الإثنين: 17/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

مبدأ حل الدولتين - هل أصبح خيار دولي في طريق التلاشي؟

نشر بتاريخ: 16/03/2025 ( آخر تحديث: 16/03/2025 الساعة: 10:03 )

الكاتب: مروان اميل طوباسي





لطالما قُدمَ حل الدولتين وفق حدود ما قبل ٤ حزيران عام ٦٧ باعتباره الخيار الوحيد المقبول دوليا لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي . لكن مع مرور العقود ، لم يكن هذا الحل سوى أداة دبلوماسية لإدارة اصراع وليس لإنهائه على قاعدة دحر الأحتلال الاستيطاني واعتبار الأحتلال في بعض الاحيان صراع حول اراضي متنازع عليها ، بل وشكلاً من الخداع السياسي الغربي . ان توسع الأستيطان الإسرائيلي ، وتآكل الأرض الفلسطينية ، وانعدام الإرادة الدولية الحقيقية جعلت من هذا الحل، عملياً ، أمراً مستحيلاً على الأرض.

-- بيان مجموعة الدول السبع ، غموض دبلوماسي أم تراجع مقصود؟
في بيانهم الأخير أمس الجمعة ، تجنبت دول مجموعة السبع (G7) الإشارة المباشرة إلى "حل الدولتين" ، واستبدلته بعبارات فضفاضة مثل "الأفق السياسي" و "التطلعات المشروعة" بدلاً عن الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني . هذا التغيير ليس تفصيلاً لغويا ، بل يعكس تحولاً سياسيا أعمق في الموقف الغربي ، حيث لم تعد الدول الكبرى الغربية مستعدة لفرض حل الدولتين حتى دون حدود واضحة كإطار ملزم ، بل باتت تُفضل صياغات أكثر مرونة تتيح لها المناورة وفق المستجدات الإقليمية وتحقيق مصالحها بالمنطقة عبر رؤية "الشرق الاوسط الجديد "، التي تسهلها غياب الأرادة السياسية العربية وقرار دولها المستقل بالمواجهة .

-- ما وراء الدبلوماسية ، ماذا يعني ذلك لنا ؟
ان تجاهل مصطلح "حل الدولتين" في هذا البيان يشير إلى ثلاثة أحتمالات رئيسية وهي بأعتقادي :
١. تحول في أولويات الغرب ، حيث لم تعد الدول الغربية الكبرى ترى في حل الدولتين مساراً واقعياً ، خاصة في ظل الوقائع الأستيطانية على الأرض وتوقعات الضم القادمة على اساس الحق التوراتي المزعوم الذي تسانده الإدارة الامريكية والتحولات الجيوسياسية الجارية بالمنطقة ، وصعود اليمين الإسرائيلي المتطرف القومي الديني ، وانشغال الغرب بصراعات دولية أخرى ، واستغلالها للانقسام الداخلي القائم .

٢. تكريس الواقع الأستيطاني ، استمرار التوسع الاستيطاني يجعل أي حديث عن دولة فلسطينية متصلة جغرافيا أمراً شبه مستحيل ، ما يضعنا نحن الفلسطينيين أمام خيارات أخرى مثل محاولة فرض الحكم الذاتي المحدود لكانتونات منعزلة أو الضم التدريجي بالضفة الغربية بعد ان كان الأحتلال قد حسم موضوع القدس وتهويدها واعتبارها عاصمة اسرائيل بموافقة أمريكية في انتهاك للقرارات الدولية ، وفصل قطاع غزة عن الضفة والقدس وفق ترتيبات غير واضحة المعالم حتى الان في ظل مجريات التفاوض وقرارات القمة العربية .

٣. ترتيبات إقليمية جديدة ، قد يكون هناك توجه لتجاوز الحل التقليدي الذي درج الحديث عنه "حل الدولتين " ، عبر مشاريع التطبيع الإقليمي ، ودمج القضية الفلسطينية في ترتيبات أمنية واقتصادية أوسع في الشرق الأوسط وفق الرؤية الأمريكية .

- التداعيات والتوقعات .
هذا التحول لن يكون مجرد تعديل في الصياغات الدبلوماسية ، بل قد يُترجم إلى سياسات على الأرض تُقصي شعبنا الفلسطينيي من دور حقيقي مشروع له في تقرير مصيره . تراجع الدعم الغربي لحل الدولتين يجب ان يدفع شعبنا لإعادة تقييم الرؤية والاستراتيجية لكفاح حركتنا الوطنية ، وهو امر طبيعي ، بل وضروري من وجهة نظري سواء بتعزيز وحدة كافة فئات ومكونات شعبنا ، والمقاومة السياسية والدبلوماسية والقانونية والشعبية في اطار البحث عن حلول بديلة امام التراجع الدولي الفاضح ، مثل الدولة الواحدة الديمقراطية بحقوق المواطنة المتساوية ، أو اعادة التمسك بذلك المبدأ من خل الدولتين لكن وفق أسس القرار الأممي رقم ١٨١ الذي دعا الى دولتين في أرض فلسطين التاريخية مناصفة ، وتحمُل أستحقاقاته ومتطلباته وتداعياته وفق القانون الدولي ، رغم التعقيدات الواردة امام الخيارين اليوم .

في النهاية ، إسقاط مبدأ حل الدولتين من الخطاب الرسمي لمجموعة السبع G7 هو إشارة واضحة على أن شعبنا الفلسطيني يقف اليوم أمام مرحلة جديدة وجادة مفصلية ، قد تكون أكثر صعوبة ، لكنها تفرض أيضا إعادة التفكير في الخيارات الوطنية بعيداً عن الأوهام الدبلوماسية ، وضرورة تَحمُل منظمة التحرير بحكم مكانتها ودورها المفترض ، المسوؤلية التاريخية عن ايجاد رؤية واضحة واحدة موحدة على قاعدة وحدة الارض والشعب والقضية في مواجهة تنامي وتسارع التحديات التي أشرت لها ، رؤية واضحة تؤهلنا نحو الوصول للتحرر الوطني الديمقراطي خاصة في ظل حكومات اسرائيلية لا ترى بالتسوية ضرورة وترفض اي مسار سياسي ، بل تعمل من اجل تنفيذ مشروع استعماري "اسرائيل الكبرى" على حساب حقوق شعبنا الإصلاني ووجوده عبر محاولاتها المحمومة لشطبه كما تظن من خلال التطهير العرقي والتهجير الى "افريقيا" ، التي اصبحت تشكل خيارا لهم كما اشارت المصادر الإعلامية بالأيام الماضية .

-- دعوة المجلس المركزي .
وهنا كنت أتمنى أن اقرأ في حيثيات المذكرة الموجهة من الأخ رئيس المجلس الوطني الأشارة الى تلك التحديات المصيرية والمفصلية وضرورة نقاشها والتوصل الى رؤية حول مواجهتها في مذكرته الموزعة اول أمس ١٤ اذآر حول انعقاد المجلس المركزي في أوآخر نيسان القادم والتي أشار بها الى موضوع "تعديل وتنقيح" بعض بنود النظام الأساسي للمنظمة وأستحداث بند حول موضوع نائب رئيس اللجنة التنفيذية ، رغم أهمية ذلك . الا انه ما كان لا بد من أدراجه وهو الأهم بالمذكرة ، نقاش موضوع اعادة تصويب عضوية المجلس الوطني والمركزي نفسه ، وأجراء الإنتخابات العامة التي أشار الأخ الرئيس لها بالقمة العربية عملا بما جاء ايضا في وثيقة اعلان الإستقلال بان الشعب هو مصدر السلطات .