الكاتب: د.فوزي علي السمهوري
لم تشهد أمريكا عزلة سياسية دولية على الصعيدين الرسمي والشعبي كما تشهده حاليا وبشكل خاص لقيادتها عبر وكيلها الكيان الإسرائيلي المصطنع حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وبوتيرة اقل وحشية بالضفة الغربية خلال الستة عشر شهرا الأخيرة ولإعلانها بصلافةعن مخططها بإقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه التاريخي بدءا من قطاع غزة باقذر عملية تهجير قسري تحت طائلة القتل لمن يرفض تصفية للقضية الفلسطينية بحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساس المكفولة دوليا بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وتداعيات ذلك على إمكانية تهديد الأمن القومي الأردني والمصري خط الدفاع الأول عن الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل .
لماذا العزلة الأمريكية :
للعزلة الأمريكية السياسية التي نشهد مظاهرها من خلال القرارات الصادرة عن المجتمع الدولي الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والمنددة والرافضة للجرائم والإنتهاكات الإسرائيلية ممثلة بقرارات الجمعية العامة وعن مجلس الامن لولا الفيتو الذي يحول دون إقراراها وعن محكمة العدل الدولية وعن المحكمة الجنائية الدولية وعن مجلس حقوق الإنسان وعن المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية وعن الشعوب المنتفضة بدولها على إمتداد العالم بما فيها امريكا واوربا بالرغم من جبروتها وقوتها العسكرية والإقتصادية إلا أنها دلالة ومؤشر على أن أمريكا تمر بمرحلة أولى من مراحل الإنهيار وتراجع النفوذ الأمريكي على الساحة العالمية حتى على الدول الحليفة كدول الإتحاد الاوربي التي يقودها ألرئيس ترامب بعنجهية والمتمثلة بالعزلة السياسية الدولية الناجمة عن عدد من العوامل منها :
أولا : عقلية الإخضاع للدول .
ثانيا : السطو المباشر وغير المباشر على ثروات العالم .
ثالثا : توظيف الأمم المتحدة ميثاقها واهدافها وقراراتها خدمة لمصالحها دون إعتبار لمصالح وأمن وإستقرار الاطراف الأخرى دولا وشعوبا .
رابعا : الإزدواجية البغيضة في التعامل مع القرارات الدولية وبتفسيراتها المتناقضة للقوانين الدولية كحق الدفاع عن النفس على سبيل المثال .
خامسا : إستخدام القوة العسكرية او التلويح بها لفرض سياستها وتحقيق اهدافها .
سادسا : تهديدها الأمن والسلم الدوليين عبر ضرب عرض الحائط بالشرعة الدولية ودعمها وتمكينها لدول وكيانات مارقة بكل وسائل القوة العسكرية والسياسية والقانونية وتمكينها الإفلات من المساءلة والعقاب عبر إستخدام الفيتو خلافا لفلسفة ومبررات شرعنته كما هو حاصل في تبرير ودعم إستمرار الإحتلال العسكري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا وللجولان السورية من جهة ودعمها جرائم الحرب وجرائم الإبادة والتطهير العرقي وضد الإنسانية وإستمرار إرتكابها بوحشية لم يسجل التاريخ الحديث مثيلا لها من قبل الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي تحت ذريعة الدفاع عن النفس خلافا للمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة .
سابعا : الإنسحاب او التهديد بالإنسحاب من هيئات ومؤسسات دولية ووقف الإيفاء بإلتزاماتها المالية والاخلاقية كما حصل مع مجلس حقوق الإنسان ووكالة الاونروا بتحد صارخ للمجتمع الدولي وتنصل من إلتزاماتها وواجباتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن مرسلة بذلك رسالة تهديد لباقي المنظمات والهيئات الدولية التي تعبر عن الإدانة والشجب والرفض لجرائم وسياسات الكيان الإستعماري الإسرائيلي العدوانية والتوسعية او للسياسة الأمريكية إلتزاما وإعمالا لأنظمتها واهدافها .
ثامنا : توظيف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي كاداة ضغط على غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم لإرغامها الإنصياع لقراراتها او لوقف علاقتها مع دول كبرى كروسيا والصين القطب العالمي الآخر المنافس .
تاسعا : تقويض مبادئ العدالة والمساواة امام القانون الدولي المنصوص عليها أيضا بميثاق الأمم المتحدة عبر إستهداف محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية وفرض عقوبات على قضاتها واجهزتها القانونية والإدارية بل وتهديد الدول الملتزمة بإعلاء وسمو وإحترام القانون والعدالة الدولية دون إزدواجية وإنتقائية .
لفرض الإرادة الدولية :
التغول والعنجهية الأمريكية في التعامل مع غالبية دول العالم وإقصاءها الإرادة الدولية عن مسار تنفيذ القرارات الدولية يتطلب تشكيل قوة مضادة تفرض مصالحها وإرادتها وإلا ستبقى غالبية دول أعضاء الجمعية العامة وشعوبها ضحية للعنجهية الأمريكية بشكل خاص ولاي قوة غاشمة بشكل عام وما القضية الفلسطينية وإستمرار الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية المعترف بها من قبل ١٤٩ دولة وما يتعرض له الشعب الفلسطيني على مدار ٧٧ عاما من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق حرب إبادة وتطهير عرقي إلا نموذج لما قد يحيق بشعوب دول من دول العالم الثالث وفق التصنيف الامريكي والاوربي .
القوة المضادة آن لها ان تتشكل من جميع الدول المؤمنة بإعلاء وسمو مبادئ الحرية والعدالة والمساواة إعلاءا لقوة الحق ونبذا لمنطق حق القوة بالتصدي للسياسة الأمريكية التي بدت جلية بتصريحات الرئيس ترامب العلنية بضم اراض دول وتهجير قسري للشعب الفلسطيني ورفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة حرمانا للشعب الفلسطيني من الحرية والإستقلال وتقرير المصير المكفول بالشرعة الدولية بإنتهاك لميثاق الأمم المتحدة واهدافها بترسيخ الأمن والسلم الدوليين .
القوة المضادة المطلوبة أمامها سبيلين لتحقيق اهدافها إما تعديل ميثاق الأمم المتحدة وكسر إحتكار الصلاحيات التنفيذية المناطة حصرا بالدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وإلغاء حق الفيتو المصاحب لها وإما بالإنسحاب الجماعي من الجمعية العامة وتشكيل منظمة دولية جديدة تعمل بتجسيد العدالة والمساواة وحقوق الإنسان واقعا لا شعارا .
عزل إسرائيل دوليا وتجميد عضويتها بالجمعية العامة وكافة الهيئات والمؤسسات الدولية ومقاطعة المصالح الأمريكية رسميا وشعبيا البداية.
هذا ليس حلما وإنما يتطلب إرادة ...وإرادة الشعوب لا تهزم وستنتصر بإذن الله