الكاتب: بسام زكارنه
تمر القضية الفلسطينية بمرحلة حرجة ومعقدة تهدد وجودها وتستهدف حقوق شعبها في الحرية والكرامة ، ففي وقت يشهد فيه العالم تزايداً في الانتهاكات الإسرائيلية، وتهديدات مستمرة لتهويد القدس واستمرار الاستيطان في الأراضي المحتلة، أصبحت فلسطين في مفترق طرق حاسم ، الحرب الوحشية التي تشنها إسرائيل على غزة، والانتهاكات الممنهجة في الضفة الغربية، ومواصلة الحصار على الشعب الفلسطيني، باتت تهدد الوجود الفلسطيني بشكل غير مسبوق.
في هذه الظروف، تكتسب القمة العربية القادمة أهمية استثنائية، فهي ليست مجرد اجتماع سياسي، بل فرصة حاسمة لاتخاذ إجراءات عملية لمواجهة العدوان الإسرائيلي، ودعم صمود الفلسطينيين، وإعادة ترتيب الأوراق السياسية العربية بما يخدم القضية الفلسطينية. الشعب الفلسطيني، في الداخل والخارج، يترقب بشغف ما ستسفر عنه القمة، وما إذا كانت ستقتصر على بيانات الإدانة أم ستترجم إلى خطوات ملموسة على الأرض.
1. وقف العدوان الإسرائيلي فوراً : قرارات تنفيذية وليست بيانات
تحتاج القمة إلى موقف عملي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية، وذلك عبر:
• استخدام أدوات الضغط الدولية: تشكيل وفد عربي على مستوى وزراء الخارجية للتحرك في مجلس الأمن والأمم المتحدة لفرض حظر أسلحة على إسرائيل، وطلب نشر قوات دولية لحماية الفلسطينيين.
• اتخاذ قرارات عربية حازمة: مثل تعليق العلاقات مع الدول التي تدعم الاحتلال بالسلاح، وإعادة النظر في اتفاقيات التطبيع، وفرض عقوبات على الشركات التي تدعم الاستيطان الإسرائيلي.
2. دعم السلطة الوطنية الفلسطينية مالياً وفق آلية رقابة واضحة
تعاني السلطة الوطنية الفلسطينية من أزمة مالية خانقة بسبب الحصار المالي الإسرائيلي والدولي بسبب الضغط الأمريكي ، لذا، يجب على القمة اتخاذ قرارات واضحة تشمل:
• إنشاء صندوق دعم عربي طارئ للسلطة الفلسطينية، على أن يكون تحت رقابة هيئة عربية مستقلة لضمان توزيع الأموال بشفافية، والخروج بشكل جماعي من الالتزام بالحظر الأمريكي ، لما تشكل تبعات انهيار السلطة و التهجير على الدول العربية و استقرار منطقة الشرق الاوسط.
• تقديم دعم مباشر للمشاريع التنموية، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، لضمان وصول المساعدات إلى شريحة أكبر من الشعب الفلسطيني، دون إهمال الإنفاق الحكومي لمنع انهيار السلطة الوطنية كنواة للدولة الفلسطينية ، مع ضرورة اجراء اصلاحات داخلية حقيقية .
3. دعم الموقف الفلسطيني في المحاكم الدولية
يجب أن تتبنى القمة قراراً عملياً لدعم موقف جنوب إفريقيا والدول الأخرى في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، عبر:
• تشكيل لجنة قانونية عربية لتقديم الدعم القانوني للملفات الفلسطينية أمام المحاكم الدولية.
• الضغط على الدول الصديقة في آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا لدعم الدعاوى القضائية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
4. إنهاء الانقسام الفلسطيني برعاية عربية
لا يمكن الحديث عن مقاومة الاحتلال دون تحقيق وحدة فلسطينية حقيقية، لذا يجب أن تتبنى القمة:
• مبادرة عربية للمصالحة، تتضمن تشكيل لجنة وساطة تضم شخصيات مستقلة من الدول العربية تعمل على تقريب وجهات النظر بين الفصائل الفلسطينية.
• عقد مؤتمر فلسطيني شامل خلال 3 أشهر، يضم كافة الفصائل، برعاية عربية، لوضع خارطة طريق لإنهاء الانقسام وفق جدول زمني محدد.
