الخميس: 09/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الكيانية الفلسطينية المستهدفة - بين( إسرائيل) وإيران- وتحديات الوحدة الوطنية الفلسطينية ..!

نشر بتاريخ: 09/01/2025 ( آخر تحديث: 09/01/2025 الساعة: 09:39 )

الكاتب: د. عبد الرحيم جاموس

الكيانية الفلسطينية، ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) والسلطة الوطنية الفلسطينية، تواجه استهدافًا مزدوجًا ومعقدًا من إسرائيل وإيران معا .
تسعى الأولى ( اسرائيل) لتقويض المشروع الوطني الفلسطيني برمته ، بينما تدعم الثانية إيران حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي، التي تعمل بدورها على إضعاف السلطة الفلسطينية وتحدي سلطتها سواء قطاع غزة او في الضفة الغربية ، ما يهدد وحدة الفلسطينيين ويضعف قدرتهم على مواجهة التحديات المعقدة والمركبة التي تواجه نضالهم من أجل الحرية والإستقلال .
الاستهداف الإسرائيلي: رفض الكيانية الفلسطينية :
( إسرائيل)، خصوصًا في ظل حكومات اليمين المتطرف المزدوج ، تسعى إلى اضعاف و تصفية الكيانية الفلسطينية من خلال مايلي :
اولا : رفض حل الدولتين: ( إسرائيل )ترى في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تهديدًا وجوديًا لمشروعها الاستيطاني والتوسعي الذي يسعى ليشمل كامل الأراضي الفلسطينية بل قديتجاوزها إلى دول الجوار لبنان وسوريا والأردن والعراق ..الخ .
ثانيا : العمل على تعميق الانقسام الفلسطيني: تعتبر ( إسرائيل ) الانقسام الداخلي الفلسطيني فرصة و ذريعة لرفض وانعدام وجود اي "شريك فلسطيني" يمكن التفاوض معه ، ومن هنا رعت اسرائيل هذا الإنقسام وعملت على ادامته وتعميقه ، طيلة ستة عشر عاما مضت قبل ان يقع العدوان الأخير ، و قد وفرت وسهلت له بل ونقلت له الدعم المالي القطري مباشرة بواسطة السفير القطري العمادي .
ثالثا : (اسرائيل) تعمل على تقويض السلطة الفلسطينية واضعافها : تستخدم ( إسرائيل ) من اجل ذلك أدوات متعددة ، اقتصادية، وسياسية وأمنية، وعسكرية لإضعاف السلطة، مثلى حجز أموال المقاصة و الضرائب الفلسطينية او مصادرتها ، تصعيد نشاط الاستيطان، واعتداءات المستوطنين ، وسياسة الإجتياحات لمناطق السلطة الفلسطينية ، والإعتقالات ، والإغتيالات ، ونشر الحواجز في عموم الاراضي الفلسطينية ، وتعمل كل ما يعيق تطور مؤسسات السلطة الفلسطينية ، و تحول دون تطورها وارتقائها ، كمؤسسات دولة مستقلة مستقبلا .
الدور الإيراني في تقويض المشروع الوطني الفلسطيني :
إيران، من خلال دعمها لحماس والجهاد الإسلامي، تتبنى نهجًا يعزز ويكرس الانقسام الفلسطيني ويضعف السلطة الفلسطينية، ويحول دون تحقيق المشروع الوطني الفلسطيني من خلال ما يلي :

اولا : استخدام دعم حركات المقاومة كأداة نفوذ لها : تقدم إيران دعمًا ماليًا وعسكريًا للحركتين حماس والجهاد ، ليس فقط لمواجهة إسرائيل حسب الظاهر ، بل لتحقيق أهدافها الإقليمية في المنطقة وتوظيفهما لمشاغلة اسرائيل حَسب ما سبق وان صرح واقر به المرحوم اسماعيل هنية على قناة الجزيرة مع الإعلامي احمد منصور .
ثانيا : تعمل ايران على تعزيز الانقسام الداخلي الفلسطيني : تدعم إيران سيطرة حماس على قطاع غزة منذ انقلابها فيه على السلطة صيف 2007 م ، مما يعيق تحقيق استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ويقوض بالتالي كافة الجهود نحو العمل على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس وفق قواعدالقانون الدولي وقرارات الشرعيةالدولية ، وتدعم ايران التمرد على السلطة من قبل حركات المقاومة حماس والجهاد في بعض المخيمات في الضفة مثل مخيم جنين وما يشهده من احداث مؤخرا .
ثالثا : تعمل إيران على إضعاف م.ت.ف وسلطتهاالوطنية :
ترى إيران في المنظمة وسلطتها ، خصمًا سياسيًا لها ، لا يتماشى مع رؤيتها للصراع في المنطقة ، كجزء من مشروعها الإقليمي التوسعي ومد الهيمنة والنفوذ في المنطقة العربية وفي الشرق الاوسط .

