الأحد: 16/03/2025 بتوقيت القدس الشريف

هل سيحقق المجلس المركزي الفلسطيني الإصلاح الشامل ويواجه التحديات الوطنية المصيرية؟

نشر بتاريخ: 16/03/2025 ( آخر تحديث: 16/03/2025 الساعة: 12:48 )

الكاتب: بسام زكارنه

مع اقتراب انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في منتصف مايو المقبل، يتزايد الاهتمام بما يجب مناقشته واتخاذ قرارات بشأنه في هذه المرحلة المصيرية التي يمر بها الشعب الفلسطيني ، في ظل الظروف الراهنة من تصعيد الاحتلال الإسرائيلي، الحروب على غزة والضفة، والتحديات الداخلية، هناك ضرورة ملحة لمناقشة عدة قضايا حيوية قد تشكل خطوة هامة نحو تعزيز الوحدة الفلسطينية وتحديد مسارات أكثر وضوحاً للقضية الفلسطينية ، من بين أبرز القضايا التي يجب أن تشغل المجلس المركزي هي:

إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية

يتطلب الوضع الراهن إصلاحاً شاملاً في منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) وتقييم العضوية للمجلس الوطني بشكل دقيق ، هناك شخصيات تم ضمها للمنظمة دون مبررات قانونية واضحة، في الوقت الذي تم استبعاد آخرين من الاتحادات والنقابات والشخصيات التي يمكن أن تساهم في تعزيز العمل الوطني. من الضروري أن يتم مناقشة إعادة العضوية بشكل ديمقراطي، من خلال التصويت على ضم اتحادات ونقابات وشخصيات تم استثناءها سابقاً هذا الإصلاح يجب أن يتم في إطار عملية ديمقراطية صحية تشارك فيها كل الفصائل الفلسطينية والقوى الحية في المجتمع.

إصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية

من بين القضايا المهمة التي يجب أن تشغل المجلس المركزي في هذه اللحظات الحاسمة هي إصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية ، لقد شهدت السلطة العديد من التحديات بسبب الفساد الإداري وضعف الحوكمة، مما أثر على قدرتها في تقديم الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته في بناء دولة فلسطينية مستقلة ، لا بد من وضع خطة إصلاحية شاملة للسلطة تركز على إعادة تأهيل مؤسساتها، وتقوية الشفافية والمحاسبة، ومنع الفساد. يجب أن تشمل هذه الإصلاحات الجانب القانوني والإداري والاقتصادي، بهدف جعل السلطة أكثر فعالية وقوة في مواجهة التحديات الحالية ، في هذا السياق ينبغي التأكيد على أهمية استقلالية القضاء وإصلاح النظام المالي للسلطة الوطنية، بما يضمن تحسين حياة المواطنين الفلسطينيين بعيداً عن أي تدخلات خارجية أو اجتهادات فردية.

إعادة الحياة للنقابات والاتحادات

تعد الحرية النقابية والحق في التعبير جزءاً أساسياً من حقوق الشعب الفلسطيني ، للأسف، فقد شهدت العديد من النقابات والاتحادات الفلسطينية فترة طويلة من الاستبداد والهيمنة على رئاستها من قبل شخصيات معينة دون وجود انتخابات ديمقراطية حقيقية ، في هذه المرحلة الحرجة، يجب أن يُطرح إحياء الحياة النقابية واستعادة الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، بحيث يمكن للاتحادات والنقابات أن تمثل بشكل حقيقي مصالح الشعب الفلسطيني لا بد من أن يكون لكل فرد حقه في المشاركة والتعبير عن رأيه، وتكون النقابات أدوات فاعلة في الدفاع عن حقوق العمال والموظفين.

مواجهة التحديات في غزة والضفة الغربية

الحرب على غزة لم تكن فقط حرباً عسكرية، بل حرباً على الإنسانية بأكملها ، يجب أن يكون من أولويات المجلس المركزي العمل على إعادة إعمار غزة ودعم الشعب هناك بشكل مستدام من خلال المنظمات الدولية ، كما أن التحديات في الضفة الغربية لا تقل أهمية، حيث يعاني الشعب الفلسطيني من التهجير المستمر، خاصة في مخيمات جنين، طولكرم والفارعة، مما يتطلب استجابة فورية لضمان الأمن والاستقرار لهذه المناطق.

