الكاتب: بسام زكارنه
إلى قيادتنا الفلسطينية إلى أولئك الذين يحملون مفاتيح القرار ومفاصل النظام..
هذه الكلمة هي نصيحة صادقة من القلب لا طمعاً في منصب ولا رغبة في مجد بل خوفاً على ما تبقى من مشروع وطني تتآكله عوامل التفكك من الداخل قبل أن تنهشه مخالب الاحتلال من الخارج.
نعم ندرك أن الخطر العسكري حاضر ولكن هناك خطراً آخر يتسلل بصمت:
الانقلاب الأبيض.
إنه ليس انقلاباً بالمعنى الكلاسيكي إنه عملية ناعمة تُقصى فيها إرادة الشعب ويُختزل القرار، وتُفرغ المؤسسات من مضمونها، ليُدار الوطن بمرسوم لا بميثاق بسلطة الفرد لا بصوت الشعب.
منذ أكثر من 18 عاماً لم يُستفتَ هذا الشعب ، الانتخابات تعطلت والمجلس التشريعي حُلّ، وأصبح الحكم امتداداً ذاتياً لا شرعية له إلا ما يُمنح في الغرف المغلقة.
المادة (2) من القانون الأساسي تنص على أن “الشعب هو مصدر السلطات” فهل بقي لهذا الشعب دور؟ هل بقي له قرار؟ هل سُمِع صوته في لحظة وطنية واحدة؟.
اليوم تُمارس سلطة بلا رقابة ولا يُحاسب أحد بينما تلاشت ثقة المواطن في السياسين ، وينمو الإحباط بشكل كبير بين المواطنين وتتآكل المشروعية.
ولم يتوقف هذا الانقلاب الأبيض عند السياسة فقط، بل امتد إلى القضاء، والإعلام، والنقابات، والجامعات ، فقد صارت المؤسسات مرآة للسلطة لا مرآة للشعب، وأصبح الانتماء للأشخاص والمواقع لا للمبادئ والحقوق.
ونُذكّركم هنا:
إن أكبر مستفيد من هذا الواقع هو الاحتلال ، إسرائيل تبني جدرانها، وتُوسّع مستوطناتها، وتهوّد القدس، وتنكّل بأهلنا في غزة والضفة، وهي تعلم أن الداخل الفلسطيني مشتّت، وقراره غير موحد، ومؤسساته مفككة، وممثلوه لا يملكون تفويضاً شعبياً حقيقياً .
أما الخاسر الأكبر فهو المواطن ، ذلك الإنسان البسيط الذي صبر على الاحتلال لكنه اليوم يُحاصر بقرارات فوقية، ووضع اقتصادي خانق، ومؤسسات لا تمثله، وواقع لا يُشبه نضاله.
ومن هنا نرفع النصيحة لكم:
• أوقفوا هذا التآكل في الشرعية وأعيدوا الكلمة للشعب.
• أطلقوا الانتخابات فوراً رئاسية وتشريعية، ونقابات واتحادات وبلديات ولا تخضعوا للضغوط الإسرائيلية في هذا الشأن فقراركم هو قرار فلسطيني بامتياز.
• شكّلوا حكومة وفاق وطني تمثل الكل الفلسطيني لا جزءًا منه.
• أعيدوا الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر شراكة شاملة تضمن تمثيل جميع القوى.
• حرّروا القضاء، الإعلام، والنقابات من التسييس والتبعية.
• افتحوا الطريق أمام الناس للمساءلة والمشاركة لا التهميش والتخويف.
• ولا تستمعوا بإذعان للضغوط العربية والدولية فالكثير منها يحمل نوايا خبيثة تُجهض تطلعات شعبنا ، فقط صوت الشعب هو الذي نسمع له وهو البوصلة الحقيقية لكل قرار.
• لا تسمحوا لهم بفرض أسماء مرفوضة شعبياً فالتفويض الشعبي هو الأساس في اختيار القيادات التي تمثل شعبنا بكل قواه.
هذه لحظة تاريخية والناس تنتظر منكم قرارات لا شعارات ، لا منقذ لهذا المشروع الوطني إلا عبر نظام سياسي تعددي ديمقراطي شفاف يُعيد للناس ثقتهم ويُحصّن الجبهة الداخلية لمواجهة الاحتلال والعدوان.
الزمن لا يرحم والشعوب لا تنسى والتاريخ لا يُجامل ، إجراءات الاحتلال مستمرة ولا تنتظر وأنتم اليوم أمام خيار: إما الإصلاح والتجديد أو انهيار لا ينفع معه ندم.
اللهم إني بلغت… اللهم فاشهد.