الإثنين: 07/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

قتال اليائسين

نشر بتاريخ: 06/04/2025 ( آخر تحديث: 06/04/2025 الساعة: 14:40 )

الكاتب: عوني المشني



لا عجب
ان تقاتل اسرائيل بهذا الشكل، خارج كل منطق ، وخارج كل رؤية سياسية ، وخارج كل قانون ، هذا امر يثير اكثر من علامة سؤال .
اسرائيل تقاتل ضد المستشفى والمدرسة وخيمة النزوح في غزة ، تقاتل ضد الأطفال والنساء والشيوخ ، تقاتل ضد خزانات المياه وطرود الغذاء وحليب الأطفال
إسرائيل تقاتل ضد البيوت في جنين وطولكرم ، ضد الشوارع وخطوط المياه والكهرباء ومياه الصرف الصحي
إسرائيل تقاتل ضد غذاء المعتقلين ، ضد دواء الاسرى ، ضد إنسانية المعتقلين ، ضد النظافة الشخصية ، ضد الحق في التنفس ورؤية الشمس .
إسرائيل تقاتل في لبنان ضد البيوت السكنية في القرى الجنوبية ، ضد الشوارع ، ضد سيارات الإسعاف ، ضد المساجد ، ضد الحقول الزراعية
وتقاتل في سوريا ضد المطارات المدنية ، ومراكز الابحاث ، وضد القرى والمدن السورية ، ضد المصانع والمزارع ،
وإسرائيل تقاتل في اليمن ، وفي العراق ، وفي إيران .
وتريد ان تقاتل في تركيا ومصر
واسرائيل تقاتل ضد منظمات السلام الاسرائيلية ، وضد وكالة الغوث ، وضد الصليب الأحمر ، وضد منظمات الإغاثة ، وضد الامم المتحدة ، وضد الجامعات في امريكيا ، وضد الحكومة السويدية وضد البرلمان الأيرلندي .
وإسرائيل تقاتل كما لم تقاتل من قبل ، اسقطت كل الاعتبارات إلا اعتبار واحد وحيد في كل معاركها ، اسقطت القانون الدولي ، القيم الاخلاقية ، قوانين الحرب ، قوانين اسرى الحرب ، قوانين حقوق الإنسان ، اسقطت الاهتمام بالرأي العام العالمي ، بالثقافة الديمقراطية ، اسقطت الاهتمام بإبقاء أوروبا حليفا لها ، اسقطت الاهتمام بصورتها في الإعلام العالمي والغربي على وجه التحديد ، كل تلك والتي كانت اسرائيل حريصة عليها سابقا أسقطتها ، والشيئ الوحيد التي بقيت حريصة عليه ليس حلفها مع الولايات المتحدة الأمريكية بل حلفها مع ترامب ، نعم إسرائيل لم تسقط هذا العامل فقط .
ان إسرائيل عدنا تخوض حربا بهذا الشكل ، وتسقط كل تلك الاعتبارات ، وتتجاهل كل التأثير الذي سيتركه مثل هذا السلوك على المستقبل فانها فعلا تحارب حرب اليائسين ، ان المرحلة ما قبل الاخيرة في اليأس الاسرائيلي هي الحرب بهذا الشراسة وبدون اي اعتبار للنتائج .
ان اسرائيل تخوض حربها او بالأحرى حروبها مجتمعة ودفعة واحدة وعلى كل الجبهات وبدون ادنى حساب للآثار المستقبلية نتاج شعور طاغي بان تلك آخر حروب إسرائيل قبل الاستسلام امام حقائق الصراع العنيدة ، وربما ان تعبير نتنياهو بانه سيواصل تلك الحرب حتى تحقيق النصر المطلق هو الأدق في فهم العقل الباطن الاسرائيلي ، اذن ان عدم تحقيق هذا " النصر المطلق " يعني في اللاوعي الاسرائيلي هو التسليم بحقائق الواقع والتعاطي معها ، وهذا هو الخطر الأكبر على ايدلوجية اليمين الاسرائيلي .
مصدر اليأس الإسرائيلي هو الديمغرافيا الفلسطينية او وعدم المقدرة على فرض الاستسلام على الفلسطينيين ثانيا ، وفشل كل محاولات تجاوز القضية الفلسطينية عبر التطبيع العربي ثالثا . الديمغرافيا الفلسطينية الايجابية تعني ان هناك اكثر من نصف السكان في فلسطين التاريخية فلسطينيين ، وسواء بنظام عنصري او بتوسع الاستيطان او حتى بالمغازل الجغرافية فذاك لن يحل المشكلة ، هذا التنامي في السكان الفلسطينيين يقوض فكرة الدولة اليهودية وسيفرض عاجلا ام اجلا علاقات للفلسطينيين فيها قوة توازي عددهم ، اما الاستسلام فان حربا ابادة لم تكن قادرة على فرض الاستسلام ، كل هذا الاضطهاد لم يجعل الفلسطينيين يستسلمون ، وهذا يعني انه شعب عصي على الاستسلام ، والتطبيع العربي مع مصر والأردن والإمارات والبحرين وغيره ما هو اكثر منه ولكن غير معلن ، كل هذا لم يمنع سبعة اكتوبر ولم يمنه تحول اليمن إلى دولة مواجهة ولم يلغي الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية ،
هي حرب اليائسين ، هي الحرب الأخيرة ، هي اشد الساعات حلكة والتي تسبق الفجر.