الخميس: 30/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

المخدرات الرقمية في فلسطين ....... خطر حقيقي ام أوهام من الخيال

نشر بتاريخ: 29/01/2025 ( آخر تحديث: 29/01/2025 الساعة: 12:22 )

الكاتب: الدكتور خالد ابو ظاهر

ينتشر مفهوم المخدرات الرقمية في السنوات الأخيرة في كثير من الدول العربية والأجنبية، وسط الكثير من الشائعات والمعلومات المتباينة والمتناقضة، فيما يعتقد كثيرون إن هذه المخدرات هي كذبة، ولم يتم مصادفة حالات إدمان عليها بالمعنى الحقيقي للإدمان خلال مواجهة وملاحقة المخدرات التقليدية ومدمنيها، ويعتقد اخرون ان هذا النوع من المخدرات تقود متعاطيها الى الإدمان وبالتالي أصبحت هذه المخدرات تتفق مع المخدرات التقليدية من حيث التأثير وتختلف جذريا عن غيرها من المخدرات التقليدية ذات الطبيعة الكيميائية، من حيث انها تحاكي العقل بطريقة تجعله غير قادر على الإقلاع والانقطاع عنها وتقوده الى الادمان عليها والتمسك بها، وتلقي بظلالها على طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة وتقود متعاطيها نحو الانعزالية، وكثير من علماء الاجتماع أعلنوا أنَّها ذات تأثير أكبر كونها تسبب في الانعزال التام لمتعاطيها عن المجتمع المحيط به بل انَّها تخلق حالة من النفور وعدم الرغبة في التواصل بينه وبين أقرب الناس إليه وبضمنهم اسرته التي يعيش بين اكنافها.

وهذا التباين والتناقض في الآراء والاعتقاد يفتحُ الكثير من الأسئلة حول صحة ما يتداوله الناس عن المخدرات الرقمية، فهل المخدرات الرقمية خطر حقيقي ام أوهام من الخيال وهو ما سوف نحاول الإجابة عليه من خلال هذه المقالة.

تعريفها:

المخدرات الرقمية ( (Drugs Digital : تعرف على انها عبارة عن مقاطع نغمات يتم سماعها عبر سماعات بكل من الأذنين، حيث تتم عبر بث ترددات معينة إلى الأذن اليمنى وبالوقت ذاته بث ترددات بدرجة أقل إلى الأذن اليسرى، مثلا لو تعرضت الأذن اليمنى لموجة 325 هيرتز، وفي الوقت نفسه تعرضت الأذن اليسرى لموجة 315 هيرتز، فيحاول الدماغ جاهداً َّ أن يوحد بين الترددين للحصول على مستوى واحد للصوتين ، بحيث تكون موجة 10 هيرتز مماثلة للموجة التي ينتجها الدماغ أثناء الاسترخاء والتأمل ، وهذا الأمر يجعل الدماغ في حالة غير مستقرة، على مستوى الإشارات الكهربائية العصبية التي يرسلها.

في حين يجد آخرون أن المخدرات الرقمية هي جزء من المخدرات بشكلها العام وبالتالي ما ينطبق على المخدرات التقليدية ينطبق عليها مع اختلاف وسائل التعاطي.

نشأتها:

تم اكتشافها على يد عالم الفيزياء الألماني هينريش دوف في عام 1839 وأطلق عليها مسمى النقر بالأذنيين وكان يتم استخدامها في علاج حالات الاكتئاب وبعض حالات القلق، حيث أن الاستماع إلى هذا النوع من الموسيقى يؤدي إلى زيادة في افراز هرمون السعادة والذي يسمى الدوبامين وذلك من خلال تأثيرها على تحفيز الغدة النخامية للجسم عند الاستماع اليها، وزيادة افراز بيتا أندروفين وبالتالي تعمل على تسريع معدلات التعلم وتحسين دورة النوم وتخفيف الآلام وإعطاء احساس بالراحة والتحسن.

ويقوم الشخص بالاستماع اليها عن طريق وضع السماعات في أذنيه ويقوم بإغماض عينيه ويطفئ جميع الأضواء حوله حتى يسود حالة من الهدوء داخل غرفته فيصبح في حالة من الاسترخاء من خلال الاستماع لهذه النغمات.

