الأربعاء: 05/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

تعزيز سردية العين في مواجهة زيف الرواية الصهيونية

نشر بتاريخ: 05/02/2025 ( آخر تحديث: 05/02/2025 الساعة: 09:36 )

الكاتب:

د. محمد عودة

في مواجهة المخططات الاستعمارية الصهيونية نحتاج الى ما سمي في حينه سردية العين (توثيقمن خلال العين والكاميرا من قبل أطراف ثالثة).

اعتمد المؤتمر العام السادس لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح (والاول الذي يعقد على ارض الوطن ) استراتيجية تكثيف العمل على الساحة الدولية كواحدة من الاستراتيجيات الاربع التالية بناء مؤسسات الدولة، استعادة الوحدة الوطنية، ممارسة المقاومة الشعبية السلمية واخيراً تكثيف العمل على الساحة الدولية دبلوماسيا، سياسيا ،قضائيا واعلاميا.

من المعروف أن هناك في مقابل حقيقة ان فلسطين للشعب الفلسطيني رواية صهيونية مُخترعة لكن لديها الكثير من مقومات الانتشار والتضليل، فالحركة الصهيونية صاحبة الرواية تُعتبر هي وصنيعتها اسرائيل احدى ضمانات هيمنة الاستعمار على العالم العربي (الذي سماه الاستعمار الشرق الاوسط) من اجل نهب ثرواته من جهة ومنع وحدته من جهة اخرى، اضافة الى هدفين غير معلنين الاول التخلص من اليهود الاوروبيين والثاني مرتبط به وهو التسريع في قدوم السيد المسيح.

في ظل إختلال موازين القوة (عسكريا، اقتصاديا وسياسيا) لصالح اسرائيل فالدعم الاقتصادي الغربي غير المشروط لإسرائيل يسهم الى حد كبير في ترويج روايتها حول احقية اليهود في فلسطين وفي المقابل فان الحصار الاقتصادي على فلسطين (مساعدات الغرب مشروطة وشحيحة، والاقتصاد الفلسطيني يخضع لهيمنة اسرائيلية غير مسبوقة أضافة الى القرصنة المستمرة من قبل إسرائيل لأموال الشعب الفلسطيني) تشكل أحد عوامل القصور في استخدام الاعلام للترويج للحقيقة الفلسطينية.

في ظل المعادلة الواردة سالفا ارتأت قيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في حينه ان نسعى الى إبكار طريقة خلاقة لتسويق وتعزيز الحقيقة الفلسطينية عبر سردية أخرى (تعتمد على شبكية العين) اسماها السيد الرئيس سردية التوثيق من قبل فريق ثالث من خلال المشاهدة المباشرة وقد اوعز الى كل الجهات الفلسطينية ذات العلاقة للعمل على جلب وفود اجنبية متنوعة من سياسيين، رجال اعمال، قانونيين واعلاميين ليساهموا في نقل ما سمي الرواية الثالثة بما يكفل تعديل في ميزان القوى المختل لصالح اسرائيل.

عملت الهيئات المختصة في الساحة الفلسطينية (الرئاسة، وزارة الخارجية والمغتربين البرلمان الفلسطيني بشقيه المجلس التشريعي والمجلس الوطني، شؤون الاسرى وسلطة المياه على سبيل المثال لا الحصر مضاف الى كل ذلك العلاقات الدولية للأحزاب خاصة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح)، ومن منطلق عدم التعدي على صلاحيات كل المؤسسات السالف ذكرها فإنني سأكتفي بإيجاز حول إنجازات العلاقات الدولية لحركة فتح والتي كانت نتاج تراكم عمل جماعي امتد لعقود.

في إطار ما سلف فقد استقبلت فلسطين مئات الوفود ومن كل المستويات اسهمت هذه الوفود في توثيق عيني للانتهاكات الإسرائيلية ونقل ما وثقوه بأعينهم وكاميراتهم الى دول العالم مما أسهم في توسيع جبهة اصدقاء فلسطين وتضييق جبهة اعدائها بشكل اساسي على المستوى الشعبي اما الجانب الرسمي فقد تجلى في حصول دولة فلسطين على اعتراف رسمي من قبل ما يقارب مئة وخمسين دولة.

عودة الى المستوى الشعبي فبالإضافة الى عامل الابادة الجماعية وشلال الدم في قطاع غزة فان سردية الكاميرا وشبكية العين اسهمت في اخراج الملايين في مظاهرات احتجاجية مطالبة بوقف شلال الدم وانهاء الاحتلال في العديد من دول اوروبا وامريكا الشمالية خاصة الجامعات اضافة الى حراك غير مسبوق في الكثير من دول امريكا اللاتينية وصل في بعض الاحيان الى التأثير على صناع القرار مما ادى الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل من قبل أكثر من دولة لاتينية.

ومن هنا ارى ان تعيد القيادة الفلسطينية الاعتبار لسردية شبكية العين والكاميرا وذلك لمواجهة الانحراف الدراماتيكي في السلوك غير السوي من الرئاسة الامريكية، يتمثل هذا السلوك في رؤية دونالد ترامب القديمة الجديدة حيث يعلن عن نيته فرض حلول نظرية (التهجير الى دول الجوار وغيرها) مما يعطي العدو مزيدا من الوقت لفرض حقائق جديدة على الارض يشكل عائقا امام ترجمة هذه الحلول ويجل تجسيدها غير ممكن، إضافة الى ان هذه الحلول المطروحة تسهم في تمكين اسرائيل من ضم الضفة الغربية او اجزاء منها لمنع انجاز الدولة لفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.