الأحد: 05/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

وحدة البرنامج الفلسطيني ستفشل مشروع الشرق الأوسط الجديد

نشر بتاريخ: 02/01/2025 ( آخر تحديث: 02/01/2025 الساعة: 12:21 )

الكاتب: د. محمد عودة

إن محاولة إعادة ترتيب موازين القوى ورسم خريطة سياسية مختلفة للمنطقة وعلى أساس الهيمنة الاستعمارية الصهيونية اقتضت كل هذه المشاركة الغربية خاصة الامريكية في العدوان على شعوب المنطقة من اجل اضعاف أي قوى قد تشكل عقبة امام تلك الهيمنة الصهيونية، كانت المشاركة بالحماية في المؤسسات الدولية حينا وبالتدخل المباشر عبر الجسور الجوية والبحرية لنقل الأسلحة والذخائر الى إسرائيل في كل الأحيان غير آبه بتحذيرات المؤسسات الدولية بان إسرائيل تمارس الإبادة الجماعية، فالشرق الأوسط الجديد ليس هدفا إسرائيليا جديدا.

وقف بيبي نتنياهو على منصة الأمم المتحدة حاملا خريطتين شملت الأولى مناطق تكتسي باللون الأخضر للدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل أو تخوض مفاوضات لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وضمت مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن، اما الخريطة الأخرى فقد شملت مناطق صبغت باللون الأسود، وسماها نتنياهو "الملعونة"، وضمت إيران وحلفاءها في المنطقة؛ سوريا والعراق واليمن وكذلك لبنان.

ومن اجل انجاز مشروع الشرق الأوسط الجديد فتحت إسرائيل في آن واحد معارك متفاوتة على كل الجبهات المشار اليها باللون الأسود في الخريطة الثانية حيث تزامن مع عرض الخرائط والحرب الضروس التي تُشن على كل الجبهات التصريحات المتطرفة داخل الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، مما اثار مخاوف البعض من التطلعات التوسعية نحو ما يُعرف بإسرائيل الكبرى وفي هذا السياق حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الطموحات التوسعية الإسرائيلية وقال سيطمعون في أراضي وطنناً بين دجلة والفرات ويعلنون صراحة من خلال خرائط يلتقطون الصور أمامها أنهم لن يكتفوا بغزة.

وامام التطورات على جبهة الشمال خاصة ما له علاقة بإضعاف قدرات حزب الله الى اقصى حد ممكن ونشر قوات إسرائيلية في الجنوب على مساحات تعدت كثيرا أماكن تواجد هذه القوات عشية اتفاق الهدنة مما قد يُحول تواجد هذه القوات الى تواجد دائم قد يصل مستقبلا الى نهر الليطاني. ما الجزء الآخر من الجبهة الشمالية والمرتبط بسوريا فإن تسارع الاحداث وسرعة سقوط الدولة السورية اعطى نتنياهو فرصة ذهبية سمحت بصيد ثمين تمثل في تدمير الجزء الأكبر من قدرات ومقدرات الجيش السوري حيث وحسب تصريحات المصادر المطلعة فقد شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية دمرت خلالها المعدات التي امتلكها الجيش السوري على مدى عقود، من جهة أُخرى واثناء انشغال العالم بما يحصل في دمشق توسع الجيش الإسرائيلي في مناطق جنوب سوريا خاصة الجولان مما جعل دمشق العاصمة ساقطة عسكريا.

وهكذا تكون إسرائيل قد حيدت جبهتين رئيسيتين واضعفت الجبهة الثالثة وهي قطاع غزة الى ابعد الحدود عبر القتل الممنهج والتدمير المدروس للمباني والبنى التحتية مما سيعقد إعادة الحياة الطبيعية الى غزة في حال التوصل الى هدنه بغض النظر عن نوعها وهنا سيكون اهل غزة امام خيارين، إما الموت من الجوع والاوبئة او الهجرة الطوعية في ظاهرها والقصرية في جوهرها.

اما في الضفة الغربية فان إسرائيل لا تخفي نواياها بشأن تمديد مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية وأعلنت وبشكل صريح عن نيتها مضاعفة عدد المستوطنين إلى مليون معتمدين على وعود لمريم اديلسون من قبل دونالد ترامب تسمح لإسرائيل بضم مساحات من الضفة الغربية ويشار الى ان هناك عدد من الوزراء في الحكومة اليمينية الإسرائيلية لا يؤمنون بحل الدولتين غير آبهين باتساع رقعة الانتقادات العربية والدولية.

من جانب آخر وبعيدا عن جبهات الصراع العسكري هناك جبهة لا تقل أهمية وهي جبهة التطبيع التي توقف قطارها نتيجة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حيث تمارس أمريكا ضغوطا على دول عدة أهمها السعودية للقبول بالتطبيع مع إسرائيل مقابل السماح ببناء مفاعل نووي سلمي ووعد امريكي إسرائيلي بتوفير حماية للسعودية امام أي خطر خارجي (المقصود إيران) الا ان السعودية تصر على ربط التطبيع بإيجاد دولة فلسطينية وتجسيدها على الأرض.

من العقبات التي تواجه مشروع الشرق الأوسط ضمن الرؤيا الإسرائيلية الموقف المصري الذي وعبر قدرات مصر العسكرية ومكانتها الدولية سيمنع تنفيذ الشق المرتبط بالتوسع الإسرائيلي تجاه الأراضي المصرية، اما العقبات الأخرى فلا زال اليمن يشكل تهديد جدي للكيان من خلال ما تقوم به من مهاجمة العمق الصهيوني وصعوبة السيطرة على اليمن حيث فشل الغزاة عبر التاريخ في اخضاع الشعب اليمني.

اما سوريا فرغم الوضع الداخلي الصعب وتعدد الاجندات بين فصائل المعارضة فليس مضمونا ان يبقى الوضع الذي أعلن عنه غير قائد سوري على ما هو علية من حياد تجاه إسرائيل. فالشعب السوري الذي دفع الكثير لن يتوانى عن محاسبة أي متنازل عن الأراضي السورية المحتلة ثم ان الكثير من الفصائل قد تجد ضالتها في إيجاد حلفاء في العراق ولبنان وربما الأردن مما سيضع إسرائيل امام محيد إسلامي معادي على عكس ما كان عليه وضع الأنظمة.

اما العامل الأهم في افشال المشروع الصهيوني فهو العامل الفلسطيني الذي يتحد في رفض التنازل عن فلسطين حتى في ظل الانقسام ومع ذلك فان وحدة البرنامج الفلسطيني بما في ذلك انهاء ظاهرة الفوضى والتعدي على القانون ضرورة قصوى لهزيمة مشروع طمس وانهاء القضية الفلسطينية، وبما ان الوحدة الوطنية متعذرة فان إيجاد برنامج مشترك مع كل مكونات الشعب الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية وعلى قاعدة برنامجها السياسي سيشكل الصخرة التي ستتحطم عليها كل المشاريع واولها مشروع الشرق الأوسط الجديد وإن بدى انه يحقق تقدما ما.