الأحد: 02/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

المضامين الوطنية تخلق أشكالها

نشر بتاريخ: 01/03/2025 ( آخر تحديث: 01/03/2025 الساعة: 22:01 )

الكاتب: تحسين يقين

ليس مهما من يتحدث، المهم الفعل، والفعل السريع الوطني القومي والعالمي.

لا جملة افتتاحية تمنحني التدفق، ولا الحال، فكيف لا يكون السبيل هو ردّ الأمور إلى أصولها؛ فالفكرة حيّة، والمضمون واقع.

في الأسابيع الأولى للحرب المجرمة على قطاع غزة، كتبنا كما كتب آخرون، عن الفعل، وهو لا يحتاج لعبقرية سياسية، بقدر الحاجة للعقلانية والإنسانية: إغاثة شعبنا في قطاع غزة (وشمال الضفة خاصة المخيمات بعد الإجرام الحاصل الآن بحق المدنيين)، وإدخال خيام تتحمل الطقس قدر الإمكان، كونها سريعة البناء، وإدخال البيوت المتنقلة، والتطبيب الخارجي، ودعم المستشفيات القائمة، وتوفير أمكان للطلبة في ظل ما حدث من هدم للمدارس. ثم في حالة وقف إطلاق النار في ظل تبادل الأسرى، يصار لاجتماع لكل من يرغب (ومن يتحمل المسؤولية) للبدء في وضع مخططات إعمار غزة، بمن يتضمن الترميم والإنشاء، ليتولى فريق من فلسطين ومصر ودول أخرى مهمة قيادة التعمير. وكنا دوما نؤكد على أن ذلك يجب أن يتم في سياق سياسي لضمان حل يدوم من خلال ما تم الإجماع عليه من حل الدولتين.

الرجوع للحرب على غزة، والاستمرار بالحرب على مخيمات الضفة ومدنها وبلداتها، أمر يصعب قبوله، حتى في ظل شهية اليمين المتطرف لسفك دمنا، الذي ما زال مصرا على سياسة نفي شعبنا عبر القتل والتهجير. أما وجود حل سياسيّ، فأصبح لا بدّ منه، فلا مجال إلا الحل السياسي، الذي يعني حقوق الشعب الفلسطيني في حقوقه السياسية، وعلى رأسها حق تقرير المصير.

إذن هذا هو المضمون الرئيس. وباقي الأمور تعني تجليات الفعل على الأرض.

في حياتنا الفلسطينية إننا إزاء مضامين صادقة حقيقية نعيشها، لا أمام أشكال وشكليات.

إذن، فالمهم هنا التأكيد على المضامين العقلانية لتسوية الصراع، وما يقتضيه من إجراءات على الأرض في الضفة الغربية وقطاع غزة، أرض دولة فلسطين، في الحل السياسي المقبول فلسطينيا وعربيا ودوليا وأمميا.

في البدء كانت الكلمة!

وفي البدء يعني هنا، كلمتنا معا أبناء شعب فلسطين وبناتها، في الوفاق. والآن، بانتظار موعد القمة العربية في منتصف الأسبوع، في آذار الدفء والخصوبة ورمضان الخير.

المضمون: فلسطين دولة. منظمة التحرير الممثل الشرعي.

الشكل: أي ما يتعلق بإدارة وحكم أرض السلطة الوطنية، أرض الدولة الفلسطينية القادمة، فلسنا هنا في فصائل العمل الوطني والإسلامي، في موقف التنازع، لأننا متفقون على المضمون، ألا وهو ما ذكرته من إغاثة وإعمار وحل سياسي. لذلك فالحكمة أن يصار لحكومة خلاص وطني، خصوصا في ظل ما نتوقعه من نتائج القمة العربية. وهكذا فإن دولة فلسطين في جامعة الدول العربية، في مؤتمر القمة، وعالميا، تسعى الى المضمون، وهكذا فإن كلمتنا مهمة في جعلها رافعة عربية أمام العالم، وليس فقط أمام الولايات المتحدة، لأنها وإن كانت مؤثرة، إلا أنها ليست المرجعية.

المبادرة من فلسطين، وإلى فلسطين، لذاتها ومن أجلها.

نثق في شعبنا ونثق في حكمة القيادة السياسية التي اختبرت السياسة وتعرف استحقاقات المرحلة، بما يحافظ على مشروعنا الوطني.