وفي عام 1970 سمح لهذه التقنية أن تكون جزء من العلاج للمرضى النفسيين وخاصة أولئك الذين يعانون من صعوبات في النوم وكذلك المصابين بالاكتئاب الخفيف والذين يرفضون استخدام الأدوية والعقاقير للعلاج ومع ذلك لم يتسع نطاق الاستخدام بل بقي محصورا في فئات معينة.

إلا أن التحول الجذري حصل عام 2011 وعلى وجهة الخصوص في فرنسا حيث أصبحت هذه الظاهرة أكثر اتساعاً َّ وبات تعاطيها يشكل ما يمكن أن نسميه الوباء ولكن دون أن تكون هنالك ضجة إعلامية مرافقة لهذا الانتشار الواسع النطاق.

المخدرات الرقمية أوهام من الخيال:

يرى البعض إن المواضيع والمقالات التي نُشرت عن المخدرات الرقمية وتأثيراتها على الإنسان ليست مبنية على أي أساس علمي، وهي على الأغلب مجرد فكرة ترويجية، وإلى الآن لا يوجد مصادر علمية موثوقة تؤكد وجود هذا النوع من المخدرات ، وان ما يسمى بالمخدرات الرقمية على وجهه الخصوص ليست جديدة على المجتمعات سواء القديمة والحديثة فقد تأثر الانسان بالموجات السمعية منذ فجر التاريخ إذ أهتم الانسان والى حد كبير بالأصوات الواردة من محيطه الخارجي فهنالك من الأصوات ما تستفزه وتقلقه وبالتالي تجعله في وضع غير طبيعي في حين أن أصوات أو موجات صوتية أخرى تمنحه القدرة على الاسترخاء وربما يصل الأمر إلى أن تدفعه إلى النوم العميق أو الحزن أو السعادة والفرح، وهذا ما اثبتته القرائن التاريخية والشواهد الأثرية والممارسات المدونة أو التي لاتزال سائدة حتى وقتنا هذا والتي تدلل على أن الانسان يستمع لدقات معينة ويتفاعل معها وتخرجه من حالة ادراكية إلى أخرى مثل: رقص المطر عند الافارقة و دقات الزار عند العرب وخاصة المصريين والمتصوفة، وكذلك رقصات البحارة التي يرافقها هدير الأمواج عند البحارة.

وبالتالي فإن البعض يحاولون إقناع أنفسهم، انهم يتعاطون مخدرات رقمية من خلال الاستماع المطول لأنواع معينة من الموسيقى، وتفسير ذلك ان هذا ليس ادمان نفسي او عقلي وانما هو فقط إدمان سلوكي على بعض العادات، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة الأثر الذي تتركه العقاقير المخدرة على كيمياء الدماغ بالاستماع لنغمات معينة، والموضوع برمته ما زال يحتاج لبحث علمي موزون من قبل جهات علمية موثوق بها وبمصداقيتها لإثباته.

ودليل اخر يستند اليه أصحاب هذا الراي انه لا يوجد من الناحية القانونية أي قانون في الدول العربية يجرم تداول أو الاستماع لهذه المقاطع الموسيقية، وتقوم العديد من المواقع الإلكترونية على الإنترنت ببيع مقاطع موسيقية تزعم أن لكل واحد منها تأثيرا نفسيا معينا.

المخدرات الرقمية خطر حقيقي:

من وجهة نظر أخرى استطاع الإنسان أن يصل لمعرفة نتائج تعاطي المخدرات التقليدية، وتفاعلاتها داخل الدماغ، فابتكر طريقة جديدة وهي تعاطي المخدرات الرقمية ووصل بها لتحريك التفاعلات الكيميائية التي تحركها المخدرات التقليدية، دون التعاطي الفعلي للمخدرات، فأصبح يصل للنتيجة مباشرة دون المرور بمراحل التعاطي من تحضير المادة المخدرة وتناولها، سواء كانت تتعاطى بالحقن أو الاستنشاق أو البلع، بل من خلال إيجاد المخدرات الرقمية فأصبح الخطر الناتج من التعاطي مضاعفاً وخطيراً جدا.

