الكاتب: د. محمد عودة
بعد أن قارب العدوان الهمجي على دخول شهره السابع عشر وأمامعجز العالم بكل مكوناته عن وضع حد لهذا العدوان الهمجي البربري الصهيوني على قطاع غزة الحبيب فقد قرر سكان القطاع العمل على تسلم زمام تحديد وسيلة أو وسائل المقامة الأجدى والابتعاد عن وسائل النضال التي برهنت خلال الفترة المشار إليها على عدم قدرتها على حماية سكان القطاع من بربرية الكيان الغاصب.
رغم أن غالبية دول العالم أدانت الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية الا أن هذه الدول بما فيها دول الغرب عجزت عن اجبار إسرائيل على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وليس هذا فحسب بل عجز العالم مجتمعاً عن حماية مؤسساته فقد منعتإسرائيل مؤسسات الأمم المتحدة من العمل في فلسطين علماً بأن إسرائيل ككيان أقيمت بقرار من الأمم المتحدة. لم تكتفي بذلك بل ضربت عرض الحائط بالقرارات الاحترازية التي صدرت عن محكمة العدل الدولية.
لم يستطع العالم المتحضر أن يجبر إسرائيل على احترام حقوقالانسان وحماية المدنيين أثناء عدوانها على الشعب الفلسطيني، فقداوغلت إسرائيل في قتل الأبرياء فالعدوان حصد ما يزيد على سبعين ألف شهيد وما يزيد على مئة وعشرون الفاً من الجرحى، كلهم شهداء وجرحى من المدنيين وغالبيتهم العظمى من الأطفال والنساء في خرق واضح لكل القوانين والأعراف الإنسانية.
لم يستطع العالم مجتمعا اجبار الكيان على السماح بإدخال أساسيات الحياة من غذاء وماء ودواء بل ابعد من ذلك كانت اسرائيل تطلق النار على الباحثين عن الطعام؛ لقد دمرت إسرائيل بشكل جزئي او كلي كل المشافي والمصحات في القطاع ومنعتالوقود والكهرباء وبشكل معلن؛ إذ أن تصريحات القيادات الصهيونية بمعاقبة كل سكان غزة ومنع الغذاء والدواء عنهم يصنف دولياً ضمن ممارسة التطهير العرقي والابادة الجماعية.
سرق الجنود الصهاينة كل غال ونفيس من بيوت الغزيين الذين اجبروا على النزوح وامام عدسات الكاميرات ومع ذلك لا زال الجيش (الأخلاقي) يمارس كل أشكال التعدي على الشرعية الدولية وقراراتها حيث وفي أكثر من مكان صرح قادة الكيان بأن غزة يجب أن تباد لان ليس بها بشر بل حيوانات بشرية حسب تصريحاتهم. مضاف الى كل ما سبق التصريح العلني بنية الكيان تهجير سكان القطاع ومن أجل انجاز هذا الهدف قام الكيان بتشكيل لجنة مهمتها تهجير سكان القطاع وبلا عودة والعالم يكتفي بالتنديد الخجول.
أمام كل ما سلف انتفض الشعب الغزي وخرج إلى الشوارع رافضا للعدوان والإبادة الجماعية مطالبا بتوفير مقومات الحياة الكريمة وبأسرع وقت، خرج الغزيين في اعلان صريح يقضي بضرورة وقف العدوان فورا وبشكل لا لبس فيه تعبيرا عن رفض كل الغزيين لمشاريع التهجير الأمريكية والاسرائيلية، هذه الانتفاضة من أجل نزع الذرائع من الأمريكيين والإسرائيليين طالبت حماس بالتحلي بمرونة أكثر من خلال التخلي عن مطالبها بحكم غزة في اليوم التالي وافساح المجال أمام الشرعية الفلسطيني لإدارة القطاع واعماره بدأً من اليوم التالي لوقف العدوان والانسحاب الصهيوني من القطاع.
إن مطالبة حماس بالخروج من المشهد لا يعني مطلقاً رفضاً لفكر المقاومة بل على العكس تُعد تعبيرا عن واقعية تنادي باستخدام أساليب مقاومة اقل كلفة وأكثر جدوى. تصنف مطالب الجمهور الغزي بوضوح في الرؤيا، حيث يرفض الغزيين أسلوب المغامرة غير المدروسة وليس رفض لمبدأ المقاومة وبكل اشكالها، لذلك وبدل من الترويج لمبدأ أن لانتفاضة ضد المقاومة علينا أن نبحث عن أنجعالطرق لإنجاز الوحدة الوطنية فحركة حماس رغم خلافنا معها ورغم كل ما حدث في القطاع تشكل جزء من النسيج المجتمعي، السياسي والحزبي الفلسطيني.
ان التركيز على أن الحراك موجه ضد حماس بالأساس يخدم الدعاية الصهيونية بقصد أم بغير قصد ولذلك أتمنى على وسائل الاعلام الوطنية ان تضع المصلحة الوطنية أولا من أجل حرمان الحركة الصهيونية من ذريعة أنها تعمل على القضاء على حركة حماس لصالح أبناء قطاع غزة.
ان التركيز على أن الحراك موجه ضد حماس لن يغير من إصرار إسرائيل على الإبادة والتهجير فان نجحوا في شيطنة المقاومة سنكون كمنظمة تحرير وعمودها الفقري حركة فتح الشيطان الأكبر لأننا أصحاب فكر المقاومة، يجب أن لا نسمع بأن نؤكل الثور الأبيض لكي لا نؤكل في اليوم التالي ،إن تفرد حماس بقرار مصيري كلف الشعب الفلسطيني كل هذه التضحيات لا تبرر أن نكون بغير ارادتنا أداة تستخدم لتمرير المشروع القديم الجديد القاضي بإنهاء القضية الفلسطينية من خلال التفرد بكل منا لى حدة،محاسبة حماس على ما قامت به يجب ان يكون ضمن الاطر الفلسطينية وليس من على منابر وسائل التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة.
اما حماس فمطلوب منها الاتعاظ، فالجمهور في غزة جمهور وطني وليس عميل كما يروج البعض، الجمهور في غزة حماكم باجساده وقد أنهك وهو الان يبحث عن استراحة محارب بعد قرابة العام والنصف من المعاناة غير المسبوقة، ان على حماس ان تعيد النظرفي ادائها الذي أضر بمجمل قضيتنا وان تعود الى رشدها، فليسبالإمكان الانتصار على هذا الكيان في معركة واحدة ولا بالضربة القاضية، ارحموا شعبنا في غزة لكي يلتمس لكم عذرا على مغامراتكم غير المحسوبة.