الخميس: 20/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

يا راعي القطيع ...

نشر بتاريخ: 18/02/2025 ( آخر تحديث: 18/02/2025 الساعة: 11:59 )

الكاتب: يونس العموري

ولنا في الكلام ومحاولة الصراخ معنى ... ولنا ان نظل بالصمت مكللين او نجهر بالقول الفصيح الصريح والقول الفصل في عوالم التغول على الكلمة، لعل وعسى ان يسترق السمع لمن يصم اذنيه عن السماع ولعل من يقف معاتبا مطاردا لأبجديات النقش عل لوح المواقف ان يكف عن عويله ويستمع... ويحاول ان يتفكر ويصمت للحظة ...

يا راعي القطيع وانت الجالس على الربوة العالية ببرجك العاجي العالي، هل انتبهت الى الذئاب المتربصة بالحلم وبالأمن والأمان للمرعى، هل كانت لك نظرة على الخطر الداهم ومخططات ذئاب البراري الكامنة بالقرب من بيتكم المحصن؟؟ يا سيدي هل لك ان تحرس الحلم ...؟؟ وتعمل على حماية القطيع من المتربصين، ام أنك ما زلت تؤمن بإمكانية التعايش مع ذئاب البراري، وتقديم جزء من القطيع لهم ...؟؟ يا سيدي هل جدوى من لقاء كبيرهم او صغيرهم للتباحث أولا واخرا بصياغة مفاهيم امنهم وامانهم من خرمشة وخربشة بعض القطيع المطارد المطرود ..؟؟ والاثمان اليسير من فتات الموائد للجوعى والملهوفة قلوبهم، وفتح الممرات للهث خلف المطر المتناثر على المرعى.. وانت الأدري والأعلم ان تلك الذئاب تريد افتراس القطيع كله بقضمة واحدة او على مراحل.. يا سيدي هم الذين لا يعترفون بمجرد وجود هكذا قطيع او من حق هذا القطيع بالعيش بالجزء القليل من المرعى.. وانت كما انت تحاول اقناعهم بإمكانية التعايش وهم الرافضون.. ويقتلون ويفترسون كل يوم جزء من قطيعك ،،، يا سيدي هل لنا ان نسمعك قصة سيد القبيلة وتلك القبائل المتناحرة، فهي قصة من قصد القبيلة وأقسم بعناقيد الغضب على الثأر، وغادر كل أشكال الترف وعاش طريدا مطاردا مطرودا مهاجما هائجا ليقتص من القتلة، لم يصالح ولم يقبل التصالح حتى يعود الأخ إلى مهجعه، كانت له فلسلفتة بالتصالح وعقد الصلح على ارض الواقع بعد ان يعود الطير إلى عشه وتعود عقارب الساعة إلى الوراء وكل الرؤوس ليست بسواء، لم يقبل ان يساوم وحاول ان يعايش الواقع والوقائع وظل يثأر للمقتول من القاتل ولم يقتل القاتل.. كان يمارس البكاء والنحيب واحترف ممارسة القتال من على صهوة الجواد … هو الاسم الآخر للاستكانة والتفاوض والقبول بالمقبول والقابل على الاستهانة في عصر تدنيس الذات وتحوير المعاني وانفلات المعايير وتبدل المقاييس، وإهانة القيم وتغير منظومة المفاهيم.

هي قصة وطن حاول ويحاول خفافيش الليل المتسترين برداء غير أثوابهم الحقيقية تطويقه وإحالته إلى مستنقع آسن تفوح منه رائحة الحقد والكراهية والفساد والإفساد، مرتزقة الهدم وإراقة الدم بصرف النظر عن تموضعهم، هي قصة وطن صار مستباحا لمراهق يحترف العويل بوجه الحقيقة.

هي حكاية الموت المتربص خلف الجدران الباردة، حينما يأتي قبل أوانه على يد أعداء الحياة والحب والإنسان.

