الكاتب: عواد الجعفري
رقص أطفال غزة الموجوعين على أنغام أغنية عربية في عز حرب الإبادة على القطاع. لقد وجدوا فيها مساحة يهربون إليها من الموت والقصف والجوع وألم الفقدان الذي لا يتوقف.
الأغنية وجدت انتشاراً لا بأس به على تطبيق "تيك توك". الفنان صاحب الأغنية لم يكلف نفسه التعليق على الأمر، لا من ناحية توجيه رسالة لأهل غزة بأنهم ليسوا وحدهم، ولا حتى لتحقيق مكسب دعائي.
العبرة أن الفنانين العرب لم يدعموا غزة، إلا قليلا، ولا يتحلون حتى بأقل القليل من الذكاء والفطنة.
الغالبية العظمى منهم كتبوا وأطلقوا تصريحات من قبيل رفع العتب، عندما كانت الحرب على غزة "قصة ساخنة"، وانصرفوا عنها بعد ذلك، لأنها من وجهة نظرهم لا تحقق أي مكسب، فضلا عن أنها قد تلحق بهم "خسارة" كما يظنون. الحرب على غزة لم تنته بعد لكن الذي انتهى هو الاهتمام.
لم يقدم أي فنان عربي على زيارة غزة، وأقصى ما فعله حفنة من الفنانين المصريين هو الذهاب إلى معبر رفح، وذلك قبل أن تسيطر إسرائيل على الجانب الآخر منه. إن الشخصية العربية الوحيدة التي زارت غزة هي وزيرة خليجية وعدد محدود من الأطباء.
لم يفكر أي فنان عربي بأن يرافق بعثة دولية تدخل لغزة، ويجول ولو لساعات في غزة ينشر فيها أملا وسعادة بين الناس المكلومين. تلك ستكون "ضربة معلم" إعلامية لأي فنان، لكن كما قلنا فلا خيال لدى هؤلاء الذين يسرق بعضهم أعمالا أجنبية بلا أي حياء.
إلى لبنان، ذلك البلد العامر بالفنانين والفنانات. أشهر هؤلاء تجاوزوا الستين من عمرهم وجمعوا الملايين من الدولارات، أي أنهم يجب أن يحالوا إلى التقاعد إذ إن مستقبلهم أصبح خلفهم.
هؤلاء لم يوقفوا حفلاتهم في ظل الحرب الضروس على بلادهم التي استمرت شهرين. لماذا كل هذا اللهاث وراء المال؟ ألم تتجاوزوا الستين من العمر؟ ألم تجمعوا عشرات الملايين من الدولارات؟ ألا يستحق وطنكم القليل من دعمكم؟
وتبريراتهم سقطت أمام الواقع، فإن كانت الحفلات كما يزعمون مرتبطة بعقود منذ فترة طويلة (تبرير غير مقنع في ظل تأجيل البعض لحفلاته)، فلماذا لم يقدموا على أي مبادرة؟ لماذا لم يزوروا وطنهم في ظل محنته؟ لو أطلق واحد منهم حملة دعم للنازحين لكسب العقول والقلوب، ومرة أخرى هؤلاء يفتقرون لكل شيء حتى الذكاء.
إلى سوريا، حيث وقف الغالبية العظمى من الفنانين مع واحد من أبشع الأنظمة في التاريخ الحديث. أتتصورون فنانا يزعم الحق والحرية وهو يدعم نظاماً يقوم على الجماجم؟ لم يقف مع شعب سوريا من فنانيها سوى عدد محدود، أما البقية فبقيت مع النظام، ومع سقوطه تصاعدت التبريرات، لكن بعضها كان مضحكا، لدرجة أن "فنانة مشهورة" عملت (Copy+ Paste) لموقف "فنان آخر مشهور" لتبرر موقفها.
حسناً، إن كنت تؤيد النظام أيّده حتى النهاية، حتى بعدما ينفض الجمع من حوله، لكن هيهات أن يفعل هؤلاء، فهم مع مصلحتهم وأبرزها الشهرة.
المضحك في الأمر أن بعضهم بدأ ينافق العهد الجديد في سوريا ويؤيده، كما كان يؤيد النظام السابق، والأيام كفيلة بفضح تلونهم.
نقولها مرة أخرى إن هؤلاء الفنانين بلا أدنى ذكاء، فلم يزر أحد منهم اللاجئين السوريين طوال سنوات الحرب باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
في المقابل، زارت الممثلة الأميركية الشهيرة، أنجيلينا جولي مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، وهي صاحبة شهرة تفوق كل شهرة الفنانات العربيات مجتمعات.
إن الأهم من كل ما سبق هو الجمهور، إنه الفيصل في نبذ هؤلاء أو عدم منحهم أي فرصة بالفوز والشهرة، فهم ما أن يصحبوا أثرياء ومشاهير فلن يلتفتوا إلى معاناتكم.