الكاتب: د.ابراهيم ابراش
كلما كتبنا منتقدين الوضع الداخلي من طبقة سياسية وأحزاب وحركات مقاومة الخ إلا تصدى لنا من ينصح بأن الوقت لا يسمح بنشر غسيلنا الوسخ وللمناكفات السياسية ويجب بدلا من ذلك التركيز على جرائم الاحتلال وكيفية مواجهة حرب الإبادة وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية الخ.
هذه المقاربة صحيحة من حيث المبدأ ،ولكن، لأن صراعنا مع العدو ليس حديث النشأة بل ممتد لأكثر من مئة عام ،ولان الأحزاب والطبقة السياسية الفلسطينية أيضا ليست مستجدة على الساحة وعمر اغلبها يفوق نصف قرن ،ولان الانقسام ليس وليد اللحظة بل متجذرا في الجغرافيا والسياسة والثقافة وفشلت عشرات جولات المصالحة طوال عقود وفي اكتر من دولة من السودان الى بكين في أنهائه حتى حرب الإبادة والمحاولات الصهيونية الجارية على قدم وساق لتصفية القضية لم تدفع المنقسمين لتغليب المصلحة الوطنية على مصالحهم الحزبية ،لكل ذلك يجب عمل مراجعة نقدية ونتساءل عن سبب عدم تناسب التضحيات مع المنجزات.
نعم يجب مواصلة كشف جرائم الاحتلال والتنديد بالمشروع الصهيوني وحلفائه في الغرب وخصوصا واشنطن وحتى دول الإقليم، أيضا يجب ألا نتوقف عن الحديث عن عظمة شعبنا وصموده وقد صدرت لنا كتب حول الموضوع بالإضافة الى آلاف المقالات والدراسات الخ ولكن المهمات الكبري والمسؤولية الرئيسية تقع على عاتق رجال السلطة والدولة وقادة الأحزاب.
لا يُعقل أن يُطلب من المثقفين والكُتاب أن يحلوا محل رجال الدولة والسلطة وقادة الأحزاب. للأسف حدث العكس حيث إن كثيرا من رجال السلطة والدولة وقادة الأحزاب أصبحوا محللين سياسيين ومرددي شعارات جوفاء وبعضهم رجال دين يستنجدون برب العباد وبالسلف الصالح لحل مشاكلنا الحياتية الدنيوية وتخلوا عن مهمتهم الأساسية وهي قيادة الأمة نحو تحقيق أهدافها الوطنية والمواجهة الميدانية المباشرة مع العدو، إو على اقل تقدير إعطاء الحلول والمقاربات العملية وليس مجرد التشخيص.
ما سيحسم صراعنا مع العدو هو الميدان وموازين القوى ووجود استراتيجية وطنية، وهذه المور يجب ان تقوم بها القيادة والأحزاب وكل الطبقة السياسية.
في هذه الحالة يكون المنطلق لمواجهة العدو هو تصويب أوضاعنا الداخلية المتردية ،وإن استمر النظام السياسي الفلسطيني على حاله فلا يمكن تحقيق أي إنجاز بل سنفقد ما تم تحقيقه من إنجازات متواضعة حققها الشعب بدماء الشهداء والجرحى وعذابات التشرد والمعتقلات طوال مائة عام .