والمتتبع لظاهرة المخدرات الرقمية يجد أن هنالك إشكالية في تحديد مدى تأثير تعاطيها لاسيما أن الغالبية العظمى من المدمنين عليها لا يجدون في ذلك حرجاً كما هو الحال في المخدرات التقليدية بل يعتبرون ما يقومون به أمر يتعلق برغباتهم الخاصة وهنا تكمن المشكلة الحقيقية فالمجتمع لايزال غير مكترث بتأثيراتها ولم تبذل الجهود العلمية الكافية خاصة في المجتمعات المختلفة للحد منها بل أن الإضافات التقنية والابتكارات المتسارعة أسهمت وإلى حد ً كبير في أن تتسع هذه الظاهرة لتصبح أقرب ما تكون إلى ممارسات اعتيادية غير مصحوبة بالرفض الاجتماعي.

أنواع المخدرات الرقمية:

ان للمخدرات الرقمية أنواع عدة فهناك ترددات لكل نوع من أنواع المخدرات التقليدية وعلى سبيل المثال يوجد ترددات لما يسمى الميثامفيتامين والمعروف باسم الكريستال ميث وايضا يوجد ترددات لما يسمى بالكوكائين وهذه الترددات تعطي نفس النتيجة والتأثير الذي يسببه المخدر الحقيقي التقليدية فهناك انواع من المخدرات الحقيقية التقليدية تعمل على احساس الشخص المستمع بالاسترخاء والراحة وايضا حالة من الهلوسة وغيرها من المخدرات التقليدية المعروفة.

الأسباب التي تقود الى تعاطي وادمان المخدرات الرقمية:

من خلال دراسة مجموعة من الأبحاث والدراسات ذات العلاقة، نستطيع ان نحدد مجموعة من العوامل والتي تشكل دافع وحافز باتجاه الإدمان على المخدرات الرقمية:

1. التفكك الأسري وما يتبعه من تداعيات على افرادها جميعا.

2. التخلف المعرفي وإمكانية الانقياد الى المجهول بسهولة.

3. ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء بمختلف فترات العمر.

4. الفراغ الناجم عن عدم الانشغال بما تتطلبه الحياة اليومية.

5. ضعف الوازع الديني والأخلاقي.

6. انعدام الرقابة كلياً عن وسائط التواصل الاجتماعي.

7.الفشل في تحقيق الأهداف العامة والخاصة لدى بعض الأشخاص.

8. رفقاء السوء.

9. التقليد الاعمى لبعض الأصدقاء.

10. توفر الأجهزة الالكترونية بين الشباب بدون رقابة.

انتشارها عالميا وعربيا:

عرفت المخدرات الرقمية عام 2011 في فرنسا، وانتشرت بعد عام من ذلك تحديداً في دولة لبنان والمملكة العربية السعودية، حيث تناقلت الأوساط السعودية خبراً عن تسجيل أول حالة وفاة جراء تعاطي المخدرات الرقمية على رغم أن المملكة العربية السعودية رفعت مستوى التأهب للحد من وصول هذه المخدرات إلى المجتمع عبر الأنترنت، إلا أن وزارة الصحة أقرت بعجزها عن الوصول إلى المعلومات الهامة لهذا النوع من المخدرات في وقت قياسي، وفي الوقت ذاته نوهت الحكومة اللبنانية بضرورة زيادة وعي الأهالي لمثل هذه الأنواع من المخدرات، ومراقبة ما يقوم به أولادهم على الأنترنت كما دعت جهات حكومية لبنانية مختلفة لحجب المواقع الإلكترونية التي تقوم بتسويق وبيع هذه الموسيقى .

ومن أكثر الدول العربية التي تعاني من انتشار المخدرات الرقمية فيها كلا من مصر والسعودية ولبنان والعراق ومن أهم الأسباب التي جعلت هذا النوع من المخدرات ينتشر بسرعه في الدول العربية هو سهولة الحصول عليها عن طريق الأنترنت وتكلفتها المنخفضة.

الاثار المترتبة على تعاطيها:

1- الاثار الصحية على الشخص المتعاطي:

- حدوث تشنجات لا إرادية في العضلات للأشخاص المتعاطين

- إرهاق بالغ للمدمن مما يؤثر على أدائه في عمله أو دراسته، كما يؤثر ذلك على مناعته؛ مما يجعله أكثر قابلية للإصابة بالأمراض

- أن قضاء المدمن ساعات طويلة دون حركة تذكر يؤدي إلى آلام الظهر وإرهاق العينين، ويجعله أكثر

قابلية لمرض النفق الرسغي

- التأثير السلبي على آلية عمل الأعصاب والدماغ.

- حدوث تشنجات ورجفة ناجمة عن الاسترخاء المستمر لفترات طويلة.