يا قتلة الحلم وإرادة العيش والأمل ماذا تريدون…؟؟ إن كانت السلطة فخذوها وابتعدوا… وإن كانت المغانم فأسرفوها واذهبوا…. وإن كان الدم فخذوا حصتكم وارحلوا…. وإن كان القتل والذبح من الوريد إلى الوريد فقرابيننا بانتظاركم… اشحذوا سكاكين قتلكم وتعالوا نحن بانتظاركم…

يا أنصاف الرجال والمتطفلين على جسومنا … فعلكم مخز… ولغتكم صارت عبرية لا نفهمها… وهيئاتكم غريبة وكأنكم القادمون من غير هذه الروابي والسهول والجبال، لا تعرفكم هذه التلال ولا تتعرف على هويتكم … أنتم خارج إطار حلمها… واعلموا أنها ستلفظكم يوما… وترمي بكم على قارعة الطريق….

هو الشعب الذي سئم غيكم وسئم قولكم وفعلكم… لابد من ان ينتفض عليكم … وصرخته ستقض مضاجعكم…فيا أيها الشعب المظلوم انتفض على ثقافة الهزيمة المطعَم بنكهة الانكسار والخضوع والسكون والخنوع لفرماناتهم، واسمع صوتك لهم، وإن كانت القصة قد بدأت هناك في دهاليز التربص للأحلام، فبلا شك ان للرواية فصولا أخرى لن يكتبها أرباب المصالح والتصالح مع الآخر.. وستخط أبجدياتها طفلة رابضة أمام ركام منزلها في وسط الشارع المُتغير في جباليا وبيت لاهيا، وبالقدس الشاهدة الشهيدة والذي يباشر ابوها بفعل هدمه بقرار من يهوذا.. وبتواطؤ بشكل أو بآخر من يتمنطق باسم المدينة المظلومة دهرا وزمنا وازمانا.. ويا طفلة الحواري والقهر قولي وأسمعيهم نبض حزنك وقهرك .... تحية من زقاق وحواري ايلياء العتيقة وأحيائها، ليصل صداها الى القاعدين والقاعدات بين الأنقاض هناك في مدون الموت على الساحل المتوسط الأبيض.

تحية من تحت أنقاض البيوت المنهدمة بقرار شركائكم في صناعة الوهم التسووي، من القدس أحدثكم وأخط بعض من أقاصيص اللحظة، تلك القدس التي أضحت مهملة من سادة العرش، واولي الأمر، وجماهير الاستسلام والتسليم والصمت على الجرائم بحق قدسكم، فيا جماهير الصمت والوجع والقهر والألم، يا جماهير هذه الجغرافيا الممتدة من تلك الرابية في أقاصي الشمال، إلى النقطة الفاصلة مع البحر في جنوب الصحراء، والذي يُراد لها أن تنطق بالعبرية المُعبرنة الجديدة … يا جماهير الصمت المتجولة والمتخبطة في ثنايا تلك العباءات الآتية من رحم الصحراء ومجاهليها لتتلو مزاميرا كانت أن اندثرت في غياهب تيه الظلامية وفي ظل زهر اللوز الذي يحاول أن يتألق ويزهو، وحينما تصدح أهازيج فرح متسللة إلى بيوت الفقراء بليل العراء عند النار الموقدة المعلنة عن قدوم الفلاحين البسطاء، قد كانوا للتو هناك يحرسون القمر الساطع على حقولهم ويمارسون لعبهم وفرحهم ويهمسون بالشجن أحزان الثكالى…

يا أيتها الجماهير المُنساقة لحلبة اللهو والمنشغلة بحسابات الربح والخسارة، وحسابات السلطة تتوالى بحسبة اخرى ليس لها علاقة بحساباتكم، وقد تجيء ثورة العبيد مباغتة لكم، وهذه المرة لن يظهر للعيان سبارتاكوس ليقول كلمته بالجمع ويحاول ان يجمع البسطاء من حوله ولن يستعرض امامكم بطولاته وبالرماح لن يسقط أعداؤه، وأنتم بالصمت تعتصمون… فقد كان سبارتاكوس يرمي بكلماته منذ مئات السنين في افئدة المؤمنين بضرورة اسقاط الفرعون والمملوك والآتي إلى الحكم صدفة بإرادة أخرى غير إرادتكم…

سيظل ذاك الممتطى لصهوة الحقيقة يجوب التلال والبراري مقسما بعناقيد الغضب، بأن لا يصالح وسيأتي زمن آخر غير هذا الزمن وان طال انتظاره، فالعتيقة على موعد معه عند أول الصبح وانبلاج الخيط الأبيض من السواد المكلل في سماء مدينة القهر النائمة على احزانها، وللحديث بقية بكل الاتجاهات والمسارات.