التداخل والتقاطع بين السياسات الإسرائيلية والإيرانية ازاء استهداف الكيانية الفلسطينية :
رغم التناقض الظاهري، فإن سياسات إسرائيل وإيران ازاء الكيانية الفلسطينية تتداخل وتتقاطع ، حيث تؤدي عمليًا إلى نتيجة واحدة: ( هي إضعاف السلطة الفلسطينية ، وتعميق الانقسام الفلسطيني ، ما يُعيق تنفيذ مشروع إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إسرائيل تستغل الانقسام لتبرير ممارساتها العدوانية واجراءاتها التعسقية، وتهربها من التزاماتها كدولة محتلة ، بينما تستخدم إيران دعمها لفصائل المقاومة لتعزيز نفوذها الإقليمي ، ومشاغلة اسرائيل حسب تعبير المرحوم اسماعيل هنية .
على ضوء ما سبق اعلاه نطرح السؤال الجوهري والذي يعني الكل الفلسطيني ، هل يمكن تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية ؟
الوحدة الفلسطينية تواجه عقبات وتحديات كبيرة ، لكنها ضرورة لا بد منها لمواجهة الاستهداف الإسرائيلي والإيراني المزدوج للكيانية الفلسطينية .
نقول يمكن تحقيقها عبر تحقيق الشروط التالية :
اولا: توفر إرادة سياسية حقيقية صادقة : يجب أن تدرك جميع الأطراف الفلسطينية أن الانقسام يهدد القضية الفلسطينية برمتها وليس فصيلا او جهة او منطقة دون أخرى .
ثانيا : اعتماد برنامج وطني نضالي مشترك : ان يجري الاتفاق على رؤية سياسية تضم جميع الأطراف والقوى الفلسطينية بعيدا عن المؤثرات والتدخلات الخارجية ، تجمع بين أشكال النضال الممكنة والمختلفة والمتعددة والمشروعة ، والعمل السياسي والقانوني والديبلوماسي ، ما يمكن أن يشكل أساسًا للوحدة الوطنية الفلسطينية .
ثالثا : توفير دور إقليمي ودولي محايد: يجب أن تساهم أطراف إقليمية ، عربية واسلامية ودولية ، في رعاية حوار وطني فلسطيني شامل ، دون تدخلات منحازة لأي فصيل ، سوى الإنحياز للمصلحة الوطنية الفلسطينية، وللمشروع الوطني الفلسطيني و تجسيد وحدة الكيانية الفلسطينية .
رابعا : العمل على إعادة بناء الثقة: يتطلب ذلك تقديم تنازلات متبادلة ، خاصة من قبل حماس والجهاد، واعترافًا منهما بدور م.ت.ف كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني ، والتخلي عن ارتباطهما بأي محاور او تحالفات خارجية ، من شأنها التأثير على القرار الوطني الفلسطيني المستقل ، من دون ذلك ستبقى الوحدة الوطنية مطلبا بعيد المنال ، وتبقى القضية الفسطينية ، ساحة للاسستثمار والإستقطاب ، والرابح من ذلك هي اسرائيل والمستثمرين في الشأن الفلسطيني ، كانوا دولا او جماعات عابرة للاوطان ، مثل جماعة الإخوان المسلمين.

ختاما نرى ان الإشكالية المركبة التي تواجه الكيانية الفلسطينية تتطلب معالجة شاملة تتجاوز الحسابات الفئوية والإقليمية.
الوحدة الوطنية ليست خيارًا سياسيًا فقط، بل ضرورة و شرط أساسي لمواجهة التحديات و الاستهداف الإسرائيلي والإيراني المزدوج لها ، واستعادة المشروع الوطني الفلسطيني على أسس سياسية واقعية و ديمقراطية وشاملة ، و على قاعدة القرار الوطني الفلسطيني المستقل.