إنهاء الانقسام الفلسطيني

إن الانقسام الفلسطيني الذي طال أمده قد أصبح حجر عثرة في سبيل تحقيق الأهداف الوطنية ، يجب على المجلس المركزي العمل على وضع خطة شاملة لإنهاء الانقسام، والتي تضمن توحيد الصفوف بين كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها تلك التي لم تكن جزءاً من منظمة التحرير الفلسطينية، ووضع آلية واضحة للانتخابات الفلسطينية المقبلة و اتفاق بكين نقطة ارتكاز يمكن أن يتم الاعتماد عليها.

تعيين نائب للرئيس ودور النظام الداخلي

من القضايا الجدلية التي تتطلب نقاشاً جاداً هو موضوع تعيين نائب للرئيس ، هناك نقاشات قانونية حول هذه المسألة، حيث لا يذكر النظام الداخلي للمنظمة هذا المنصب بشكل صريح ، وفي الوقت ذاته يتطلب الواقع السياسي تقييم هذا الموضوع من حيث ضرورته في ظل الأوضاع الراهنة مع التأكيد على أن النظام الداخلي قد نص على أن رئيس المجلس الوطني ينوب عن الرئيس في غيابه، بينما رئيس المجلس التشريعي يتولى مهام الرئيس في حال غيابه ، لذلك، يجب أن يكون هناك طرح واضح لهذا الموضوع لضمان استقرار الوضع السياسي.

الانتخابات الفلسطينية وأهمية إجرائها

من أهم القضايا التي يجب أن يناقشها المجلس المركزي هي إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ، إن تنفيذ هذه الانتخابات على أساس قانوني سليم يمكن أن يساهم بشكل كبير في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية من منع الاحتلال للمشاركة في الانتخابات. المجلس المركزي مطالب بوضع آلية تتجاوز هذه التعقيدات وتسمح لجميع الفلسطينيين بالمشاركة في الانتخابات، وتحقيق تمثيل حقيقي للشعب.

مراجعة العلاقات مع إسرائيل

أصبح واضحاً أن إسرائيل لا تعترف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية، وهي تتنصل من جميع الاتفاقيات الموقعة ، في هذه الظروف يجب أن يتم مراجعة شاملة للعلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك سحب الاعتراف بها، ووقف أي تطبيع مع الاحتلال، لا سيما في ظل الجرائم المستمرة ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية ، إن قرار إعادة احتلال الضفة الغربية لا يمكن أن يمر دون محاسبة دولية حقيقية، وعليه يجب العمل على تغيير السياسة تجاه الاحتلال وعلى راسها تطبيق القرارات السابقة للمجلس المركزي و التي اقرت وقف التنسيق الأمني مع اسرائيل وخاصة أن لا مقابل له ، بل هناك زيادة في انتهاكات الاحتلال و جرائمه و حصار السلطة الوطنية المالي.

الدور الأمريكي والضغوط الدولية

دور الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي قد أصبح واضحاً في دعم إسرائيل بشكل غير مشروط، وهو ما يهدد استمرار عملية السلام ، يجب على المجلس المركزي الفلسطيني أن يعمل على استبعاد أمريكا كوسيط في أي مفاوضات، ويجب الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام بمشاركة دول ذات مواقف متوازنة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى الأخرى التي تحترم حقوق الشعب الفلسطيني لاعادة الحياة في مشروع حل الدولتين الذي أنهته اسرائيل و تنصلت منه امريكا التي رعته في الاساس ضمن مشاريعها الوهمية للحل.

التطبيع العربي مع إسرائيل

في ظل التطبيع العربي مع إسرائيل، يجب على المجلس المركزي وضع استراتيجيات واضحة لمواجهة هذه الظاهرة، والتي تضر بالقضية الفلسطينية ، يجب أن تكون هناك دعوة واضحة لوقف أي علاقات مع دول قامت بالتطبيع مع الاحتلال قبل أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولته ، وإذا لزم الأمر، يمكن أن يتم قطع العلاقات مع الدول التي تدعم الاحتلال.
في هذه اللحظات الحرجة، يتطلب الوضع الفلسطيني اتخاذ قرارات حاسمة تعيد الوحدة الوطنية وتحقق العدالة الاجتماعية ، إن إعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية، استعادة الحريات النقابية والفردية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني هي خطوات ضرورية نحو تحقيق الاستقلال والحرية.
المجلس المركزي الفلسطيني مطالب بمواجهة التحديات العسكرية والسياسية، والحفاظ على حقوق شعبنا في ظل الظروف الصعبة ، الوحدة والتضامن هما السبيل الأهم لتحقيق العدالة والحرية لشعبنا.
فلسطين تستحق الأفعال لا الكلمات.