الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

أحمق من يصدّق نظرية المؤامرة وأحمق من لا يصدقّها

نشر بتاريخ: 26/03/2011 ( آخر تحديث: 26/03/2011 الساعة: 12:16 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - بعد نحو ثلاثة اشهر من ثورات الشباب في الوطن العربي ، لم تتضح الصورة بعد ، وفيما يتمسك دعاة نظرية المؤامرة بأن كل ما يحدث في العالم العربي من صنيع امريكا ومن تخطيطيها مع اسرائيل لخلق نظام شرق اوسطي جديد ، يسخر الليبراليون من اصحاب نظرية المؤامرة ويقولون ان ما يحدث هو نتاج طبيعي لحركة المجتمع والحريات المنبثقة من ظهراني الانترنت !!

واني أرى ان هؤلاء على حق ، واؤلئك على حق ايضا ، فأحمق من لا يعتقد ان امريكا واسرائيل تخططان منذ عشر سنوات لقلب العالم العربي الاسلامي ، ولخلق نظام شرق اوسطي على طريقة شمعون بيريس ، وكذلك يبدو احمقا من يعتقد ان الجيل الراهن ليس له دور في التغيير والبحث عن هامش اوسع للحريات الديموقراطية .


وفي شهر تموز 2010 ، كانت دهشتي كبيرة حين تلقيت دعوة لحضور مؤتمر دولي في العاصمة البرتغالية لشبونة ، بحضور نائب الامين العام للامم المتحدة والرئيس البرتغالي والسفير الامريكي حيث طلبوا منا نحن الصحافيين ان نركّز اهتمامنا على الفيس بوك والتويتر ووسائل الاتصال الاجتماعي ، وكم كان استغراب اصدقائي حين تحدّتث اليهم عن هذا المؤتمر " الغريب " !! ولماذا تطلب منا الامم المتحدة نحن الصحافيين العرب ان نركز على الفيس بوك ؟ وقد كتبت حينها على صفحة وكالة معا ( في البرتغال بط وبرتقال ) محاولا سبر غور هذا المؤتمر الدولي ، وحين انفجرت ثورات الفيس بوك وسارع الامين العام للامم المتحدة بتأييدها وكذلك الرئيس الامريكي اوباما ، بدت قناعتي - مثل اصحاب نظرية المؤامرة - ان امريكا تقف وراء تحريك هذه الثورات ومحاولة الاستفادة منها ، مرفق الرابط عن مؤتمر لشبونة :

http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=301952&MARK=لشبونة
وما زاد الطين بلّة ، ما نشره وموقع ديبكا الاستخباري الاسرائيلي عن ان السفارة الامريكية تقف على مسافة صفر من حركة الجماهير الثائرة في مصر وتريد تحريكها كي تتفق مع مصالحها : مرفق الرابط
http://www.maannews.net/arb/ViewDetails.aspx?ID=355672&MARK=ديبكا

بل ان هناك اسماء لعشر شركات امريكية ودولية كبرى تتحكم بالانترنت وفي معظمها شركات امريكية تقود ثورات الفيس بوك ، وعلى رأسها شركة غوغل وفي بعض الوثائق السرية التي سنحت لي الفرصة الاطلاع عليها ، يرى بعض كبار المحللين العالميين ان امريكا قررت استبدال كل زعماء العرب ، واقول جميعهم وليس نصفهم وعلى رأسهم قطر ودول الخليج ، ولكنها بدأت بالدول الفقيرة والتي تعاني الويلات ، وان كانت تستخدم الان الدول البترولية وقنواتها في تأجيج تلك " الثورات " الا ان المخطط الشامل يشمل دول الخليج والبترول في مراحل نهائية لاحقة .

وبالمقابل ، وحين استمعت الى روح الثورة عند شباب الفيس بوك ، أدركت ان هؤلاء الشبان الثوار لا يمكن ان يكونوا من معجبي الحضارة الامريكية الاستعمارية ، بل انهم روح طاهرة وثائرة تريد تحسين احوال الوطن العربي .... فهل تستطيع السفارة الامريكية ان تخرج 10 مليون مصري في الشوارع ، واذا كانت كذلك ، فان على العرب السلام .

وكيلا نضيع بين الطوباوية الثورية ، والاستسلام للواقع ، من المنطق ان نقول ان الصورة تبدو على النحو التالي ( ان الجيل العربي الجديد ، المثقف والثائر يبحث عن التغيير والاصلاح ، فقد كفروا بالفساد وهيمنة الفاسدين الفاشلين عليهم ، وكسروا حاجز الخوف من الدكتاتوريات وثاروا ضدهم ، وبالمقابل فان الدول الاستعمارية القديمة الجديدة تجلس وتستمتع وهي تسهل هذه الانقلابات وتدعمها لتحصل على ثمار جديدة من شجرة العرب اليابسة .

وكي نخرج من عنق الزجاجة ، ستبقى هذه الشكوك تساورنا الى حين نرى نموذج واحد ناجح للثورات ، فلو ان تونس ، او مصر ، او اية دولة اخرى تنجح في الاستقرار وبناء نظام اجتماعي عادل ، لطأطأ اصحاب نظرية المؤامرة رؤوسهم وسكتوا ..... ولكن وطالما ان الحيرة تعصف بتونس ، والفوضى تعصف بمصر ، والحرب تشتعل في ليبيا ، وشبح الحرب الاهلية يحلّق في اليمن ، والخوف من انقلاب الاسلاميين على الاردن يذكرنا بغزة وكيف تسعى اسرائيل لاستغلال وجود الحركات الاسلامية في خلق وطن بديل للفلسطينيين هناك .... لولا ان القمع الوحشي للمتظاهرين في سوريا يقهر كل عربي حرّ ، وغباء الحكام الدكتاتوريين الاوتوقراطيين يزداد اكثر واكثر ، لولا كل هذه الفرضى ولولا عدم وجود برنامج ثوري للثورات الاصلاحية .... لعرفنا ما نصدّق وما لا نصدّق ، والى ذلك الحين " أحمق من يصدّق نظرية المؤامرة وأحمق من لا يصدقّها"