الكاتب:
خليل شواهينة
تتشابك الجهود الإنسانية الدولية على أرض مدينة العريش المصرية الحدودية مع غزة لتقديم خدمات طبية عاجلة لمصابي الحرب في غزة والمرضى على اختلاف أعمارهم الذين لم يجدوا مكانا في مشافي القطاع التي انهارت خدماتها تحت وطأة القصف الإسرائيلي على مدار عام.
وتحولت مدينة العريش المصرية إلى خلية نحل، حيث يمكن رؤية ملحمة طبية كبيرة، تقف فيها كتائب من الأطباء والممرضين والمساعدين في مستشفى العريش العام والمستشفى الإماراتي العائم، لاستقبال إخوانهم من الفلسطينيين، مسلحين بالإنسانية وأحدث الأجهزة الطبية التي تساهم في إنقاذ أرواح الفلسطينيين، والمساهمة في تخفيف آلامهم.
رحلة الشفاء من الألم تبدأ من العبور من معبر رفح إلى داخل الأراضي المصرية حيث مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، حيث تعمل منظومة إنسانية ناجحة وجهد شاق تبدأه فرق الإسعاف المصرية باستقبال المصابين، ليتم نقلهم في سيارات مجهزة سريعا إلى مستشفيات مدن العريش وبئر العبد، والشيخ زويد.
وفي العريش يجد زائرها نموذجا على أرقى المستويات من التعاون والدعم العربي لسكان قطاع غزة،،حيث برز بشكل واضح التعاون بين مصر ودول مثل الإمارات التي تصدرت جهود الإغاثة والمساعدات.
*المستشفى الإماراتي العائم*
في تناغم يكمل الملحمة الطبية، يبرز المستشفى الإماراتي العائم في ميناء مدينة العريش والذي كان رمزا لحهود التخفيف من وطأة الحرب ومعاناتها على المدنين حيث
تواصل تقديم الرعاية الصحية المتكاملة للمرضى والمصابين على مدار الساعة.
المستشفى الإماراتي وهو جزء من عملية "الفارس الشهم 3" الإنسانية، التي أطلقتها دولة الإمارات برعاية قيادة الإمارات بهدف التخفيف من معاناة الفلسطينيين وتقديم الرعاية الصحية المتكاملة لهم، يضم طاقمًا طبيًا وإداريًا إماراتياً محترفا من مختلف التخصصات.
تبلغ سعة المستشفى الإماراتي في مدينة العريش 100 سرير للمرضى، بالإضافة إلى 100 لمرافقيهم، مع تجهيزات طبية متقدمة تشمل غرف عمليات، وعناية مركزة، وأقسام أشعة ومختبرات.
ومنذ بداية عمله في 24 فبراير 2024 في ميناء العريش الدولي؛ حين أعطى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إشارة الانطلاق لهذه الجهد الإنساني الضخم، استطاع المستشفى الإماراتي العائم تقديم خدمات علاجية لأكثر من 7700 حالة مرضية، وأجرى أكثر من2700 عملية جراحية في تخصصات متنوعة.
كما قدم المستشفى الإماراتي العائم في العريش أكثر من 3000 جلسة علاج طبيعي، وتركيب 23 طرفًا صناعيًا بمصابين فلسطينيين نزحوا من قطاع غزة.
وأكد محمد سعيد الشحي، مدير المستشفى الإماراتي العائم، أن المستشفى لعب دورًا محوريًا في تقديم الرعاية الطبية المتقدمة للأشقاء الفلسطينيين النازحين من قطاع غزة، تنفيذًا لتوجيهات القيادة الإماراتية والتزاما من دولة الإمارات بالوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف الصعبة.
