الثلاثاء: 04/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

التغيير المفاجئ لقادة أجهزة الامن يربك قواعد التنظيم ويصدم كبار الضباط

نشر بتاريخ: 04/03/2025 ( آخر تحديث: 04/03/2025 الساعة: 11:44 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام



لا يوجد مشكلة ابدا ان يصدر قرار بتغيير قادة الامن كل ستة اشهر، والجمهور لا يقلق كثيرا لهذه التفاصيل الفنية، ولكن لماذا كل شيء في حياتنا يجب ان يكون صادما ومفاجئا؟
سواء كان صاحب القرار مؤسسة الرئاسة او اللجنة المركزية لحركة فتح، او اللجنة التنفيذية للمنظمة، او المجلس الثوري لحركة فتح او المجلس الاستشاري القيادي او الحكومة. فان هذا التغيير عادة ما يكون مباغتا ومن دون تحضير اعلامي للجمهور وللجنود وضباط الامن، ما يخلق حالة ارباك ويفتح أسئلة عميقة تجاه منظومة الحكم واليات التنفيذ خصوصا وان البرلمان معطّل والمجلس الوطني نائم جدا ، والمجلس المركزي للمنظمة بات موسميا وفي المناسبات التي تتعلق بالظروف الخارجية والدولية .
وانا افترض بيني وبين نفسي، انه من المستحيل ان لا تكون جميع المؤسسات المذكورة اّنفا وعددها تسع مؤسسات قيادية، أن تكون غير مشاركة في مثل هذه القرارات الهامة التي تتعلق بالأمن الداخلي وفرض السيطرة والحكم في ظل ظروف بلاد يسهل توصيفها بأنها "منكوبة" بفعل الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني .

تجربة (حماية وطن) التي شرعت بها أجهزة الامن الوطنية في جنين، كانت حملة فاشلة استراتيجيا وتكتيكيا!! وكان بالإمكان تنفيذها بطرق أخرى اكثر نجاحا واقل خسارة، هذه الحملة ضاعفت معاناة السكان وضاعفت معاناة افراد الامن الذين وجدوا أنفسهم في معركة استنزاف زائدة عن الحاجة ولا تخدم الشعار السياسي الفلسطيني في ظل الحرب التي يشنها الاحتلال عليه .وانتهت الحملة بهجوم جيش الاحتلال على جنين بينما السلطة كانت تعمل هناك، ولم ينشر للجمهور اية تحقيقات وطنية او امنية توضح ما حدث او تفسر للجمهور الفلسطيني حيثيات وخسائر هذه الحملة الأمنية !!

هناك حلقة مفقودة دائما في جميع النقاشات الحريصة التي تحاول تقديم اضاءات لصناع القرار الفلسطيني. وهناك نقص دائم في المعلومات وغياب لتحميل المسؤولية الحقيقية ما يعني ان الوقوع في الأخطاء شيء طبيعي لان من يعمل يخطئ ولكن عدم معالجة الأخطاء بطريقة علمية يعمّق الازمات ويراكم الملفات ما يخلق ازمة ثقة !

ان أداء السلطة الوطنية خلال فترة الحرب يؤكد بشكل قاطع انه لا ثقة بالمؤسسة ابدا ، وان الثقة في الافراد فقط . وهذا ينسحب على الجمهور الفلسطيني كله: فنحن لا نثق بالحكومات وانما نثق بالوزير فلان وبرئيس الوزراء فلان، ولا نثق بالصحافة بل نثق بالصحفي فلان أو الصحفية فلانة، ولا نثق بأجهزة الامن بل نثق بالضابط فلان والضابط ابن بلدتنا فلان، ولا نثق بهيئات الاسرى او مؤسسات الاقتصاد او مراكز البحث العلمي، لا نثق بالمشافي والمراكز الطبية وانما نثق بالطبيب فلان أو الطبيبة فلانة .

وهذا ما يجعل المؤسسة دائما في المرتبة الثانية والفرد في المرتبة الأولى .
بالمناسبة تربطني علاقة طيبة مع القادة الجدد، ولهم مني الاحترام والثقة والتمنيات بالنجاح لمصلحة فلسطين ولمصلحة الشعب الفلسطيني وانا اتشرف بعلاقتي بهم.. لكنني اتحدث عن ثقة الجمهور بالمؤسسة والذي يتراجع كل عام لدرجة خطيرة .