الإثنين: 06/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

قناة الجزيرة وقطر وفلسطين

نشر بتاريخ: 04/01/2025 ( آخر تحديث: 04/01/2025 الساعة: 17:31 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

عنوان المقال لا يعني القفز عن باقي الدول العربية التي تضررت من تعديات قناة الجزيرة وهي الدول الممتدة من الكويت الى المغرب التي طالما عبثت الجزيرة بشؤونها الداخلية وذلك تلبية لاوامر الراعي الصهيو امريكي الحصري لهذه القناة مما اضطر هذه الدول لاغلاق مكتب هذه القناة ضمن فضائاتها الجغرافية ووقف بثها من والى هذه الدول في حينه وبدون ان تتاثر علاقات هذه الدول الرسمية بالدولة المضيفة لهذه القناة وهي الشقيقة قطر لان كل هذه الدول تعلم بانها اي قطر ليست المسؤولة عن هذه المحطة ولا عن سياساتها ولا عن ايقاظها للفتنة في تلك الدول التي من المفترض انها دول شقيقة لدولة قطر.

قطر دولة عربية صغيرة جغرافيا ولكن الله مَنَ عليها بخير وفير يكفي لدول وليس لدولة واحدة وهو ما جعلها اي قطر تشعر بعدم الامان وتتوجس خيفة من الديناصورات المرتبصة بثرواتها ليس في الجوار فقط وانما ما هو ابعد بكثير من ذلك وهو الامر الذي اجبر القائمين على امر قطر بشراء كبير لها لعله يحسسها بالامان ودفعت لهذا الكبير اثمان باهظة لحمايتها مع انها ليست بحاجة الى ذلك كونها محمية مجانا من قبل الشرعية الدولية على اعتبار انها عضو كامل العضوية في المنظمة الاممية وهو ما يجعلنا نزعم بان الحماية المقصودة هنا ليست للدولة وانما للنظام الحاكم لان لا تفسير غير ذلك لما يفعله النظام الذي بسبب ذلك حول قطر من دولة ذات سيادة الى مجرد محمية امريكية تنفذ ولا تعترض على كل ما تطلبه امريكا والان ربيبتها اسرائيل عدوة كل العرب.

الدول العظمى في المتعارف عليه هي التي تلهث وراء الدول الاخرى لتسمح لها ببناء قواعد عسكرية على اراضيها لانها عادة ما تكون قواعد لحماية مصالح تلك الدول العظمى الا ان قطر وعلى عكس ذلك هي التي استدعت امريكا وبنت لها قاعدة العيديد العسكرية الامريكية من الفها الى يائها وهو ما نوه له الرئيس ترمب في مؤتمر صحفي مشترك مع امير قطر .

هذا الكرم القطري الذي كنا نتمنى ان يكون لصالح المحتاجين من ربعها من العرب ما هو الا رشى من اجل اغراء الكبير الامريكي للحضور والاقامة (على طريقة صدر البيت لكم و العتبة لنا ) لاعتقاد خاطيء من اخواننا القطريين على ان مجرد الوجود العسكري الامريكي بكل ثقل ظل هذا الوجود الاستعماري على الارض القطرية هو مصلحة قطرية الا انه في الحقيقة حماية للمصلحة الامريكية البحتة في المنطقة وطمعا في الثروة القطرية التي طالما اسالت لعاب الرئيس الامريكي القادم ترمب وبالتالي فهو يعيدنا الى ما ذكرناه وهو ان لا مصلحة حقيقية لقطر لا كدولة ولا كشعب من هذا الوجود الامريكي بدليل ان تدمير العراق وافغانستان وربما غيرهما كان يتم من قاعدة العيديد الامريكية في قطر وهو ما يجعل من قطر دون ان تدري شريك في هذه الجرائم.

قاعدة العيديد ليست هدف هذا المقال مع انها تعتبر الوجه الاخر للعملة التي نحن بصددها وهي قناة الجزيرة التي تستضيفها قطر بحجة انها قناة تلفزيونية اعلامية قطرية مع انها في واقع الامر هي محطة اعلامية صهيو امريكية ولكن بغطاء مالي و جغرافي قطري من اجل تسويق الوجود الصهيوني في المنطقة وتثبيته وتمكينه من بث سموم الفتنة بين ابناء الشعب الواحد كما حصل في فلسطين منذ قيام السلطة والى يومنا هذا استجابة لطلبات صهيون بصفته وكيل اعمال امريكا في المنطقة وهو ما حصل ايضا في معظم الدول العربية التي تم تفتيتها بسبب هذه السموم تمهيدا للسيطرة الصهيونية على المنطقة فيما عرف جزافا بالربيع العربي خدمة لمشروع صهيون الاستراتيجي في توسيع دولة الكيان من الفرات الى النيل .

