزء من العالم وهي قوانين لتحصين كيانها وحمايته من المحاسبة بسبب ما ترتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بذريعة انه دفاع عن النفس.
من هذه القوانين تجريم التنكر للمحرقة النازية وتجريم العداء للسامية الذي اصبح يتضمن تجريم من ينتقد ما ترتكبه اسرائيل من جرائم مع ان ما يحصل في غزة يعتبر من ابشع حروب الابادة والتطهير العرقي التي شهدها التاريخ لمعاصر ومع ذلك فهي ما زالت ترتكبها وعلى مدار اكثر من 440 يوم وعلى مشهد ومرأى العالم كله مع انها تفوقت ببشاعتها على المحرقة النازية ليس ذلك فقط وانما ايضا بدعم من العديد من دول الغرب الوازنة وعلى راسها امريكا بحجة ان ما تفعله اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال هو دفاع عن النفس مع انه ضد شعب تحت احتلالها وهو ما يتنافى مع كل الشرائع الدينية والدنيوية اضافة الى ان الفلسطينيين هم الساميون الاقحاح وليس يهود الخزر الذين يحكمون اسرائيل.
السابع من اكتوبر وعلى ذمة من خطط له لم يكن بهدف لتحرير فلسطين وانما بهدف لتحرير اسرانا وهذا لا ننكر بانه فعل نبيل لو فعلا حصل وتم فعلا تبييض السجون كما زعم من خطط له ولكن ما تسبب به من دمار للبشر والحجر فاق قدرة البشر على فهم معنى الدمار لدرجة ان اسرانا وهم تيجان على رؤوسنا اصبحوا يطالبون بوقف الدمار ووقف خطة الافراج عنهم لان اسرهم في الاساس هو ثمن مقايضة حريتهم مقابل حياة شعبهم وعليه فهم لم ولن يقبلوا بمقايضة حريتهم مقابل ابادة شعبهم وتدمير وطنهم.
ما يحصل في غزة بعد السابع من اكتوبر يثبت ان القرار الحمساوي كان غير محسوب بل ومتهور بدليل انه حقق عكس كل ما اراده تماما حيث تم اعتقال اكثر من عشرة الاف فلسطيني وتسبب بقتل وجرح حوالي 150 الف معظمهم من النساء والاطفال اضافة الى ان السابع من اكتوبر اتضح انه كان طوق نجاة لنتنياهو من السجن بسبب جرائمه الاربعة وبسببه تحول من مجرم بحق اليهود الى ملك عليهم.
السابع من اكتوبر الذي اعتقدنا انه اكبر هزيمة لاسرائيل اصبح بداية تاريخ تحقيق الحركة الصهيونية لحلمها الاستراتيجي في اقامة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل بعد ان دمر اخر قلعة مقاومة في الجوار وهي حزب الله كما وان نتنياهو استغل صمت العالم ووقوف امريكا الاعمى الى جانبه وعدد من الدول الغربية الوازنة وعلى مدار اكثر من اربعة عشر شهرا من مذابح في غزة بحجة الدفاع عن النفس كل ذلك مكن النتن من الانتقال الى سوريا تحت نفس الذريعة في الدفاع عن النفس و محاربة الارهاب الذي هو صاحبه وصانعه وقام بتدمير اخر جيش طوق عربي في المنطقة وعن بكرة ابيه وهو الجيش السوري وصار حلم الفاشيين في اسرائيل تدمير الضفة الفلسطينية كآخر قلعة في طريقهم الى الفرات.
كل ما سبق يقودني الى حقيقة لم يعد بالامكان اخفائها وهي ان حركة حماس هي حركة اخوانية يقودها هواة في السياسة وهواة في المقاومة وفشلة في الحكم كونها تاسست اصلا من اجل تدمير المشروع الوطني الفلسطيني حيث بدأت مسيرتها بعمليات انتحارية تحت مسمى الاستشهاد في تسعينات القرن الماضي وذلك خدمة لاهداف غير فلسطينية وانما اخوانية بدليل ان قادتها ومنهم الزهار اقروا بان فلسطين لا تعني لحماس اكثر من سواك اسنان.
السابع من اكتوبر كان يعلم به نتنياهو من خلال الاتصالات السرية التي كانت تتم بينه وبين المرحوم يحيى السنوار وهذه ليست سرا وقد تكشفت للملأ في ابريل سنة 2022 في الاعلام الصهيوني وفي الاعلام الحمساوي حتى ان الزهار في حينه طالب بفتح تحقيق في موضوع هذه الاتصالات اضافة الى ان كل قادة حماس في الخارج اقروا واعترفوا بانهم لم يكونوا على علم بمخطط السابع من اكتوبر اضافة الى ان قادة جيش الاحتلال وقادة الامن اقروا هم ايضا بانهم حذروا نتنياهو بما سوف يحصل في ذلك اليوم الا انه لم يهتم بتلك التحذيرات لانه كان بانتظارها على احر من الجمر كهدية من السماء تنقذه من ازمته الداخلية التي كادت ان تطيح به وتدخله السجن وخصوصا بعد محاولته الفاشلة لاحتواء القضاء .
