الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قانون الانترنت في عالم الولد والبنت

نشر بتاريخ: 13/06/2011 ( آخر تحديث: 13/06/2011 الساعة: 20:13 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

بيت لحم- معا- كتب رئيس التحرير - من جديد ينتشر مصطلح الاعلام الامني ، ويطالبنا المختصّون ان نعودالى تعريف الاعلام ، وانا أطالبهم بالعودة الى تعريف الامن !

والامن وهو كل جهة تعمل بشكل مباشر او غير مباشر في الحماية والمعلومات والحراسة والمتابعة او تحمل صفة الامن والاجهزة الامنية التابعة للدولة او للسلطة الحاكمة بشكل علني او شبه علني او مخفي ولها صفة حكومية رسمية او شبه رسمية مثل الشرطة والمخابرات والمطارات والمختبرات والجيش والمباحث وامن الحدود والموانئ والمعلومات ووزارة الداخية .

وفي المجتمع المدني الديموقراطي يكون واضح للصحافي ولرجل الامن حدود النشر والتغطية على اساس القانون . اما في العربي فقد اختلط مفهوم الخبر الامني مع وشاية المخبر مع التقرير الكيدي مع كيدية المعارضة مع بطش الحاكم مع تضليل الجمهور مع المبالغة مع الجهل ، وهو ما تسبب في الارباك القائم اليوم وصولا الى الحيرة في الاجابة على سؤال من هو الصحافي ؟ بل من هو رجل الامن ؟
وبما ان الحكومات في دول العالم الثالث لم تعط اجابات مقنعة للجمهور ، فلجأت الى استخدام اماكن العبادة ومؤسسات التربية والمحاكم كدّرع لها ما خلط الاوراق بشكل غير واضح . فنشأت سلطات غير شرعية وخطوط حمراء لا علاقة لها بالقانون . كما نشأت معارضة تافهة كيدية لا هم لها سوى خلق الارباك في الشارع حتى وصل الامر الى ان تصبح الصحف الحزبية اكثر دكتاتورية من صحف الحكومات الدكتاتورية !!!

في المجتمع العربي 53 صحيفة لكل الف مواطن فيما في العالم 258 صحيفة لكل 1000 مواطن ، وفي العالم العربي نتحدث عن كم وليس عن نوع ، حتى يقال في السودان مثلا " ان الصحافة قد اصبحت مهنة من لا مهنة له " .

هناك نحو 700 فضائية عربية تخسر سنويا 12 مليار دولار اي ما يكفي رواتب السلطة الفلسطينية 12 سنة . مع الاشارة الى ان المجتمع العربي مجتمع مشوّه من ناحية المحتوى ، ورغم وجود 53 مليون مدونة عربية على الشبكة العنكبوتية الا ان حجم المحتوى العربي في هذه المدونات لم يصل سوى الى اقل من 1% من حجم المحتوى العالمي .كما ان 65% من حجم المحتوى في الاعلام الفضائي العربي هو محتوى ديني ميتافيزيقي طوباوي وليس ثقافي او طب او علوم او ترجمات ولا تزال المدونات العربية لا ترقى سوى الى درجة 40 الف في سلم المحتوى العالمي .

اما الجمهور فهو ليس بافضل حالا من حال الامن ومن المثقفين ، وهناك من جديد تدخل الحكومات والامن والاحزاب المعارضة والجهات التي تسعى للسيطرة لاستخدام اسلوب استروتيرفي Astroterveyاسلوب توهيم للقارئ بوجود شئ غير اي ان الجهات الرسمية او الحزبية او مافيا الثقافة تقوم بارسال الاف رسائل الشتم والتشهير ضد احد الكتاب المهمين فيتوقف عن الكتابة فيما تقوم – ان ارادت – ان ترسل عشرات الاف رسائل المديح لجعل شخص تافه كي يصبح نجما .

وفي المجتمع العربي ليس واضحا لغاية الان التعريف الدستوري لمهام الحاكم والخصوصية وجرائم الانترنت والبنك المركزي والوزارات .

ورغم ان العلماء المسلمين هم من اخترع الصفر – الخوارزمي – وابن نفيس مكتشف الدورة الدموية وبن سينا في الطب والقانون . ولولاهم لما كان هناك كمبيوتر او ويندوز . الا أن العرب فقدوا السيطرة على العلم وعلى ناصية الحضارة المدنية الان .فهم يستخدمون السيشوار والريموت كمونترول واللاب توب لكنهم لا يعرفون ما هي القيمة العلمية لهذه المشاركات الحضارية وليس غريبا ان العرب لم يشاركوا في اّخر 500 اختراع انجزته البشرية .

