الثلاثاء: 15/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

الإعلام الرقمي في مواجهة القانون التقليدي

نشر بتاريخ: 09/04/2025 ( آخر تحديث: 09/04/2025 الساعة: 14:01 )

الكاتب:

ريتا بركات

شهد العالم في العصر الحديث ثورة رقمية هائلة غيّرت وجه الإعلام بالكامل، حيث لم يعد النشر والتأثير حكرًا على المؤسسات والجهات الصحفية التقليدية، بل أصبح متاحًا للجميع عبر ما يُعرف بالإعلام الرقمي. هذا التحول السريع طرح الكثير من التحديات أمام القوانين التقليدية التي لم تُصمم للتعامل مع طبيعة الإعلام الجديدة، ما أوجد فجوة قانونية واضحة تتطلب معالجة جادة.

الإعلام الرقمي، المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونات، ومنصات الفيديو، يتميز بسرعة النشر، وسهولة الوصول، وتعدد مصادره. كما أنه لا يخضع لنفس آليات ووسائل الرقابة والتحرير التي تحكم الإعلام التقليدي. وهذا ما يجعل من الصعب في كثير من الأحيان ضبط المحتوى المنشور أو مساءلة المسؤولين عنه، خصوصًا مع انتشار الحسابات المجهولة والمحتوى الفيروسي الذي قد يُحدث أثرًا كبيرًا في الرأي العام خلال لحظات.

في المقابل، لا تزال القوانين التقليدية قائمة على مفاهيم تعود لعصر الصحافة الورقية والبث الإذاعي، حيث يُفترض وجود مؤسسة واضحة المعالم يمكن محاسبتها قانونيًا. إلا أن الواقع الجديد يتطلب قوانين مرنة تراعي الفروقات التقنية والهيكلية بين الإعلامين، وتضع معايير جديدة تنظم المحتوى الرقمي دون أن تقيد حرية التعبير.

من أبرز التحديات التي يطرحها الإعلام الرقمي أمام القانون التقليدي: قضايا التشهير، وانتهاك الخصوصية، ونشر الأخبار الكاذبة، وحقوق الملكية الفكرية. فغالبًا ما يصعب تحديد المسؤولية القانونية عن محتوى ينتشر بسرعة هائلة ويُعاد نشره من قبل آلاف المستخدمين حول العالم.

لذا، فإن المرحلة الحالية تستدعي تحديث التشريعات، وتطوير منظومة قانونية جديدة خاصة بالإعلام الرقمي، تتسم بالمرونة والسرعة والقدرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية المستمرة، دون أن تُفرط في حماية الحريات أو تُقيد الإبداع.

وعليه، لا يمكن إنكار مدى أهمية الإعلام الرقمي ودوره في تعزيز حرية التعبير والتواصل، لكن لا بد من إيجاد توازن دقيق بين هذه الحرية وبين حماية الحقوق الفردية والمصلحة العامة، وذلك من خلال قانون حديث يواكب العصر الرقمي.