الكاتب: نبيل عمرو
كان يُنظر إليها من خلال دورياتها الروتينية، وأحياناً من خلال زلازل طارئة، كانت تحدث في عالمنا العربي وأحياناً كانت تخلف آثاراً كارثية تملي موقفاً عربياً موحداً منها، وأحياناً كانت في بعض قراراتها تنتج انقساماً جديداً يعمق القديم، ويبعد سبل معالجته.
غير أن القمتين.. المصغرة التي تبدأ اليوم في الرياض والموسعة التي ستبدأ بعدها بوقت قصير في القاهرة، لن يكونا كالقمم السابقة مجرد روتينية ودورية، بل قمماً مختلفة عن سابقاتها من حيث المهام العاجلة التي لابد من أدائها.
قمة الرياض ومع أن مسألة إعادة إعمار غزة، ومنع هجرة أهلها منها تحظى بأولوية المعالجة الفورية، إلا أنها وفي سياق الأحداث المتسارعة التي فرضت نفسها على الشرق الأوسط، والرؤية الأمريكية الخطرة لقضاياه ومصائر كياناته، سوف تكون بمثابة حجر أساس جديد لعملٍ عربي مشترك، يجمع الأرصدة العربية على نحو يجسد ثقلاً عربياً موحداً في معادلات القوى والمصالح بحيث يكون الحضور العربي وخصوصاً في المسألة الفلسطينية "المزمنة" حضوراً فعالاً باتجاه الحل المجمع عليه عربياً ودولياً وأساسه قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
لن تكون القمة الخماسية حدثاً طارئاً لمعالجة حالة طارئة، بل هي جزءٌ من جهد قوي بذلته المملكة لجعل اليوم التالي على حرب غزة أمرٌ لا ينحصر في إعادة إعمار ما تهدم منها، بل لفتح المسار السياسي الذي أجمع عليه العرب كمسار حتمي، ودعمه جهد المملكة في إنجاز احتشاد دولي واسع ونوعي نحو قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في سياق حل الدولتين التي عمدت إسرائيل على إلغاءه مستفيدة من الموقف الأمريكي الداعم لها وخصوصاً في عهد إدارة ترمب.
قمة الرياض التي ستليها قمة القاهرة، وإن كانت عناوينها فلسطينية بامتياز إلا أن محتواها المستجد، هو تأسيس قوة عربية منسقة وموحدة تتجاوز الموقف لتوحد وتطور الجهد، وإذا ما وضعنا في الحساب ما لدى العرب من إمكانيات سياسية واقتصادية وتحالفية، فسوف يكون توظيفها هو العامل الفعّال لتعديل الموازين، ومغادرة حالة الاستخفاف بالعرب ودورهم في خدمة قضاياهم ووضعها على طريقة الحل الحقيقي.
إن القمم العربية التي ينبغي تطوير وتفعيل آليات تنفيذ قراراتها لابد وأن تكون قمم عمل وإنتاج وهذا ما لا ينتظره العرب وحدهم بل العالم كله.