الثلاثاء: 07/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

فتح ... هل لا زالت مؤهلة لقيادة المرحلة؟

نشر بتاريخ: 06/01/2025 ( آخر تحديث: 06/01/2025 الساعة: 10:13 )

الكاتب: د.فوزي علي السمهوري



في ذكرى مرور ستون عاما على إنطلاقة حركة فتح وقيادتها للثورة الفلسطينية يبقى تساؤلات تدور في أذهان شرائح من الشعب الفلسطيني وكذلك من ابناء الشعب العربي مما دفعني للكتابة حول اهم تساؤلين :
الأول: هل حققت فتح اهدافها ؟
الثاني : هل لازالت فتح مؤهلة لقيادة المرحلة بما تحمله من تحديات ؟
للإجابة على التساؤلات بموضوعية تتطلب الا نغفل التأثيرات السياسية والجغرافية والعسكرية التي طرات على المستويين الإقليمي والدولي وإنعكاساتها على الثورة الفلسطينية التي ادت إلى تغيرات أثرت سلبا بإستثناء معركة الكرامة عام ١٩٦٨ على مسار النضال الوطني الفلسطيني بإعاقة تحقيق جميع أهداف حركة فتح العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني مفجرة الثورة الفلسطينية من عدوان حزيران ١٩٦٧ مرورا بمعركة الكرامة المجيدة واجتياح لبنان ١٩٨٢ وحرب الخليج وانهيار الإتحاد السوفياتي وحلف وارسو إلى واقع الحال من المخطط الأمريكي بضمان إخضاع منطقة الشرق الأوسط لهيمنتها ونفوذها إستباقا لولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب .
الأول: هل حققت فتح اهدافها :
للإجابة على ذلك يستدعي أيضا الوقوف على أهداف الحركة الصهيونية العنصرية المدعومة من قوى الإستعمار العالمي إلى جانب اهداف حركة فتح .
إذا كان الحكم على تحقيق الهدف الرئيس لحركة التحرير الفلسطينية "فتح" عند إنطلاقتها عام ١٩٦٥ المتمثل بتحرير فلسطين من نير إحتلال إسرائيلي إستعماري إحلالي لمساحة ٧٨ % من أرض فلسطين التاريخية وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ فالجواب لا بحكم التغيرات السياسية والجغرافية التي طرات على الدول المحيطة بفلسطين المحتلة خصيصا على الواقع الإقليمي لنتائج العدوان الإسرائيلي الذي إستهدف كل من الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والأردن في ٥/ ٦ / ١٩٦٧ بإحتلال باقي ارض فلسطين " الضفة الغربية وقطاع غزة " والجولان وسيناء وما نجم عنه من تراجع الخطاب السياسي العربي الرسمي من تحرير فلسطين لإزالة آثار العدوان .
اما أهداف الحركة الصهيونية باداتها الكيان الإسرائيلي صنيعة الدول الإستعمارية بإقامة دولة يهودية على كامل ارض فلسطين بما يعنيه ذلك من العمل على شن حروب إبادة وتطهير عرقي متدرجه وباشكال ووسائل متعددة بهدف تهجير قسري لمجموع الشعب الفلسطيني الذين ينكرون وجوده اساسا في تناقض مع التاريخ وحقيقته خارج وطنه التاريخي وإدماجه بالمحيط العربي العام كلاجئ مجرد من هويته الوطنية العربية الفلسطينية إعمالا و تجسيدا للشعار الإستعماري بأن فلسطين ارض بلا شعب أعطيت لشعب بلا ارض .
من الأهداف التي حققتها حركة فتح بقيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية وإلتفاف الشعب الفلسطيني بغالبيته الساحقة حول إستراتيجيتها النضالية نحو إنجاز المشروع الوطني بإنهاء الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية بكافة الوسائل المكفولة دوليا وفق المشروع النضال الوطني الفلسطيني الذي أقرته منظمة التحرير بمؤسساتها المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية التي تمكنت بذلك من إجهاض المخطط الإسروامريكي الرامي:
▪︎ لتهجير الشعب الفلسطيني
▪︎ وتذويب هويته الوطنية ومحوها من سجل القضايا العالمية
▪︎ شطب صفة شعب مناضل من اجل الحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس
▪︎ إسقاط حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين للتخلص من الشاهد الحي على نتائج جرائم الإبادة والتطهير العرقي التي مورست ولم تزل بحق الشعب الفلسطيني وبإستهداف لمخيمات اللجوء الفلسطيني داخل الارض المحتلة وخارجها .
