الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة ...... ابو مازن يملك ولا يحكم . وحماس تحكم ولا تملك

نشر بتاريخ: 03/04/2011 ( آخر تحديث: 03/04/2011 الساعة: 14:07 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير - عاد شبح الحرب يحلّق فوق غزة الحبيبة ، ومعظم جنرالات الاحتلال يرغبون في توجيه ضربات عسكرية قاسية للقطاع وكسر شوكة حماس هناك ، ولم يعد سرّا ان عوامل اقليمية هي التي تمنع بدء العدوان الجديد ، فاسرائيل لا ترغب في لفت انظار الجماهير العربية اليها في لحظات تثور فيها ضد الانظمة ، ولا تريد ان تفتتح باكورة علاقتها بالانظمة الجديدة بحرب تأكل كل ما صنعته حتى الان من علاقات ( تحت الطاولة ) مع الدول العربية لا سيما التي وقعت معها اتفاق سلام مثل مصر والاردن والسلطة او تلك التي لم توقّع معها اتفاقيات مثل قطر وعدة دول اخرى والتي اصبحت اكثر ثقة ودفئا مع اسرائيل من تلك التي وقعت اتفاقيات .

كما ان النظر الى الثورات العربية بمكيال واحد سيجر صاحبه الى التهوّر ، فثورة تونس البيضاء الطاهرة مثل الياسمين ليست مثل ثورة مصر العارمة التي قلبت كل شئ رأسا على عقب ، و"ثورة" اليمن التي تهدد بانقسام البلد السعيد ليست مثل "ثورة " ليبيا التي تحوّلت الى حرب أهلية ، وتظاهرات الاردن التي يقودها الاخوان المسلمون ليست مثل تظاهرات الشيعة في البحرين . وتظاهرات رام الله التي تطالب بانتخابات جديدة ليست مثل تظاهرات غزة التي تطالب بوقف الانقسام . اذا جاز التعبير .

اسرائيل ومن خلال رؤيتها الراهنة للمرحلة ، تسعى الى تكريس مفهوم واحد وهو ( انه لا يوجد اي حل سياسي للقضية الفلسطينية وان قيادات اسرائيل توقفت عن البحث عن حلول سلمية للقضية منذ بداية العقد الحالي ) ، فيما ان قيادة السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس ابو مازن تسعى لتكريس مفهوم دولي واحد ( انها تسعى لحل سلمي للقضية الفلسطينية وانه يمكن تحقيق ذلك من خلال الامم المتحدة ) .


واستنادا الى ما يتوفر من معطيات فاننا على ابواب مرحلة جديدة اساسها التغيير الذي يحدث في الوطن العربي ، بل التغيير الذي يحدث في دمشق ومصر بالذات ، فاذا اردنا ان نعرف ماذا يحدث في غزة علينا ان نعرف ما الذي سيحدث في دمشق ، فاذا استعرت التظاهرات واصبحت تهدد نظام الاسد في سوريا ، فان قيادة حماس تكون قد تعرّضت لضربة قاسمة مثلما تعرض لها ياسر عرفات في دمشق بداية الثمانينيات حين طرده حافظ الاسد ومعه الشهيد ابو جهاد من هناك على خلفية الورقة اللبنانية والصراع مع فصيلي فتح الانتفاضة المنشق وفصيل القيادة العامة الذي يقوده احمد جبريل ، وراح عرفات يبحث عن مأوى ولم يجده الا تونس . وعلى ما يبدو فان خالد مشعل وقيادة حماس لن يجدوا سوى تونس بديلا عن دمشق ، فقطر لا تؤدي الغرض السياسي والانساني ، وسيتحول القادة الى مذيعين في قناة الجزيرة اذا وصلوا هناك !!! هذا اذا سمحت امريكا أصلا للأمير حمد ان يجرؤ على استضافتهم ، فالامريكان هم اسياد الموقف هناك وهم من يقرر في من يزور امارة النفط والغاز ومن لا يزورها .

وبما ان سوريا تغرق حتى اذنيها في تظاهرات درعا واللاذقية ودوما ودمشق ، تبقى مصر ، وتبقى القاهرة ، هي توأم روح غزة ، والاخت الشقيقة من دمها ولحمها ، وبما ان المتهم حسني مبارك ليس موجودا وان تسفي ليفني لن تزور القاهرة قبل الحرب بأيام ، فان على القيادات الفلسطينية ، وعلى رأسها قيادة حماس ان تسارع لترتيب الامور مع المجلس العسكري هناك من اجل منع اي حرب قادمة على غزة ... فالحرب على غزة هي ضرب في اللحم الحي ، واية قذيفة تسقط على القطاع تقتل اطفالا ونساء ، ومهما ارتعدت فرائص القاضي اليهودي جولدستون وتراجع عن تقريره فاننا لن نتراجع عن قناعتنا ومعنا كل احرار العالم : ان اية ضربة عسكرية اسرائيلية على قطاع غزة هي جريمة حرب بكل معنى الكلمة لانها ستقتل المدنيين قبل المقاتلين وحملة السلاح .

حماس تحكم قطاع غزة ، ولكنها لا تملك قطاع غزة ، فهناك شعب واحد وقيادات اخرى ورئيس منتخب ، والرئيس ابو مازن يملك حق الحكم في غزة لكنه لا يحكم غزة ، فهناك كتائب عز الدين القسام تفرض سلاحها وسيطرتها بالقوة على القطاع . ولن يكون هناك اي حل من بعيد او من قريب سوى القاهرة ، أو الورقة المصرية ، او ان شئنا القول " الورقة المصرية المعدّلة " ، وعلى جميع القادة ان يعرفوا ان ما يحدث في العالم العربي ليس بعيدا عنا ، وان على القيادات الفلسطينية المختلفة ان تفهم ان الاوطان ليست مزارع ورثوها عن ابائهم ، وان الشعب الفلسطيني يملك من القدرة على الفهم والمسؤولية ما يكفي لتحميل اي قيادة تتسبب في ماّسي جديدة للناس بالمسؤولية ، فقد ولى زمان الشعر في الاندلس ، وان كل طرف يستسهل تحميل الطرف الاخر مسؤولية اخطاؤه هو ، وليحرص كل قائد فلسطيني على اغلاق فمه جيدا اذا كان غير متاكد من صدق رؤياه وقدرته على تحمّل المسؤولية ، عملا بالقول القانوني : من فغر فاه فقد نطق .