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن الشحي قوله: "تمكنا بفضل جهود الطواقم الطبية المتخصصة والتجهيزات الحديثة من علاج آلاف المرضى وإجراء مئات العمليات الجراحية الحرجة وبالتأكيد سنواصل العمل بلا كلل لضمان تقديم أفضل الخدمات الطبية والإنسانية، إيمانًا برسالتنا في التخفيف من معاناة المصابين وتعزيز الأمل في التعافي".
*نموذج مثالي للتعاون الإنساني *
أصبح اللافت في مدينة العريش أن ترى سيارات إسعاف متتالية، تقطع الطريق الصحراوي بسرعات قصوى، يعكس حجم الجهود
الجبارة لدول الاعتدال العربي التي برزت في جهود الاغاثة في حين غاب من العرب دعاة الحرب والتدمير، وكان الدور الاماراتي في جهود الإغاثة الأبرز بين كل الجهود
وكان لمصر ايضا دور فاعل ولها ايضا جهود في إنقاذ الأرواح
المستشفيات المصرية والمستشفى الإماراتي العائم في شمال سيناء، باتت ملاذا ودعما وأمانا للجرحى الفلسطينيين، الذين فرّوا من جحيم الحرب بحثًا عن الحياة.
ويؤكد اللواء الدكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، أن مصر، وبتوجيهات من القيادة السياسية، لا تدخر جهدًا في تقديم كل أشكال الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين، بالتعاون مع كل الأشقاء العرب وداعمي الإنسانية من العالم.
وأضاف مجاور، في تصريحات صحفية: "نحن في شمال سيناء نعمل بروح الفريق الواحد، ومستعدون لتقديم المزيد من التسهيلات والرعاية الصحية لكل من يحتاجها".
وقال إن استقبال الجرحى الفلسطينيين هو واجب وطني وإنساني، ونحن نتابع عن كثب توفير كل ما يلزم لهم منذ لحظة دخولهم إلى الأراضي المصرية، لافتا إلى أن "هناك تنسيقًا مستمرًا لضمان تقديم أفضل الخدمات الطبية، بالإضافة إلى توفير أماكن إقامة مناسبة لذوي المصابين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم".
علميات جراحية معقدة
خلال عام واحد نجح الطاقم الطبي الإماراتي، في إجراء عمليات جراحية نوعية، بما في ذلك جراحات بالمناظير لمصابين يعانون من إصابات معقدة.
وشهد المستشفى توسعات متلاحقة أهمها، افتتاح قسم للعلاج الطبيعي لتقديم أفضل خدمات الرعاية الصحية للمرضى والمصابين، ولدى المستشفى قدرة على إجراء ما يصل إلى 15 عملية جراحية يوميًا، إلى جانب تقديم ما يصل إلى 25 جلسة علاج طبيعي يوميًا.
ومنذ افتتاح قسم العلاج الطبيعي، تم تقديم أكثر من 3000 جلسة علاج طبيعي، ساعدت المرضى على استعادة قدراتهم الحركية وتحسين جودة حياتهم.
كما حرص المستشفى الإماراتي العائم على تنظيم فعاليات اجتماعية وترفيهية متنوعة للترويح عن المصابين والتخفيف من معاناتهم النفسية، والتي تضمنت عروضًا ترفيهية للأطفال، وأنشطة ترفيهية تهدف إلى تعزيز روح الأمل والتعافي بين المصابين.
وشهد المستشفى خلال العام الماضي زيارات رسمية من وفود طبية وإنسانية، بالإضافة إلى مسؤولين إماراتيين ودوليين، بهدف الاطلاع على سير العمل ودعم الجهود الطبية المقدمة للمرضى.
ويقول الدكتور أحمد سمير بدر، وكيل وزارة الصحة بشمال سيناء، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مصرية إن الفرق الطبية في العريش وفي المحافظة عموما تعمل على مدار الساعة، والأطباء لا ينامون، الكل مستنفر لإنقاذ أكبر عدد ممكن من المصابين، لأن "كل دقيقة تُحدث فرقًا في إنقاذ حياة أحدهم".