- ميل المدمن إلى العزلة والوحدة.

- شرود الذهن.

- يؤدي هذا النوع من المخدرات على فقد التركيز والانتباه.

- يتعرض المدمن لحالة من الاكتئاب شديد.

- يحدث خلل في الجهاز السمعي للمدمن

2- الاثار الاسرية:

- يهمل المتعاطي اسرته وواجباته الاسرية والمنزلية

- تأثر العلاقة الزوجية وقد يقع الانفصال بسبب الخيانة الزوجية عن طريق الانترنت

- تتفكك الاسرة ويكون الضحية الأبناء

3- الاثار الاقتصادية:

- الإدمان على استعمال الانترنت حتى في مكان العمل وما يسبب ذلك من مشاكل مع الإدارة

- يهمل المتعاطي عمله وينخفض مستوى أدائه وقد يسرح من عمله

- عدم مقدرته على توفير الاحتياجات الأساسية للأسرة وما يتبع ذلك من مشاكل اسرية

- يصبح الشخص المتعاطي للمخدرات الرقمية، عاله على الاسرة وذلك لحاجته الى دفع نقود من اجل شرائها من الانترنت.

4- الاثار الاكاديمية:

- أن استخدام الأطفال للإنترنت لا يحسن أداءهــم وذلك بسبب انعدام النظام في المعلومات على الإنترنت.

- تكرار غياب الطلبة عن حصصهم المقررة بسبب سهرهم على الانترنت مما يؤدي الى انخفاض مستواهم العلمي.

- الكثير من طلاب يستخدمون الانترنت لأسباب أخرى غير الدراسة كالبحث في مواقع لا تمت لدراستهم بصله أو كالثرثرة في حجرات الحوارات الحية أو كاستخدام ألعاب الإنترنت.

لذلك يمكن اعتبار ان تأثير المخدرات الرقمية أكثر خطورة على المجتمع من المخدرات التقليدية من حيث الناحية الاجتماعية وذلك لعدة اسباب واهمها:

1- عدم وجود رقابة من قبل الدولة على هذا النوع من المخدرات.

2- عدم وجود اعراض جسدية واضحة على مدمن هذا النوع من المخدرات

3- لم يتم ضبط او تسجيل اي حالات إدمان عليها بالمعنى الحقيقي للإدمان

إجراءات الوقاية والمكافحة من المخدرات الرقمية التي تقع على مسؤولية الاسرة:

مع انتشار فيديوهات تُظهر أشخاصا تعرضوا لهذه المخدرات تنتابهم حالات هلوسة وبعض الحركات الانفعالية اللاإرادية في الآونة الأخيرة ومع عدم وجود دليل علمي على تسببها بالإدمان أو الهلوسة، إلا أننا نراها خطر على المجتمع ونطالب بضرورة تحذير الناس منها والبدء بحملات توعية حول مخاطرها من خلال مجموعة من الإجراءات:

1 - مراقبة الوالدين للأجهزة الالكترونية التي يتعامل معها الأبناء مثل اللابتوب والخلوي.

2 - تشجيع الأبناء على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية والرياضية من اجل القضاء على أوقات الفراغ وتفريغ طاقاتهم بشكل إيجابي.

3 - العمل على بناء روابط صداقة مع الأبناء خاصة في فترة المراهقة.

4- العمل على تثقيف وتوعية الأبناء عن مخاطر المخدرات بشكل عام والمخدرات الرقمية بشكل خاص من خلال اطلاعهم على تجارب الاخرين.

5 - اطلاع الابناء على الاثار المترتبة على تعاطي المخدرات بشكل عام، الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الاثار.

إجراءات الوقاية والمكافحة من المخدرات الرقمية التي تقع على مسؤولية الدولة:

1. مسؤولية الأجهزة الأمنية وجهات الاختصاص رصد وحجب المواقع الالكترونية والتي تعمل على ترويج وبيع هذا النوع من المخدرات والعمل على ضبط القائمين عليها.

2. مسؤولية وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، القيام بالأنشطة والفعاليات التوعوية المبتكرة من قبل لجان متخصصة في مجال الارشاد النفسي والتربوي والتي تتناسب مع أسلوب تفكير الشباب واستهداف المدارس والجامعات والتجمعات الرياضية والفنية وبالتنسيق مع اداراتها.