في عالم السياسة، تعلمنا أن ما يقال في وسائل الإعلام ليس فقط ليس دقيقا، بل أحيانا يكون اختبارات لقياس ردود الفعل السياسية لدى الشعوب والحكومات والأحزاب. لذلك فإن ما تحت الطاولة هو المهم لا ما فوقها، ولكن فلسطينيا، يمكننا فعل اختراق سياسي، وذلك بتطابق الفعل بين ما تحت الطاولة وفوقها.

لذلك فإن التفكير السياسي ليس سهلا، وكيف يكون كذلك والفعل السياسي هو ما يؤثر على جوانب المجتمع؛ فالحكم السياسي يعني المنظومة جميعها.

سياسيا، فإن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال هو شعب سياسي بالأمر الواقع. وليست السياسة مقتصرة على الفصائل والأحزاب، فحتى الفئة المستقلة عن الأحزاب هي فئة سياسية، وهي فئة وطنية مثلها مثل باقي الأطر، وعليه فلا خشية من أية حكومة، ما دامت روافعها شعبنا، وما دامت تفعل لأجله ولأجل تسهيل استحقاقات العمل السياسي لأية تسوية سياسة قادمة، تحترم الحقوق والكرامة الوطنية.

وهكذا، فإنه في الوقت الذي تسمح ظروف الوطن الجريح بإجراء الانتخابات، فمن الطبيعي جدا إعادة الاختيار للشعب، ليختار مجلسه الذي ينيب عنه في الحكم والإدارة: أي اختيار الحكومة والحكم المحلي كذلك.

فلسطين حاضرة لم تغب، ولا تغيب؛ لذلك ونحن نعدّ لمشاركتنا في مؤتمر القمة لعله الأكثر أهمية وحسما، فإننا نؤكد مع الأشقاء العرب على مبادرة السلام العربية، التي تحظى بإجماع قومي، وإنه وفي ظل التحولات التي حدثت مؤخرا، فإن الدول الشقيقة اليوم قريبة من بعضها بعضا، وهذه نقطة قوة، كذلك فإن رفض الأشقاء العبث بالقضية الفلسطينية يعني أن حل القضية الفلسطينية هو حل سياسي، وليس حلا اقتصاديا بالطبع. وعليه فإننا ننتظر التعاون الفلسطيني العربي، ونقصد به تعاون الأشقاء، في إيجاد حلول سياسية تتعلق بالمرحلة الراهنة، خاصة فيما يتعلق بقطاع غزة، علما أنه إذا تأملنا في العمق، فإنه لا فرق بين فعل الاحتلال في الضفة وغزة إلا بما يتعلق بحجم التدمير.

الدول الشقيقة وعلاقاتها الدولية، مع أوروبا والولايات المتحدة، وباقي الدول الكبرى ومنها روسيا والصين، ستساهم في تخفيف الفجوات، وصولا للممكن الذي يحظى برضا فلسطيني وعربي، ووقتها فإنه يمكن إنجاز تحول على هذه الأرض للمرة الأولى باتجاه السلام، لذلك من خلال ذكائنا وتضاممنا العربي نستطيع جعل الضغط القادم على دولة الاحتلال، لا علينا نحن الذين نعيش تحت الاحتلال، وهذا منطقي طبعا!

- هل بقي من شيء؟

- الفعل! بقي الفعل.

- إذن نفعل، ليس وراءنا ولا أمامنا الا الفعل.

المضمووون، هو الجوهر، لعلنا ما نخلص له، زاهدين بالشكل والأشكال والمذاهب والشخوص.

لعلي أختتم بما أنطلق فيه في الأدب والفن والحياة، والسياسة هي من الحياة.

- "المضمون يخلق شكله"، في الأدب والفن والحياة والسياسة أيضا والحلول للصراعات، وهذا ما استخلصته في "تأويل" ما أقرأ وأشهد، بل لعلّ العبارة أحد استخلاصاتي في كتابة النقد، وقد جاءت بعد رحلة العمر مع الأدب والفن؛ فالنصوص الأدبية بما تحتوي من مضامين، هي من تبحث عن شكلها لدى المبدعين، كذلك في عوالم السينما والمسرح والفن التشكيلي.

- ..............................؟

- كذلك فإن هذا المضمون الإبداعي الأصيل لا يخضع للتعليب المذهبي، لسبب بسيط أن الصدق الفني هو الذي يقود المبدعون/ات.

- أراك في الأدب والفن والنقد؟

- والحياة!

- والآن؟

- الفعل باتجاه المضمون يسهّل اختيار الشكل.

[email protected]