وبالنسبة لقانون الانترنت لا يوجد في الدول العربية قانون للانترنت يستطيع ان يستخدمه القضاة او المحاكم ،واستنادا الى قناعتي ان الانترنت ليس حلما لا يحمل صفة الواقع وانما واقع يحمل صفة الحلم ، وبالتالي فان هذا العالم الافتراضي هو عالم حقيقي لكنه مخبأ في الفضاء . و سأكتب بعض الاشارات على امل ان يقوم القضاة وخبراء القانون بمحاولة صياغة قانون اولي لجرائم الانترنت في فلسطين ، والتفريق بين حرية الرأي وبين جريمة الانترنت . مثلا – فرنسا تمنع وبالقانون على اي مواطن فرنسي فتح موقع رسمي على الانترنت لا تكون الصفحة الرئيسة فيه باللغة الفرنسية !!

مثال اّخر - لاريسا ريكيميلي – عارضة ازياء باراجواي – وعدت بالتعري في المونديال اذا فاز فريقها لكن – وللاسف – خسر المتخب الباراجوي في المباراة ومع ذلك قررت ان تتعرى . فهل يمكن مقاضاتها ؟ وما هي التهمة ؟

ماذا عن قانون التخفي ؟ الارهاب؟ التشهير ؟ التكفير ؟ التدليس ؟ وماذا عن التعري والكذب والنصب والاحتيال والخداع والتلفيق والتزوير وكل ما ينتجه شذّّاذ الافاق ؟؟؟

في سلطنة عمان تصل العقوبة سنة سجن والف ريال لكل من ينشر مادة تخل بالقانون وحتى عضو المنتدى يمكن ان يحاكم لمجرد عضويته في منتدى ارتكب مخالفة .مثال على ذلك الصحافي علي الزيودي صدر بحقه حكم سجن لمدة شهر وخمسمئة دولار لانه نشر شكوى في برنامجه الصباحي عبر الاذاعة .

وهنا نذهب الى السؤال الميكانيكي ، كيف يعمل الصحافي ؟ الاجابة : يلتمس – يتلقى – يبث .

وكيلا نخجل كثيرا من تخلّفنا فانه ومن ناحية القانون الدولي فهو معلّق في كثير من المواد لان المشرع عجز عن مواكبة التطوّر الهائل في الانترنت .
وكي ننعش الذاكرة فان جوهان جوتنبرغ المخترع الالماني 1398 – 1447 طوّر الطباعة وطبع اول كتاب مطبوع وهو كتاب القانون لابن سينا – لكن الكنيسة المتخلفة انذاك عاقيته وفرضت الحرمان على المخترع .

تجربة التظاهرات في ايران وقمع رجال الدين لها من دون وجه قانوني فايران لا تملك قانون انترنت ولا يوجد نص قانوني واضح بشأن تصوير احداث بالموبايل ونشرها على الفيس بوك ومثلها احداث هزت العالم ولم يجر تصويرها على يد صحافيين بل مواطنين مدنيين او جنود في الخدمة – اعدام الرئيس الروماني تشاوشيسكو – اعدام الرئيس صدام حسين ومعظم احداث الاقتتال بغزة لم يقم بتصويرها صحافيون ولا وكالات انباء .

قانون جرائم الانترنت في اوروبا واضح جزئيا وقديم مبني على اساس الحريات الفردية وعدم تعارضها مع المصلحة العامة وليس مع مصلحة الحاكم ، السويد 1766 اول قانون حق الوصول للمعلومات . وكل محامي يعرف انه في بريطانيا لوحدها 600 الف قانون.

وهذا لا يعني عدم وجود جرائم خطيرة عبر الانترنت مثل القتل وتجارة النساء والغدر والتهريب ولكن القاضي لا يشعر بضغط نفسي امام هذه الجرائم لان القانون الاساسي يوضح له الامر .

خبراء الانترنت يتبادلون نكتة عن مطوعي الانترنت في السعودية ، وكذلك عن الحرس الاحمر في محاربة الفيس بوك في الصين .

والجميع متفق على مبدأ : لا اااااااااااا يمكن للبوليس ان يحكم الانترنت ، لكن القاضي يمكن ان يحكم الانترنت .

تجربة فريدة انصح القضاة والمشرعين في فلسطين بدراستها وهي التجربة المصرية ، ومصر وقعت على القانون الاوروبي لكنّها احتفظت لنفسها باضافة واحدة ( اذا تصارع حقان فان حق يغلب حق – مثال محمد مصاب بالسكري او محمد مصاب بانفلونزا الطيور- فليس من حق الصحافي او اي مدني نشر خبر ان محمدا اصيب بالانفلونزا لكن من حقهم نشر ان محمدا اصيب بانلفونزا الطيور .