العلاقة بين حماس واليمين الصهيوني تعود الى اول عملية انتحارية قامت بها حماس في تسعينات القرن الماضي لتدمير اي امكانية لاي اتفاق يؤسس لدولة فلسطينية مستقلة بين منظمة التحرير وحكومة حزب العمل وهو تماما ما كان يعمل عليه نتنياهو حثيثا وهو ما ذكره في كتابه مكان تحت الشمس والذي حرض فيه على الاتفاق وعلى رابين وادى الى اغتيال رابين.
انقلاب حماس على الشرعية وخطف غزة سنة 2007 كان خدمة لهدف استراتيجي لشارون بفصل غزة عن باقي جسدها الفلسطيني بدليل انسحابه احادي الجانب منها قبل الانقلاب بسنتين وتبع ذلك الاتصالات السرية بين السنوار ونتنياهو انفة الذكر والتي لا نعلم عن محتواها ولم نعلم الا بعد ان كشف لنا السابع من اكتوبروتداعياته عن كل ما نحن بصدده.
ما سبق يقودني الى ان ما يحصل في مخيم جنين بتخطيط من حماس وبتمويل ايراني لا هدف له غير هدم المعبد على من فيه في الضفة بعد ان تم هدمه في غزة وتدمير اي امكانية لاقامة دولة فلسطينية على اعتبار انها لن تكون لا حمساوية ولا اخوانية وانما ستكون دولة ديمقراطية علمانية لكل مواطنيها وبكل طوائفهم .
ايران بعد ان فقدت كل اذرعها في الجوار لم يبق لها غير الضفة الفلسطينية وهي لا تريد بذلك خيرا لفسطين وانما محاولة تثبيت الرقم الايراني في معادلة صراعها من اجل السيطرة على المنطقة او على الاقل اقتسام النفوذ فيها مع القوى الاخرى اسرائيل وتركيا.
في حرب الثمان سنوات بين صدام حسين وايران اسرائيل كانت الدولة الوحيدة التي كانت تمد ايران بالسلاح بهدف تدمير الجيش العراقي وفي حرب الاحتلال الامريكي للعراق سنة 2003 انقذت ايران قوات الحلفاء من تكبد خسائر فادحة بان فتحت اراضيها للحلفاء للالتفاف على القوات العراقية في معركة ام قصر وهذا باعتراف الرئيس الايراني خاتمي في مذكراته .
الموقف الايراني المعلن ضد اسرائيل هو عامل الجذب الاساسي لكل ضحايا الحركة الصهيونية وكيانها من فلسطينيين وعرب ولكن الموقف الحقيقي وغير المعلن هو عكس ذلك تماما وهو ان ايران كدولة كبرى في المنطقة تبقى مصلحتها فوق كل اعتبار ومصلحة ايران ليست التشيع ولا فلسطين وانما اعادة مجد امبراطورية الفرس ولن يثنيها عن ذلك اي مصلحة اخرى وبالتالي فهي تعمل على تقديم القرابين من العرب لكسب الزمن حتى تمتلك سلاح الردع النووي .
المقاومة يا ابطال مخيم جنين وكما ذكرت في اكثر من موقع ومقال هي علم التحرير الذي له شروطه وله وقوانينه وعلى راسها ضمان حماية الجبهة الداخلية وحماية المدنيين كبيئة حاضنة للمقاومة وللمقاومين وتامين الجوارالوطني المساند كملاذ آمن وضمان استمرار ادوات المقاومة من سلاح وعتاد وما غير ذلك يعتبر انتحار وشتان ما بين المقاومة والانتحار الذي يمارسه بعض الاخوة المضللين في مخيمكم و باقي المخيمات ويحرض عليه الخارجين عن القانون وبتمويل ايراني.
ختاما اقول بان احهزة الامن الفلسطينية اسسها الراحل الشهيد عرفات لتكون الدرع الحامي لجبهتنا الداخلية وتعزيز صمود شعبنا على ارضه وهذا اعلى درجات المقاومة واكمل المسيرة بعده الوفي للعهد و اخر الاباء المؤسسين الرئيس ابومازن ولا هدف لهذه الاجهزة غير ذلك خصوصا في زمن الانهيار العربي وزمن التطبيع الابراهيمي.