ما سبق يجعلني ازعم بان قناة الجزيرة الاعلامية هي الوجه الاخر لقاعدة العيديد العسكرية الامريكية حيث ان الجزيرة تدمر بالكلمة وصناعة الخبر والعيديد بالسلاح والنتيجة واحدة وهي التدمير مع ان ثقافتنا العربية التي نفتخر جميعا باننا نتنمي اليها علمتنا بان كلم اللسان انكى كلم السنان وهو ما يجعل من خطورة محطة الجزيرة ربما اشد من خطورة قاعدة العيديد خصوصا وان شيمون بيريز الداهية الصهيوني في علم صناعة الخبر الكاذب وتسويق ما لا يمكن تسويقه كان ضيف شرف يوم افتتاح هذه المحطة وربما كان مشروع المحطة اصلا من اختراعه بعد ان اكتشف ان مهاجمة العرب ومحاولة زرع الفتنة بينهم من الخارج يقويهم ولا بد من ايجاد وسائل جديدة فيما بينهم لتفتتهم وكان اول ثمار ذلك هو محطة الجزيرة التي شاهدنا نتنياهو ايضا يزور مكاتبها ليطمئن على حسن صنيعها وابداعاتها في تدمير الوعي الجمعي العربي.

عندما ولدت الجزيرة في سنة 1996 باركها شيمون بيريز وعمدها بعد ذلك نتنياهو بزيارته لمكاتبها في قطر كما ذكرت الا انها ومع ذلك نجحت في جذب المشاهد العربي كونه كان متعطش لسماع الخبر غير المزيف بعد ان حُرِم منه في بلاده بسبب اعلامه الموجه رسميا وقد نجحت الجزيرة في ذلك في اولى سنواتها وكسبت ثقة المشاهد مما سهل عليها بعد ذلك تنفيذ ما قامت من اجله بحذافيره وهو صناعة الخبر المسموم وتقديمه للمشاهد العربي عبر اثيرها ليثمر بعد ذلك الفتنة التي دمرت دول باكملها استجابة لرغبات كوندوليزا رايس في تسويق مشروعها الامريكي التدميري للعرب تحت مسمى الفوضى الخلاقة والذي تم تنفيذه من خلال قناة الجزيرة بجدارة وبامتياز في معظم الدول العربية التي اصبحت ايلة للسقوط بسبب تمكن الجزيرة من السيطرة على الوعي الجمعي للمشاهدين في تلك البلدان.

في افتتاحه لمونديال كرة القدم سنة 2022 اسعدنا امير قطر بالقول بان قطرهي بلاد كل العرب الا ان الجزيرة وللاسف ابت الاان تثبت عدم صحة هذا القول و بسبب تعدياتها حولت قطر الى عدو لكل العرب على اعتبار انها الدولة المالكة للقناة جغرافيا وماليا وترخص لها البث من اراضيها خدمة لمصالح غير قطرية كما ذكرت ومع ذلك نؤكد على ان قطر هي المسؤول الاول اخلاقيا عن هذه القناة وفي هذا السياق لا بد من التذكير بان قطر دولة من زجاح وربما اهش بكثير من شقيقاتها العربية اللواتي تستهدفهن قناة الجزيرة وخصوصا في مجالي حقوق الانسان والديمقراطية.

من كل ما سبق ما يعنيني اكثر هو القرار الذي اتخذته السلطة الوطنية الفلسطينية باغلاق مكتب الجزيرة ووقف بثها ضمن ولايتها الضيقة جدا في فلسطين بسبب الاحتلال الذي وبدون شك سيمكن الجزيرة من الالتفاف على قرار السلطة .

ومع ذلك اؤكد على ان قرار السلطة مثمن حتى وان جاء متأخرا حيث كان من المفروض ان تغلق الجزيرة في فلسطين منذ الساعة الاولى لانقلاب حماس سنة 2007 والانقسام الذي تسبب فيه والذي سخرت له الجزيرة كل امكانياتها بما في ذلك امكانيات قطر الدولة من اجل فصل غزة عن الجسد الفلسطيني خدمة لهدف استراتيجي صهيوني .

الى ما سبق اضيف بان قرار السلطة بشكله المجرد سوف يزهر ولكنه ومن اجل ان يثمر في ظل وحود الاحتلال لا بد من ان يصاحبه

أولا: عدم الظهور على شاشة الجزيرة من قبل اي مسؤول فلسطيني سياسي كان او إعلامي.

ثانيا: توفير كل الممكن للاعلام الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي من اجل لجم قناة الجزيرة وذلك من خلال نقل الخبر بكل شفافية ومصداقية خصوصا وان هدف الكل الفلسطيني هو مقاومة الاحتلال و كنسه من اجل تجسيد المشروع الوطني الفلسطيني والالتزام بكل ما تمليه الشرائع الدولية التي وان كانت عاجزة في هذه المرحلة الا انها هي افضل المتاح لتحقيق ما ذكرناه بعد ان اصبحنا وحدنا في هذه المعركة في زمن الردة العربي.