الأحد: 09/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

الضفة الغربية المحتلة في عين العاصفة

نشر بتاريخ: 09/03/2025 ( آخر تحديث: 09/03/2025 الساعة: 14:05 )

الكاتب: د. أحمد رفيق عوض

إسرائيل لا تخفي مخططاتها في الضفة الغربية المحتلة التي اعتمدت اسم يهودا والسامرة اسما لها، وذلك في تحول سياسي وأمني ذي معنى لمكانة الضفة، فضلا عن الإشارة التوراتية والثقافية، اسرائيل لا تخفي رغبتها في إعادة تعريف العلاقة مع الضفة الغربية من حيث الموارد والسكان والمستقبل في ان واحد، فما قامت وتقوم به حتى الان دون إدانات أو اعتراضات يعني أن إسرائيل بصدد الإعداد الفعلي لعملية ضم محددة ومنتقاة ومتدرجة، وأنها بصدد إعادة التعريف الإداري والقانوني والديمغرافي والجغرافي للمخيمات "الساخنة" وربما غير "الساخنة"، فإسرائيل قد تشن حرب مخيمات أخرى في الضفة الغربية باعتبار هذه المخيمات دليلا ورمزا واستمرارا لقضية اللاجئين ومصيرهم، وإسرائيل بصدد الحسم في مسألة الدولة الفلسطينية التي من الواضح أنها تجاوزتها وتبحث الان عن سيناريوهات أخرى تحظى بالدعم الإقليمي والدولي، وبسبب من ضيق الأفق الإسرائيلي أو غطرسة القوة، فإن إسرائيل الحالية لم تعد تفكر بغير الطرد أو التهجير وسيلة لدفن فكرة الدولة الفلسطينية، ويبدو أن إسرائيل تعتقد أن التهجير سيخلصها من الدولة من جهة ويوفر لها الأمن من جهة أخرى في ذات الوقت، وهو رهان خاسر وتفكير قاصر تماما، فالتهجير وغياب الدولة وصفتان لانعدام الأمن والاستقرار في الإقليم كله وليس في إسرائيل وحدها.

ونعود إلى لضفة الغربية المحتلة، فإن إسرائيل الحالية بتطرفها الشديد وعدوانيتها غير المسبوقة تعتقد أنها من خلال تفريغ المخيمات وطرد المواطنين وتعميق الاستيطان وتوسيعه، ومن خلال تجاوز السلطة الفلسطينية وإفقارها وإحراجها ومحاولة تذويبها، ومن خلال ابتزاز مواقف أمريكية وربما عربية، فإن إسرائيل تعمل فعليا على حسم الصراع كما رسمه سموتريتش قبل خمسة أعوام.

وحسم الصراع يقوم على إجهاض أو منع إقامة دولة فلسطينية وعدم الانسحاب من أي جزء تم احتلاله سنة 1967 وعلى تطويع المواطنين، بحيث يتم اقتلاع فكرة الدولة أو حتى الحلم بها. حسم الصراع يعني مستويين: (مادي) بإعادة الاحتلال و (معنوي) باقتلاع الأحلام والمطالبات القومية، لهذا تقوم إسرائيل الان بتنفيذ ذلك بالتدريج من خلال وسائل قانونية، وعمليات احلال وطرد، وعمليات مصادرة وهدم، وإعادة تشكيل شبكة الطرق وملء الضفة بالحواجز والسواتر؛ لدفع المواطنين الفلسطينيين للتكيف مع الأوضاع الجديدة، أو مغادرة البلاد.

إن ما يجري في الضفة الغربية لا ينفصل عما يجري في قطاع غزة أيضا، بمعنى أن إسرائيل تتعامل مع المساحتين الجغرافيتين وكأنهما لا يخصان وطنا واحدا أو مصيرا واحدا، وتحاول أن تجد حلولا منفصلة لهما لا رابط بينها، وتعزز إسرائيل هذا النهج بعدم الإشارة إلى القدس المحتلة التي تعتقد أنها حسمتها سنة 2018 بالإعلان عن توحيد شطريها كعاصمة أبدية لإسرائيل. إسرائيل تقوم فعليا بالفصل بين الضفة والقطاع والقدس المحتلة، وتعتبر كل قطعة جغرافية ذات مصير مستقل وسيناريو مستقل، وقد تكون الخطة المصرية التي تم تبنيها عربيا وإسلاميا تنبهت إلى ذلك فأكدت على وحدة الجغرافيات الثلاثة، القدس والضفة والقطاع، باعتبارها أيضا الدولة الفلسطينية الموعودة والعتيدة.

إذن، إسرائيل تسابق الزمن من أجل تنفيذ مشروعها المتمثل بإعادة الاحتلال أولا، وضم الضفة الغربية أو أجزاء منها حسب الاتفاق مع إدارة ترامب الانجليكانية البيضاء ثانيا، وتحييد قطاع غزة أمنيا وديموغرافيا إن كان ذلك بيد إسرائيل أو بيد اخرين ثالثا.

إسرائيل فيما تفعله في الضفة الغربية بالذات، تؤسس لحل خطير لا يتضمن الاعتراف بالشعب الفلسطيني، أو بحقوقه أو بمستقبله، وهي ترى أن الوقت مناسب جدا لذلك في ظل دعم لانهائي أمريكي، وضعف عربي وانقسام فلسطيني. وهي ترى أن السابع من أكتوبر يعطيها الذريعة الأمنية لترسيخ مثل هذا الحل القائم على الاحتلال، والسؤال هو هل تستطيع الديبلوماسية العربية – بعد الخطة المشار إليها – والجهود الفلسطينية أن تشكل رادعا لكل هذه الأطماع والنوايا.؟