ومن الاهداف التي نجحت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح أيضا بناء مؤسسات الدولة داخل اراض الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال وإعتراف ١٤٩ دولة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين كعضو مراقب وبتاييد ١٣ دولة وإمتناع دولة " الفيتو الأمريكي الذي حال دون ذلك " من أعضاء مجلس الأمن للإعتراف بدولة فلسطين بكامل الحقوق على حدود الرابع من حزيران ١٩٦٧ إضافة لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بدوراتها المتعاقبة بدعم حق الشعب الفلسطيني بالحرية وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ودعم إستمرار الاونروا للقيام بأداء عملياتها لحين حل قضية اللاجئين الفلسطينيين تنفيذا لقرار الجمعية العامة رقم ١٩٤ وصدور قرار عن محكمة العدل الدولية بعدم شرعية وقانونية الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية المحتلة ومطالبتها مجلس الأمن والجمعية العامة بالعمل على تفكيك وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وكافة التغييرات الجغرافية والديموغرافية التي مارستها سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي بالاراضي المحتلة بإنتهاك صارخ لميثاق وقرارات الأمم المتحدة ولإتفاقيات جنيف عامة والرابعة منها خاصة .
هذه النجاحات التي تحققت تعود لتبني الإستراتيجية الفلسطينية القائمة على حشد العالم بمواجهة التعنت والصلف الإسرائيلي المدعوم امريكيا وإستنادا لقوة الحق الفلسطيني المكفول دوليا بدعم عربي رسمي وشعبي وفي مقدمتها الأردن والجزائر ومصر والسعودية والكويت ومن الدول الإسلامية والإفريقية وعدم الإنحياز وكافة الدول الصديقة كروسيا والصين والدول الأوربية التي إعترفت بالدولة الفلسطينية ومن دعم شعوب العالم الحرة التي إنتفضت ولم تزل مطالبة حكوماتها وقف إنحيازها ودعمها للكيان الإسرائيلي ومنددة بجرائمه وداعمة لحق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس .
هل فتح مؤهلة لقيادة المرحلة :
ما تقدم يؤكد على أن منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح التي حققت الأهداف المذكورة أعلاه بالرغم من الفارق الهائل بميزان القوة العسكرية والإقتصادية وبالصمود والثبات على اهدافها وعدم التنازل عن الثوابت الأساسية أمام الضغوط والمؤامرات الدولية التي إستهدفت تقويض النضال الوطني الفلسطيني ومشروعيته وبحكم العلاقات الاخوية المبنية على التعاون والثقة المتبادلة مع قادة الدول العربية والإسلامية والصديقة كما مع شعوبها والقدرة على تعزيزها وتطويرها قادرة ومؤهلة لقيادة المرحلة القادمة بتحدياتها مع ما تتطلبه من :
أولا : الدعوة لعقد المؤتمر الثامن في أقرب وقت ممكن لوضع إستراتيجية عمل نضالية تتوافق وطبيعة التحديات والمتغيرات في المرحلة القادمة إقليميا ودوليا داخل الأرض المحتلة وخارجها تعمل على كافة المسارات نحو تحقيق إنجاز الهدف الرئيس بدحر الإحتلال الإسرائيلي الإستعماري وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية الصادرة منذ عام ١٩٤٧ .
ثانيا : رفع نسبة تمثيل مشاركة اقاليم الخارج إلى ما لا يقل عن ٤٠ % من أعضاء المؤتمر لأهمية التاثير العالمي بدعم نضالنا باشكاله المكفولة دوليا .
ثالثا : وضع جدول اعمال ملزم للتواصل وبناء الشراكات الفاعلة مع نظرائها من الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية في مناطق إقامتها على إمتداد دول العالم لكسب المزيد من أشكال وآليات الدعم الشعبي والرسمي للمشروع الوطني الفلسطيني نحو الحرية والإستقلال والمشاركة بفضح وتعرية الجرائم من قتل وإعتقالات تعسفية ومصادرة أراض وتدمير المنازل والممتلكات وإنتهاكات وإقتحامات لمدن وقرى فلسطينية تشكل بمجملها جرائم إبادة وتطهير عرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية .
رابعا : توثيق وتفعيل دور الجاليات الفلسطينية والعربية في تعزيز المشاركة والتواصل مع محيطها بمؤسساته ومكوناته .
خامسا : العمل على إحياء وبناء لجان وهيئات دعم حقوق ونضال الشعب الفلسطيني وتاطير العمل والتنسيق مع الفعاليات التي إنتفضت في أمريكا واوربا وباقي دول العالم دعما لفلسطين وتنديدا بإسرائيل وجرائمها وبالإنحياز الامريكي والاوربي الرسمي للعدوان الهمجي الإسرائيلي في قطاع غزة وعموم أراض فلسطين المحتلة .
ما تقدم يتطلب أيضا ضخ دماء جديدة بالمواقع القيادية تتمتع بالكفآة والقدرة على إنجاز المهام والأهداف وفق الإستراتيجية الشمولية المعتمدة على كافة الأصعدة والمستويات .
إتسمت علاقة حركة فتح ألمبنية على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الشقيقة والصديقة مما اكسبها ثقة عالية بالتعامل مع قادة العالم وهذا نهجها الذي يعبر عنه قادتها وما العلاقة الخاصة المميزة مع الأردن قيادة وشعبا إلا نموذجا .
فتح كانت وستبقى شعلة النضال الوطني الفلسطيني فقوتها ووحدتها قوة للمشروع النضالي الوطني الفلسطيني الذي لن يتوقف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى دحر الإحتلال الإسرائيلي ونيل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام ١٩٤٨ بإذن الله....؟