الكاتب: بسام زكارنه
يستيقظ الفلسطينيون كل يوم على مشاهد الموت والدمار، لكن ما يحدث الآن في مخيمات الضفة الغربية تجاوز كل حدود الإجرام، ليصل إلى مستوى الإبادة الجماعية الممنهجة ، إسرائيل، التي لم تكتفِ بحربها الوحشية على غزة، تنفذ اليوم خطة معلنة للقضاء على المخيمات الفلسطينية في الضفة، بدءاً بمخيم جنين، مروراً بمخيم نور شمس، وطولكرم، والفارعة، وغيرها، في جريمة ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي أمام أنظار العالم.
مخيمات تحترق وسكان يُقتَلون أو يُهجَّرون
في مخيم جنين، لا يمر يوم دون اجتياحات عسكرية ضخمة، قصف، تدمير للبنية التحتية، وإعدامات ميدانية، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المخيم بعشرات الآليات العسكرية، واستخدمت الطائرات المسيرة في قصف الأحياء السكنية، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، بينما استكملت الدبابات والجرافات العسكرية عملية هدم البيوت وتشريد سكانها.
في مخيم طولكرم ومخيم نور شمس، المشهد ليس مختلفاً ، قوات الاحتلال تحاصر المخيمات لأيام، تمنع دخول الطواقم الطبية والصحفية، تنفذ عمليات قتل مباشر بدم بارد، ثم تبدأ الجرافات في تسوية المنازل بالأرض، دون اكتراث للعائلات التي كانت تسكنها ، المستشفيات لم تعد قادرة على استقبال المزيد من الجرحى، بسبب نقص الإمكانيات والحصار المشدد.
أما في مخيم الفارعة، فقد تحولت الشوارع إلى ساحات من الدماء و الدمار ، حيث يواجه الشيوخ و النساء و الأطفال الفلسطينيون رصاص الاحتلال بصدورهم العارية، بينما تعيث القوات الإسرائيلية خراباً في المخيم، تحرق المحال التجارية، وتفجر البيوت، وتعتقل العشرات بلا أي تهمة سوى أنهم فلسطينيون.
مخطط تطهير عرقي يمتد إلى القرى والمدن
ما يجري في هذه المخيمات ليس عمليات عسكرية عابرة، بل هو جزء من خطة إسرائيلية واضحة تهدف إلى محو الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية ، التصريحات الإسرائيلية الرسمية لا تخفي ذلك، بل تعلن بوضوح أن الاحتلال يعتزم استكمال عملياته في جميع مخيمات الضفة، ثم توسيع نطاق الاعتداءات ليشمل القرى والمدن الفلسطينية، في تكرار لنكبة جديدة تحت غطاء أمني مزعوم.
الهدف الأساسي لهذا المخطط هو تهجير الفلسطينيين قسرًا، وتحويل المخيمات التي كانت شاهدة على النكبة الأولى إلى أنقاض، في محاولة لطمس أي دليل على جريمة التهجير الكبرى التي ارتكبتها إسرائيل عام 1948.
صمت داخلي وإقليمي ودولي مخزٍ
وسط هذه الجرائم المروعة، يقف الجميع متفرجين ، الفصائل تكتفي بالإدانات الخجولة، غير قادرة على اتخاذ أي خطوات فعلية لحماية شعبها ، الدول العربية، التي تملك أوراق ضغط هائلة، تصمت أو تصدر بيانات جوفاء لا قيمة لها، بينما المجتمع الدولي، وكالعادة، يمنح إسرائيل المزيد من الوقت لاستكمال مجازرها، تحت مبررات “الدفاع عن النفس” ، و لا نستغرب ان يعلن ترمب بانه سيبني منتجع جديد مكان جثث و بيوت أطفالنا و نسائنا في جنين و طولكرم كما اعلن عن غزة .
أما الإعلام العالمي، الذي يصرخ لأجل أوكرانيا، فهو ذاته الذي يبرر المجازر الإسرائيلية أو يتجاهلها تماماً ، في ازدواجية مفضوحة تكشف انحياز الغرب المطلق للاحتلال.
إلى متى يستمر هذا الصمت؟
إسرائيل تنفذ اليوم حرب إبادة منظمة في الضفة الغربية، وستستمر في ذلك ما دام العالم يتجاهل جرائمها ، إن ما يجري ليس مجرد تصعيد أمني، بل هو مخطط إحلالي يسعى لتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين، وهو ما يستدعي موقفاً عربيا ودوليا عاجلاً ، قبل أن تمتد هذه الحملة إلى كل قرية ومدينة فلسطينية.
إننا أمام لحظة فارقة، فإما أن يتحرك الفلسطينيون والعرب والعالم الحر لوقف هذه المجازر، أو أن يسجل التاريخ نكبة جديدة، تحت أنظار الجميع، وبتواطؤ دولي غير مسبوق.