السبت: 15/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

مصر.. سيناريوهات مواجهة مخططات التهجير ومناورات ترامب ونتنياهو

نشر بتاريخ: 14/02/2025 ( آخر تحديث: 14/02/2025 الساعة: 19:10 )

الكاتب:

اكرم القصاص

مصر تعرف تفاصيل القضية الفلسطينية، وتتعامل مع تحديات ومناورات متنوعة بدقة واحترافية، خاصة أن كل خطوة أو مخطط من مخططات الاحتلال أو الولايات المتحدة تكون مصحوبة بتشكيك الدول العربية فى قدراتها، أو الهجوم على الدول العربية الفاعلة والتى تمتلك التأثير والقدرة على العمل، فقد اعتاد الاحتلال الإسرائيلى أن يهاجم مصر ويردد الأكاذيب ضد مصر بشكل دائم، وقلنا إن مصر خاضت حروبا فى داخل الحرب على غزة، حربا دبلوماسية وأخرى سياسية وثالثة اجتماعية وإنسانية وحروبا إعلامية فى مواجهة أكاذيب نتنياهو والاحتلال والإعلام الإسرائيلى والأجهزة التى لم تتوقف عن إطلاق الأكاذيب ضد مصر وبالطبع كانت تستخدم منصات تنظيم الإخوان ومموليه لتمرير الأكاذيب أو تبرير الخطط.

وقد كانت مخططات التهجير تنطلق من الاحتلال ثم تقدمها منصات التنظيم بالخارج تحت مزاعم الإنسانية بينما كان الهدف تمرير مخططات التهجير، وتصدت مصر مبكرا لهذه المخططات التى كان البعض يتساءل عن مصادرها، ويتشككون فيها، انتبهت مصر مبكرا وبعد أيام من طوفان الأقصى، 13 اكتوبر 2023، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى رفض التهجير الذى ظهر بشكل مباشر بعد 7 أكتوبر وكان مخطط التهجير كان ينتظر ساعة الصفر ممثلة فى هجوم على الاحتلال اتخذته إسرائيل ذريعة لبدء تنفيذ مخطط التهجير.

الرئيس السيسى تحدث مبكرا عن رفض التهجير، وأن السلام يحل فقط مع حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، وتمسكت مصر بهذا بناء على خبرتها مع كل الأطراف الإقليمية وأيضاً خبرتها مع إسرائيل حربا وسلما، وأيضا خبرتها مع القضية الفلسطينية ، وهو ما يجعل القاهرة تمتلك الحل البديل الذى سأل عنه بعض أطراف الإدارة الأمريكية، حيث أعلنت مصر مبكرا استعدادها لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة.

وكان لدى القاهرة جواب على كل سؤال، وعندما طرح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مخططات التهجير كان الرد المصرى حاسما، وخطابات مصر دائما حاسمة تؤكد أنها تمتلك رؤية تمكنها من التوقع بسيناريوهات المستقبل.

الموقف المصرى من البداية ضد التهجير ومع إدخال المساعدات إلى غزة ، بشكل كاف يواجه الحصار والتجويع الذى تعمده الاحتلال.

مصر انتبهت مبكرا لما يجرى، بخبرتها مع كل الأطراف ولهذا كان كل دفع من مصر نحو السلام يقابله هجوم وتحريض من أمراء الحرب المتطرفين الذين يتكسبون من الصراع.

مصر تنظر إلى القضية الفلسطينية ككل، وأن الدولة الفسطينية هى الغاية، على العكس من أطراف تستخدم القضية لتحقيق مكاسب وأرباح، وجهات إقليمية تدعم التطرف بل والإرهاب وحملات الكراهية.

