الكاتب: د. محمد عودة
يا حضرة القائد ويتكوف، لا تظن ان الشعب الفلسطيني تملكه الخوف، ما دمت قائد كبير وسياسي خطير وقضيتنا انت فاهمها كثير ومش محتاج تفسير، فهم واشنطن بالي صار والي راح يصير، الفلسطينية احرار ومش مخاتير، دبرها يا ويتكوف لأن نتنياهو بضحك عليك وموهمك انه كيانه في خطر وشعبة مرعوب من الخوف، وبحجة الخوف بقتل الاطفال في فلسطين بالألوف. خبر دولتك يا مستر ويتكوف انه مشاريع ترامبك ما بتسبب النا ولا ذرة خوف... خبّره انه المستقبل النا وانه ربيبته في الهاوية راح تتهنّى، خبر دولتك انه ما بدنا واشنطن تكون مربط لخيولنا.
في محاولة لإسقاط الواقع الذي شكل حافزا للشاعر الشعبي والمناضل الكبير الشهيد نوح ابراهيم (استشهد في احراش الصنيبعة منطقة طمرة بالجليل يوم 28 تشرين اول 1938) ليكتب احدى أشهر قصائده وعنوانها دبرها يا مستر دل بلكي على ايدك بتحل، في محاولة لإسقاط الواقع في حينه على الواقع الحالي.
في عهد الملك البريطاني ادوارد السابع1901 حتى 1910 ( البيرت اوارد ) صدرت وثيقة كامبل المشهورة والتي اسست لوعد بلفور لاحقا والقاضية بزرع كيان شرق البحر المتوسط يضمن هيمنة استعمارية على المنطقة ويمنع وحدتها ،ومن اجل تهيئة الظروف لإنجاز المشروع عمدت المملكة المتحدة تحت حكم خليفة الملك ادوارد السابع الملك جورج الخامس الذي حكم بريطانيا بين 1910 و 1936الى اصدار مراسيم وقرارات تساعد في انجاز المشروع واهم اربعة قرارات ،قرار منع اليهود من دخول بريطانيا من اجل اجبارهم على الهجرة الى فلسطين والقرار الثاني وعد بلفور اما القرار الثالث الحصول على تفويض من الامم المتحدة لبريطانيا لإدارة فلسطين مما ساعد العصابات الصهيونية على التغلغل في فلسطين تحت حماية جيش الانتداب وبتسليح منه اما القرار الرابع والاخير فهو قرار انشاء امارة شرق الاردن كدولة عازلة لحماية نتائج وعد بلفور.
منذ اليوم الاول للانتداب عمل الجيش البريطاني على تسليح العصابات الصهيونية وتمكينها من قضم فلسطين بشكل تدريجي الى ان حصلت النكبة، لكن رغم كل الإجرام الذي مارسه الانتداب البريطاني ضد اهل البلاد الاصليين الا انه لم يطرح يوما تفريغ القسم الخاص بالفلسطينيين من قرار التقسيم 181 من سكانه الفلسطينيين.
اما اليوم فان ترامب زعيم الاستعمار الجديد ،الراعي والحليف للكيان الصهيوني فانه لا يتوانى في طرح تفريغ فلسطين من سكانها ،فهو يريد غزة ريفيرا امريكية خالية من سكانها الذين وصفهم المجرم غالانت بالوحوش البشرية ،اضافة الى تبنيه العلني للمشروع الصهيوني الشرق الاوسط الجديد والقاضي بتوسيع اسرائيل على حساب دول الجوار (فلسطين، مصر، الأردن، لبنان، سوريا، العراق والسعودية) لقد عبر بوضوح عن نواياه بدعم اسرائيل في مشروعها التوسعي عندما اعلن ان اسرائيل دولة صغيرة لا بد من توسيعها وترجم الاقوال الى افعال بموافقته على الممارسات الاسرائيلية في جنوب لبنان وجنوب سوريا اضافة الى اعتبار الضفة الغربية يهودا والسامرة مما يسهل ضمها الى الكيان.
ان ترامب التاجر لا يستهدف المنطقة العربية فقط، بل تعداها الى طرح علني لمشاريع السيطرة على كندا، قناة بنما، جزء من المكسيك، غرينلاند وليس اخرها قطاع غزة الغني بالبترول والغاز الطبيعي، ليس هذا فحسب، بل عمد الى تقويض المؤسسات الدولية طمعا في اعادة بنائها بشكل يسمح بهيمنة امريكية مطلقة عليها، لم يكتفِ بذلك، بل شن حربًا اقتصادية على معظم دول العالم ستؤدي بين اشياء اخرى الى ازمة اقتصادية عالمية سيدفع ثمنها كل شعوب العالم بما فيهم الشعب الامريكي.
أما الجوانب الإيجابية لوجود شخصية جدلية كشخصية ترامب في قمة هرم قيادة العالم، فهذه الجوانب تعود الى جملة القرارات الداخلية التي انتجت صراع غير مسبوق بين الدولة المركزية والولايات التي وصلت حد تمرد بعض هذه الولايات مضاف اليه القرارات التي تخص البنية المجتمعية خاصة ما له علاقة بالقوانين الداخلية وليس اقل من ذلك محاولة المساس ببعض قيم المجتمع الامريكي وخاصة الديموقراطية وحرية الراي.
ان ما يعصف بالداخل في أمريكا وربيبتها اسرائيل ستكون له نتائج ايجابية تجاه بناء عالم أكثر انصافا وعدلا، اما فيما يخص فلسطين فأعود الى اهزوجة الراحل نوح ابراهيم دبرها يا مستر دل واقول للسيد ويتكوف ما بدنا منك تدبر اي شيء، خذ رعاياك غزاة فلسطين وعندها نحن الفلسطينيين ملح الارض خير من دبرها، سنعيد بناء وطننا ودولتنا المستقلة لتشكل أحد أهم عوامل الامن والاستقرار الدوليين. ونحن لن كون هنودكم الحمر، ولا نريد ان نربط خيولنا في واشطنكم.
في الختام اقول ان على العالم استثمار فرصة حتمية انهيار الكيان الصهيوني وإمكانية تراجع دور الكيان الامريكي لتشكيل تحالف دولي تقوده المعايير الانسانية يحول دون اي محاولة لتخريب كوكبنا عبر زرع الفتن والحروب بكل أشكالها. ختاما أعتذر لروح الفدائي الشهيد نوح إبراهيم على التشبيه.