3. مسؤولية وزارة الاعلام نشر وسائل التوعية والتثقيف من هذه المخدرات بكافة الوسائل المتاحة.

4. مسؤولية وزارة الأوقاف الدينية في تسخير منابرها للوقاية من المخدرات الرقمية.

5. مسؤولية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تشجيع اجراء دراسات وابحاث عن المخدرات بشكل عام وعن المخدرات الرقمية بشكل خاص من حيث دراسة الأسباب التي تدفع الى الاقبال على تلك المخدرات وعن خطورة المشكلة وعواقبها المستقبلية على الصعيدين الفردي والمجتمعي وتطوير سبل الوقاية والمكافحة المناسبة.

6. مسؤولية الشرطة المجتمعية ووزارة الشؤون الاجتماعية للقيام بإجراء دراسات خاصة عن علاقة التفكك الأسري بالإدمان على المخدرات الرقمية، كون الغالبية العظمى من الحالات المشخصة كانت تعاني من التفكك الاسري.

المخدرات الرقمية والتشريعات الفلسطينية:

مع العلم ان مادة (19) من قرار بقانون رقم (10) لسنة2018 م الفلسطيني بشأن الجرائم الإلكترونية تنص على ان يعاقب كل من أنشأ أو نشر موقعاً على الشبكة الإلكترونية، أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات، بقصد الاتجار أو الترويج للمخدرات أو المؤثرات العقلية، أو ما في حكمها، أو سهل التعامل فيها، أو بيع أو شرح أو عرض طرق إنتاج المواد المخدرة، بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، أو بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار أردني، ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، أو بكلتا العقوبتين.

وتطبيقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ولغياب التوصيف العلمي لماهية المخدرات الرقمية، فإن ما يقع من سلوك إنساني من الفاعل سواء كان منشأً لمواقع على الشبكة الالكترونية لبيع المخدرات الرقمية أو مروجا او متاجرا أو متعاطيا او مدمنا، لا يخضع لنص تجريمي أو عقابي، وبالتالي يعد سلوكا مشروعًا مشروعية عادية لخضوعه لمبدأ (لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون).

كما أنه لا يمكن تطبيق أحكام قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية الفلسطيني رقم 18 لسنة 2015، حيث إن القانون الفلسطيني تناو ل المواد المخدرة بشكلها التقليدي ووضع تعريفا لها وتناول أحكامها وتجريمها وعقوبتها ولم يتعرض لموضوع المخدر الرقمي الذي يتعاطى من خلال الاستماع، أضف إلى ذلك استحالة تحريزها بخلاف المخدر التقليدي.

ومن خلال ما تقدم فأننا نرى ان هناك حالة من الفراغ التشريعي في هذه الظاهرة وعدم إدراجها ضمن نصوص التجريم والعقاب في القوانين الجنائية الفلسطينية، وخاصة قانون المخدرات والمؤثرات العقلية الفلسطيني رقم 18 لعام 2015 بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية يعتبر قصور، ونقترح ادراج نص قانوني لتجريم المخدرات الرقمية، مناشدين المشرع الجنائي الفلسطيني بالتدخل لسن تشريع جديد واستحداث جريمة جديدة تسمى جريمة المخدر ات الرقمية، وأن يحدد أطراف هذه الجريمة والمساهمين فيها وكذلك الأنشطة التي تشكل عملا اجراميا، وأن يضع لها العقوبات الواجبة واللازمة.

أن المستقبل بالتأكيد سيؤدي إلى احتمالين، أولهما انتشار هذه الظاهرة لتصبح منافسة للمخدرات التقليدية وهذا احتمال قائم نتيجة انتشار التقنيات الحديثة، وثانيهما يتمثل في أن تهتم الجهات ذات العلاقة والمتخصصة برصد ومعالجة الظواهر الاجتماعية المدانة لتجد من خلال اهتماها، سبل أكثر نجاحا وتطورا لمعالجة هذه الظاهرة.

رغم أن ظاهرة المخدرات الرقمية لم تشكل حتى الأن هاجسا يدفع باتجاه دق ناقوس الخطر في المجتمع الفلسطيني، إلا أن ما يحصل في دول الجوار وما جرى تثبيته من حالات تؤكد بإن هذه الظاهرة باتت في المراحل الأولى من توسعها وانتشارها، وعلينا البدء بدراستها ووضع الإجراءات المطلوبة للوقاية منها.