لهذا فإن الحرب ضد مصر توجه أيضا ضد الدول العربية الرافضة لمخططات الاحتلال وآخر نموذج الحملة ضد الأردن والملك عبدالله بعد لقائه مع الرئيس الأمريكى، حيث تم تزوير وفبركة تصريحات تزعم موافقة الملك عبدالله على التهجير وهو ما اتضح كذبه التام، وكشف البيت الأبيض نفسه هذا الكذب، وقالت نيويورك تايمز إن الملك عبدالله رفض مقترح الرئيس ترامب بإخلاء غزة من أهلها وإعادة توطينهم فى البلاد المجاورة، وقال إنه يعارض هذا المقترح الذى يفضى إلى تحكم أمريكا فى غزة، وقال إن هناك موقفا عربيا موحدا، لكن بعض المنصات الإقليمية تعمدت نقل معلومات مغلوطة بشبه تعمد، فضحته الصحف الأمريكية نفسها وبيانات البيت الأبيض، التى أكدت رفض ملك الأردن للتهجير على عكس التصريحات المفبركة التى تستهدف الأردن بينما مصر والأردن وكل العرب ضد التهجير.

وقالت صحيفة «جارديان» البريطانية إن ملك الأردن رفض ضغط الرئيس الأمريكى لاستقبال الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم، وأكد الملك مجددا معارضة بلاده بشدة لهذه الخطوة، وقالت جارديان إن النقل القسرى لسكان غزة يعتبر جريمة بموجب اتفاقيات جنيف، وأشارت إلى أن ترامب أثار غضب العالم العربى بتصريحاته وأن اقتراحه بتطوير القطاع، وتحويل المنطقة التى دمرتها الحرب إلى ما أسماه ريفيرا، وهو ما أثار سخرية مراقبين ومحللين بالعالم.

الواقع أن استهداف الأردن سبقه استهداف المملكة العربية السعودية التى نالها جزء من الادعاءات، حول التهجير الذى تم رفضه بشكل حاسم من مصر والدول العربية، ودعت القاهرة إلى قمة عربية طارئة يوم 27 فبراير الجارى، مع تكثيف اللقاءات والاتصالات والتنسيق بين الدول العربية بالشكل الذى أوصل رسالة واضحة بالرفض التام الحاسم للتهجير، وأن مصر لديها سيناريو للإعمار والتعامل السياسى، وهو ما أشار إليه الملك عبدالله أثناء زيارته لواشنطن.

كل هذا يشير إلى تراجعات أو تعديلات فى التصريحات الخاصة بالتهجير، والتى أثارت انتقادا، بل وسخرية من داخل الولايات المتحدة نفسها لدرجة أن CNN وصفتها بأنها وقحة وحذرت من أن الاستمرار فى طرح فكرة التهجير يعرض المنطقة لخطر بجانب أن هذه الفكرة بالفعل تعرض مصالح الولايات المتحدة واتفاقيات السلام لهزة، بل إن بيانات مصر كانت واضحة وحملت رسائل حاسمة، كانت نتاج عمل مشترك تمت إدارته باحترافية مع الدول العربية والإسلامية بل والغربية، كان جزءا من استراتيجية، وقد تضمن البيان المصرى تلويحا واضحا بأن اتفاقيات السلام فى خطر، عندما تضمن البيان حديثا عن خطورة «تعريض مكتسبات السلام فى المنطقة للخطر».

لقد كان التحرك المصرى والعربى حاسما ضد التهجير، ولم يتحرك الرئيس إلى أى لقاءات بالولايات المتحدة ضمن سيناريو متوقع يناسب حجم مصر ، ويشير إلى أن لدى القاهرة سيناريوهات للتعامل مع المحددات والتحديات وما يستجد منها، وهو أمر يتوقعه من يعرف مصر وحجمها وتأثيرها، وليس هؤلاء التائهون فى تحليلات سطحية، وهو مكسب لا يعنى نهاية التحديات، وإنما مرحلة أو جولة تتبعها جولات من قبل الرئيس الأمريكى الذى يدخل بتلويحات لا تخلو من مغامرات وعدم فهم لبعض محددات القضية الأقدم والأكثر تعقيدا فى العالم، القضية الفلسطينية.

اليوم السابع