الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تربطني علاقة صداقة طويلة مع عدد كثير من المناضلين شاركوا في (المؤتمر الوطني الفلسطيني) الذي ينعقد في العاصمة القطرية الدوحة كما تربطني علاقة صداقة اقوى بقيادة منظمة التحرير وقيادة فتح وهي علاقة عشرات السنوات من المعرفة والدرب الواحد والتاريخ المشترك والعمل سويا . وقد سمحت لي الظروف الاطلاع على تفاصيل كثيرة من لحظة نشوء فكرة المؤتمر حتى ولادتها ثم متابعاتها والعقبات امام انعقاده في رام الله ، ومن الواضح انني حسمت امري منذ البداية ورفضت المشاركة ، لقناعتي ان الأمور سوف تخرج عن نصابها وتذهب بعيدا عن السكة المقرر السير عليها محليا وعربيا ودوليا .
حين عرض أصحاب الفكرة الأمر أمامي قلت لهم بوضوح ان جميع محاولات اصلاح منظمة التحرير عبر التاريخ المعاصر باءت بالفشل ، وانني بعد أربعين سنة في منظمة التحرير وصلت الى قناعة ان افضل شعار يناسبني هو شعاري ( لا وألف لا لإصلاح منظمة التحرير ) لان جميع الانشقاقات والصراعات داخل المنظمة بدأت تحت شعار اصلاح المنظمة . وان المنظمة التي اسستها القمة العربية واطلقها المرحوم احمد الشقيري كانت هكذا وسوف تبقى هكذا ولن تتغير ابدا ، الشعب يتغير والقوى تتغير والتنظيمات تنهار ودول تختفي ودول تظهر ولكن منظمة التحرير ثابت لا يتغير بالمناخ ولا بعوامل التعرية ولا انجراف التربة. وقد تحولت منظمة التحرير الى تمثال شهير يقف في وسط ساحة عظيمة واعتاد الناس ان يمروا بجانيه بكل هدوء دون أي خلاف لدرجة انهم لا يدققوا في ملامحه التي لا تتغير ولا بقلبه الذي قد من صخر .
فبعد ان تقطع من حياتك ثلثي العمر المليئة بالتجارب تارة تنجح وأضعاف اضعافها تفشل ، تصل الى مرحلة تعرف من خلالها : ان هناك أشياء يمكن تغييرها وهناك أشياء لا تتغير ابدا مهما فعلت ومهما حاولت ومهما خسرت لأجل تغييرها .
مؤتمر الدوحة المذكور محاولة يائسة لتحريك منظمة التحرير من مكانها على ميناء الانتظار ونقلها الى أعالي البحار الهائجة ، وهذا لن يحدث اليوم ولا في أي وقت اخر لان المنظمة حسمت مواقفها تجاه الاحداث بشكل قاطع .
اما رد فعل المنظمة ضد المؤتمر فهو نمطي ويحمل رسالة للجميع وعلى رأسهم قطر مفادها ان لا تتدخلوا بالمنظمة ولا تحاولوا معنا هذه اللعبة سواء كانت مقصودة او غير مقصودة .
قناعتي الشخصية انه من المستحيل إحداث أي تغيير في منظمة التحرير ودورها وادواتها الا من خلال حركة فتح . كما ان تغيير فتح لا يمكن من خارجها ولا يمكن من تحتها ولا يمكن من أطرافها ولا من أي عاصمة كانت ، لان التغيير في حركة فتح هو تغيير في النظام نفسه وهو لا يمكن الا من خلال الخلية الأولى فقط .