الخميس: 16/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

أبو الأسود الدؤلي وانا عجزنا عن تعريف موحد للنصر

نشر بتاريخ: 16/01/2025 ( آخر تحديث: 16/01/2025 الساعة: 18:27 )

الكاتب:

محمد عودة

المقاومة التي صنعت معجزة السابع من أكتوبر التي كشفت زيف الادعاء الإسرائيلي بان جيشها لا يقهر و الذي لولا تدخل الغرب بقيادة أمريكا لكانت إسرائيل انهارت ، القتال البطولي الذي خاضه مقاتلو المقاومة والخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي سواء من الافراد ام المعدات مضاف اليها منع إسرائيل من تحقيق أي من أهدافها ،كما أسهمت في تنشيط الدبلوماسية الشعبية لصالح فلسطين في غالبية دول العالم ومع ذلك ورغم حجم الضحايا ما يقارب مئتي الف بين شهيد وجريح ،اكثر من مليون فلسطيني بلا مأوى مضاف اليه الدمار الذي طال مئات آلاف المساكن ومئات المؤسسات بما في ذلك المشافي ومحطات توليد الطاقة والمخابز وحرمان السكان من الماء والدواء والكهرباء ،فرغم كل ما سلف فان حماس لم تحقق أي من أهدافها المعلنة على الرغم من انها حالت دون ان تحقق إسرائيل أهدافها ،امام كل هذه المعطيات تعلن حماس انها انتصرت.

الكيان الصهيوني الذي لولا المشاركة الأمريكية المباشرة لكان اليوم في خبر كان و رغم الإبادة وقتل اكثر من ستين الفا وجرح ما يزيد على مئة وعشرين الف إضافة الى تدمير كل شيء بما في ذلك المشافي الا انه لم يتمكن من تحقيق أي من أهدافه المعلنة في غزة، فلا هو تمكن من اجتثاث حركة حماس ولا هو استعاد الاسرى بالقوة كما انه لم يتمكن من حماية (حدوده) يوم السابع من أكتوبر ولم يتمكن من تطهير أي موقع بشكل كلي في غزة إضافة الى فشله في اجبار سكان غزة على الهجرة كما تخلى الكيان عن موقفه في رفض إطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين فإسرائيل وقعت على إطلاق سراح ما يزيد على ثلاثة آلاف اسير، ثم انها لم تستطع إعادة المهجرين من الشمال والجنوب بالقوة الى مساكنهم فعودة مستوطني الشمال ارتبطت بالاتفاق مع حزب الله وعودة مستوطني الجنوب مرتبطة بالاتفاق مع المقاومة ورغم ذلك فان نتنياهو يقول انه انتصر.

ان العراق وبحكم الامر الواقع فان مقسم الى ثلاث دول، شيعية في الجنوب، سنية في الوسط وكردية في الشمال، لقد قتل في العراق ما يزيد على مليوني شخص منذ احتلال العراق من قوات التحالف حتى تاريخه خلال هذه الحقبة هاجر من العراق ما يزيد على ثمانية ملايين اضافة الى العبث ببنية العراق المذهبية حيث هُجر المسيحيين واندثر الايزيديين كما نُهبت مقدرات العراق من قبل تجار الحروب من الداخل و الخارج تم تدمير المؤسسات وخاصة ما له علاقة بالتاريخ زادت ديون العراق عن مئة وعشرون مليار دولار بين دين داخلي وخارجي مضاف الى كل ذلك شبه انهيار للاقتصاد ورغم كل ما سلف فان قيادات العراق بعد صدام حتى تاريخه تقول انها انتصرت.

ليبيا التي كانت رغم سوء الإدارة تعتبر من دول شمال افريقيا التي تعيش رخاء اقتصادي بحكم انها منتجة للطاقة إضافة الى كثرة مواردها وقلة مواطنيها بعد سقوط القذافي قُسمت ليبيا الى دويلات متصارعة على أساس قبلي، فتحت الأبواب امام عودة الإمبراطورية العثمانية من الباب الخلفي كما تدهور مستوى معيشة الفرد الى حد غير مسبوق اقتصر دور الحكومة المركزية على بعض المدن ورغم ذلك فان حكومات ليبيا المتعاقبة أعلنت الانتصار.

اما اليمن والتي هزمت التحالف السعودي الأمريكي الاماراتي فهي قُسمت الى دولتين في الشمال، الدولة الرسمية ودولة الحوثيين ودولة في الجنوب تعيش الدول الثلاث مجاعة غير مسبوقة ومع ذلك فالحكومات الثلاث تعلن انها انتصرت الحوثيون لا زالوا يغلقون البحر الأحمر ويطلقون مسيراتهم وصواريخهم على إسرائيل وعلى البواخر المتجهة الى هناك بما فيها البواخر الأمريكية والبريطانية دولة الجنوب تقول انها انتصرت على الحوثيين عبر الانفصال عن الشمال، ورغم صواريخ ومسيرات الحوثيين الا ان التحالف السعودي يقول انه انتصر.

لبنان ورغم الدور الأسطوري الذي لعبته المقاومة فان الحزب دفع اغلب قياداته شهداء وخسر اغلب امكانياته العسكرية إضافة الى الاف الشهداء والجرحى سواء من المقاومة ام من الشعب مضاف اليها تدمير الاف المباني في كل انحاء لبنان، كل ذلك دفع الحزب الى القبول باتفاق هدنة لم يخرقه ولو مرة واحدة اما إسرائيل فقد أبقت على قواتها في الجنوب لا يعرف أحد الى متى وتقوم هذه القوات باختراق الاتفاق ليل نهار ورغم ذلك فالمقاومة اللبنانية أعلنت الانتصار.

اما سوريا فقد افلحت في اسقاط نظام الطغيان ولكن في الوقت ذاته احتلت إسرائيل العديد من المواقع الاستراتيجية في جنوب سوريا (الجولان وجبل الشيخ) إضافة الى تدمير مقدرات الجيش السوري مما يحرم هذا الجيش مستقبلا من دوره في حماية سوريا واستعادة أراضيها المحتلة اضافة الى كل ذلك فتركيا تسيطر على شمال سوريا وامريكا تسيطر على شرقها ورغم ذلك يقول الشرع ان ثورته انتصرت.

ومن اجل ان اشرح للقراء المفهوم المتناقض للنصر ذهبت بعيدا باحثا عن فتاوى لغوية تبرر كل هذا التناقض، تمعنت في فتاوى أبو الأسود الدؤلي ( ظالم ابن عمر الكناني) ولم اجد جوابا كما بحثت في مؤلفات سيبويه (عمرو بن عثمان بن قنبر الحرثي) للأسف دون جدوى ،فقررت البحث في مؤلفات المبرد ( أبو العباس محمد بن يزيد الازدي )ورغم عدم الحصول على جواب الا انني لم احبط واكملت البحث وقرأت مؤلفات ابن مالك(جمال الدين الطائي) ولم اجد تفسيرا فتابعت وبحثت في مؤلفات الكسائي(علي بن حمزة الكسائي ) لم اجد إجابة فقررت الاستمرار في البحث في مؤلفات الزمخشري (محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري ) ولم اجد ضالتي ، بناء عليه قررت ان أوجه نداء الى كل المهتمين بإيجاد نصوص تجيبني غير نصوص هؤلاء العلماء ،وعلى امل ان يكون حساب علماء اللغة الذين ذكرتهم عسيرا لأنهم اخفقوا في إيجاد إجابات شافية.