السبت: 04/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

أحداث جنين وأجندة قيام دولة فلسطينية مستقلة

نشر بتاريخ: 01/01/2025 ( آخر تحديث: 01/01/2025 الساعة: 14:20 )

الكاتب:

زينب حمارشة

أصبح الدعم الدولي لفكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى، وذلك مع تزايد الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية بعد أحداث السابع من أكتوبر وما تبعه أيضًا من صراعات في دول المنطقة بالشرق الأوسط، أصبح من الواضح أن العالم أصبح أكثر اهتمامًا بحل القضية الفلسطينية وتحقيق حلم الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة. لكن السؤال الذي يطرحه العديد من المراقبين هو: هل الأحداث في جنين تضر بهذه الأجندة؟

المشاكل الداخلية: تهديد لوحدة الهدف الفلسطيني

تعد المشاكل الداخلية الفلسطينية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني في سعيه لإقامة دولة مستقلة. الأحداث الأخيرة في جنين، والتي شملت صراعات عسكرية ومواجهات بين السلطه الفلسطينيه وبين ما تسميهم خارجين عن القانون في المخيمات من فصائل فلسطينيه أخرى، تمثل جزءًا من هذه المشاكل الداخلية. فهذه الصراعات تعكس حالة من عدم الاستقرار الداخلي الذي يعزز الانقسامات بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية.

إذا كانت الفصائل الفلسطينية غير قادرة على التوصل إلى اتفاقات وحلول مشتركة، فإن ذلك سيبقى حجر عثرة أمام تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة. فالعالم لن يرى في فلسطين كدولة قابلة للحياة إلا إذا كانت هناك حكومة موحدة ومتماسكة تستطيع تقديم الخدمات الأساسية لشعبها وحل مشكلاته الداخلية. بغياب هذه الوحدة، يصبح من الصعب على المجتمع الدولي دعم فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة، حيث يشير عدم الاستقرار الداخلي إلى عدم القدرة على إدارة دولة بشكل فعال.

أوضاع المخيمات الفلسطينية: تدهور مستمر يعمق الأزمة

أوضاع المخيمات الفلسطينية في مناطق مثل جنين من أسوأ الظروف التي يعيشها الفلسطينيون. مع تدمير البنية التحتية نتيجة للصراعات المستمرة، أصبح من المستحيل تقريبا تحسين حياة المواطنين في هذه المخيمات. وتضاف إلى هذه الظروف الاقتصادية الصعبة مشاكل أخرى مثل نقص الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر.

تسهم الأحداث في جنين بشكل خاص في تفاقم هذه الأوضاع. فالتدمير المتواصل للبنية التحتية وزيادة حدة الصراعات داخل المخيمات يعمقان من معاناة السكان. في ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب على الشعب الفلسطيني أن يحلم بإقامة دولة مستقلة مع توفير حياة كريمة لجميع مواطنيه. كما أن هذه الأحداث تؤثر سلبًا على صورة فلسطين في الخارج، حيث يربط الكثيرون بين هذه الفوضى الداخلية وبين غياب القدرة على إدارة دولة مستقلة.

مخاوف الغرب من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط

بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة، بما في ذلك الانقلاب والأحداث في سوريا، بدأت دول أوروبا والمجتمع الدولي بشكل عام في إظهار مخاوف متزايدة من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. هذه المخاوف جعلت بعض الدول تراجع دعمها السياسي والاقتصادي للفكرة الفلسطينية، خاصة في ظل ما يحدث في جنين والمناطق الفلسطينية الأخرى.

العالم ينظر إلى فلسطين كدولة محتملة، ولكن في نفس الوقت، فإن الصراعات الداخلية والهجمات المتبادلة بين الفصائل تضر بسمعة فلسطين، وتزيد من المخاوف من أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية غير مستقرة. هذه الصورة السلبية تؤثر في نظرة العالم لفلسطين كدولة قابلة للحياة، ويؤثر بشكل كبير على الدعم الدولي الذي يمكن أن تحصل عليه القضية الفلسطينية.

يمكن القول إن الأحداث في جنين تضر بأجندة قيام دولة فلسطينية مستقلة. فالمشاكل الداخلية الفلسطينية والانقسامات بين الفصائل تضعف الجبهة الداخلية، بينما تعمق الأوضاع الصعبة في المخيمات الفلسطينية من معاناة الشعب وتقلل من فرص تحسين الحياة اليومية. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الأحداث تؤثر سلبًا على صورة فلسطين في الخارج، مما يجعل من الصعب على المجتمع الدولي دعم فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة. لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تنتهج القيادة الفلسطينية سياسة الوحدة الداخلية والتركيز على بناء مؤسسات قوية ومستقرة تضمن مستقبلًا أفضل للفلسطينيين وتدعم نضالهم من أجل إقامة دولتهم المستقلة.