5. إعادة تشكيل مسار السلام عبر مؤتمر دولي جديد
بدلًا من ترك المفاوضات بيد الولايات المتحدة المنحازة لإسرائيل، يجب أن تعمل القمة على:
• تشكيل لجنة عربية للتحضير لمؤتمر دولي للسلام بمشاركة روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، بهدف إعادة التوازن إلى العملية السياسية.
• رفض أي مبادرات لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، والتأكيد على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.
التاكيد على ان ديمومة وقف المواجهات و الحروب في المنطقة تتمثل بحل عادل للقضية الفلسطينية و انهاء الاحتلال للاراضي المحتلة عام 1967 و عاصمتها القدس وان لا امكانية لديمومة وقف اطلاق النار دون ذلك ، و كل القرارات و المبادرات تسقط لان مقاومة الاحتلال و ممارساته المستمرة نتيجة حتمية و مكفولة بالقوانين الدولية .
6. فرض عقوبات اقتصادية على الاحتلال وداعميه
• منع التعامل مع الشركات التي تدعم الاستيطان الإسرائيلي، وإدراجها في قائمة سوداء عربية.
• وقف أي اتفاقيات تجارية مع الدول التي تدعم الاحتلال عسكرياً ، واستخدام الضغط الاقتصادي كسلاح لمواجهة إسرائيل.
7. ضمان استمرار جهود تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار
• التأكيد على دعم أي صفقة تبادل أسرى بين المقاومة والاحتلال، واعتبارها خطوة ضرورية لوقف العدوان.
• الضغط على الأطراف الدولية لضمان وقف إطلاق النار وفق شروط تضمن حماية الفلسطينيين ورفع الحصار عن غزة بشكل دائم وان لا تستأنف اسرائيل حرب الابادة و التطهير العرقي بعد استكمال الصفقة .
8. إعادة إعمار غزة والضفة بجدول زمني واضح
الدمار الذي خلفه الاحتلال في غزة، والاستهداف المستمر لمنازل الفلسطينيين و البنية التحتية في الضفة الغربية، يحتم على الدول العربية تبني خطة عاجلة لإعادة الإعمار، تشمل:
• إنشاء صندوق عربي لإعادة إعمار غزة والمناطق المدمرة في الضفة الغربية، بحيث يتم جمع التمويل من الحكومات والقطاع الخاص العربي، تحت إشراف هيئة مستقلة لضمان سرعة التنفيذ والشفافية.
• تحديد جدول زمني لا يتجاوز عاماً واحداً لإنجاز المشاريع العاجلة، خاصة الإسكان والبنية التحتية، لضمان عودة النازحين إلى منازلهم وإنقاذ المهجرين من كارثة إنسانية.
• إشراك المؤسسات الفلسطينية والشركات العربية في تنفيذ مشاريع الإعمار، بدلاً من الاعتماد على الجهات الأجنبية التي تخضع للضغوط الغربية والإسرائيلية.
9. وضع سقف زمني للقرارات العربية
لكي لا تبقى هذه المطالب مجرد قرارات غير مُلزمة، يجب أن تحدد القمة:
• مهلة 6 أشهر للتحضير لمؤتمر السلام الدولي.
• 3 أشهر لعقد مؤتمر فلسطيني لإنهاء الانقسام.
• شهرين لإنشاء صندوق الدعم المالي للسلطة الفلسطينية.
• عام واحد فقط لإنجاز المرحلة الأولى من إعادة إعمار غزة والمناطق المدمرة في الضفة.
القمة العربية القادمة يجب ألا تكون مجرد محطة لإصدار بيانات الإدانة، بل لحظة حقيقية لاتخاذ قرارات تنفيذية تغير الواقع ، لا يكفي الحديث عن دعم فلسطين، بل يجب أن تُترجم الأقوال إلى أفعال من خلال خطوات عملية واضحة، تشمل الضغط السياسي والدبلوماسي، والدعم المالي المدروس، والعقوبات الاقتصادية، والمساندة القانونية، وفرض مسار تفاوضي جديد أكثر عدالة.
الشعب الفلسطيني لم يعد بحاجة إلى كلمات، بل إلى مواقف جادة تُغيّر موازين الصراع لصالح قضيته العادلة، وتضمن إعادة إعمار ما دمره الاحتلال في غزة والضفة، ليعيش الفلسطينيون بكرامة على أرضهم.