دوليا – القانون يعتمد على ان المسوؤلين اقل خصوصية والشخصيات العامة طالما ارتضوا لانفسهم ان يعيشوا تحت الاضواء فمن حق الصحافة ان تكتب عنهم وعن خصوصياتهم – القانون الاردني يعتمد العكس ، فمن حقك ان تكتب عن العامة لكن لا تكتب عن المسؤولين .

وفي الولايات المتحدة كانت طالبة امريكية تدعى ميري لينكا وضعت شريط اسودا على يدها احتجاجا على حرب فيتنام فطردها مدير الجامعة فتوجهت للمحكمة العليا وسمح لها القضاة بذلك لانه مجرد تعبير عن الرأي ولا يؤذي الاخرين .

وحين تسرّبت اوراق البنتاغون الى صحيفة نيورك تايمز – التمست وزارة الدفاع الامريكية و توجهت للمحكمة فورا بحجة ان نشر هذه المعلومات سيتسبب بضرر لا يمكن اصلاحه – رفضت المحكمة الدعوة وقالت ان النشر ليس ( ضرر لا يمكن اصلاحه ) .
وفي 1987 رشّح نفسه سياسي اسمه جاري لرئاسة الولايات المتحدة واكتشفت الصحافة ان له عشيقة اسمها دونا رايس ، صحيفة واشنطن بوست نشرت القصة وقالت المحكمة ان من يرشح نفسه للرئاسة لا يمكن ان يخفي عن الشعب وجود عشيقة له .وليس مطلوبيا من الصحافي ان يثبت حسن نيته . اما عند العرب فعلى الصحافي اثبات حسن نيته .

وحتى في قانون منع عري الاطفال ، تقدمت منظمة انسانية ايام الرئيس كلينتون بمسودة قانون لكن صحافي مع طلبة الطب قسم التشريح اعترضوا للعليا فتوقف القرار . حيث ان من حق طلبة التشريح ان يشاهدوا اجساما عارية لغاية البحث العلمي !!! ومثلها قوانين الاخلال بالاداب – خدش حياء – هتك عرض – زنا .

في امريكا اكثر مستخدمي القوانين بين 2006 – 2009 هم الشركات
في المجتمع العربي اكثر من 75% من الشركات لا تعرف وجود قانون
والمشكلة الحقيقية عند القضاة العرب انه لا جريمة ولا عقوبة من دون نص.
وسائل الاعلام في غزة ولبنان لعبت دورا في الانقسام – كانت راس حربة ، وهنا يأتي دور التطور التكنولوجي حيث تعتبر لبنان من اكثر الدول العربية تخلّفا في الانترنت . ولبنان 156 من اصل 158 في بطء النت.
ولدينا مشكلة الان وهي موضة حل وزارات الاعلام العربية دون ايجاد جسم اداري بديل من الناحية القانونية – بدأها الاردن وقلّدها الخليج وفلسطين مع العلم ان فكرة انشاء مجلس الاعلام الاعلى قد فشلت في معظم الدول العربية !!

السلطة الفلسطينية كانت اخذت قانون اليمن المدني حرفيا اما الاردن فاخدت قانون البحرين وهذا ما يربك القضاة والمشرّعين في التطبيق اليومي فالاعلام الاماراتي رسمي 100% لا ينشر نقد ضد اية جهة رسمية على الصحافة وهناك جلد – قذف المحصنات ، وواضح ان وجود طائفة الشيعة هناك قد حكمت المشرّع لكن في الاردن لا يوجد شيعة مثلا !! كما ان هناك غرامة مالية قيمتها 5 مليون درهم و اقرها البرلمان ، وفي الاردن او فلسطين من يملك هذا المبلغ ليدفعه ؟؟؟

في اليمن قانون الحبس لكل من يتعرض لكل رؤساء العالم ، فلو انت شتمت رئيس موزامبيق في اليمن فانك ستسجن ، والمضحك ان معظم اهل اليمن يشتمون رئيس اليمن الان ولا محاسبة !!

في مصر الجيش خط احمر . وان قانون النشر على الانترنت هو قانون النشر العادي علما انه في مصر 14 مليون مستخدم للانترنت و25 مليون امّي و300 الف محامي بمصر.

انا انصح باعتماد قانون الانترنت المصري في اراضي السلطة ، ومبدأ القانون المصري يقول : ان القانون الذي يحكم العالم الافتراضي هو نفسه القانون الذي يحكم الحياة اليومية . ومن يرتكب جريمة على الانترنت فانه يتسبب بالضرر نفسه الذي تتسببه جريمة على ارض الواقع . دون ان نغفل ان القاضي ينظر في كل حالة على حدة .