نشر بتاريخ: 28/07/2011 ( آخر تحديث: 28/07/2011 الساعة: 20:53 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - ليس ثمة أفضل من اختلاف وجهات النظر ، بل ان المجتمعات التي تتماهى في رأي واحد هي مجتمعات مريضة وسخيفة ، ولا يمكن ان تحقق حياة كريمة لمواطنيها ، بل ان المجتمعات التي لا يخطئ افرادها هي مجتمعات منافقة ولا تشعر بلذة الحياة وتوازنها . وكم اشعر بالغيرة لان زعيم المعارضة الاسرائيلي يحصل على راتب شهري لا تقل قيمته عن 10 الاف دولار وسيارة فولفو وحارسين من الامن العام وسائق ، كما انه لا يمكن لرئيس حكومة اسرائيل ان تتخذ قرارا بالحرب او بالسلام من دون التشاور مع زعيم المعارضة .
ويخجلني البوح باعتقادي ان الديموقراطية لن تنجح في المجتمعات العربية ، لان الديموقراطية تبنى على اساس حقوق الفرد ، وفي المجتمع العربي لا يوجد افراد ، بل يوجد اعضاء ، فانت بن فلان بن فلان بن العائلة بن العشيرة ، بن التنظيم بن المخيم بن المدينة بن جنين بن رام الله بن الضفة بن غزة وهكذا .
واذا توافقنا على انه لا يوجد افراد في المحتمعات العربية بل يوجد اعضاء في عشائر وتنظيمات ، فان نظام الحكم الانجح هو النظام الابوي ، ومن أفضل ما كتب في هذا المجال ، على يد نبيل عمرو في العام 2003 ، حين قال ان فتح قبيلة وزعيم القبيلة هو ياسر عرفات ، وخلص الى نتيجة ان قبيلة فتح وشيخها ياسر عرفات ، تسير وفق رغبات الشيخ . فهو المانح العاطي المجزي الكريم النبيل الودود ، او اذا غضب فانه هو المانع القابض المحاسب المعاقب الذي يقصي ويجازي الى ان يرتدع الفرد عن فرديته ويعود الى حضن القبيلة والى حضن العشيرة ... ومن اهم طباع العشيرة انها تسامح ولا تنتقم من ابنائها ، انها تعاقبهم وتحاسبهم وتؤنبهم وتعزّرهم لكنها لا تنتقم منهم .
وانا اعتقد ان حركة فتح لا تزال قبيلة ، وانا اعتبرها من القبائل الجميلة في فلسطين وطالما اكيل المديح لها ، لانها تعبير مكثّف عن حال المجتمع التلقائي الفلسطيني ، وحتى مع وجود الرئيس محمود عباس على رأسها فانها لا تزال قبيلة فتح وشيخها محمود ، وهي لم تختلف عن فترة عرفات ، فالعرفاتية مستمرة ، وما يحدث لدحلان الان طبيعي جدا ، فطالما قام دحلان شخصيا بتنفيذ اوامر الشيخ ومعاقبة غيره من القادة واساتذة الجامعات حين كان يتولى جهاز امن قاسي في قطاع غزة ، ولو سألنا عن عدد القادة والمفكرين الذين عاقبهم دحلان بأوامر من شيخ القبيلة لكانوا بالعشرات اذا لم يكن بالالاف .وبالتالي فان الحالة لم تختلف سوى ان العقوبة الان تصل الى دحلان نفسه .
لا أعتقد ان فتح تريد ان تنتقم من دحلان ، وانما تريد تلقينه درسا وتقليم أظافره التي استخدمها في تجريح وجه شيخ القبيلة في السنة الماضية ، وهو امر متوقع ولا يفاجئ المراقبين . وان كانت في مثل هذه الحالة لها ابعاد شخصية حيث لا يزال دحلان - رغم ذكائه الفطري - يعيش مرحلة الانكار والمكابرة ولا يعترف انه شخصيا يخضع للمسائلة والمحاسبة وانه لم يعد رئيس جهاز الامن الوقائي القوي وانه لم يعد وزير الداخلية في حكومة محمود عباس .
وفي رأيي ان الرئيس محمود عباس يجب ان يعاقب من يخطئ ، لكنه يجب ان يسامح أيضا ، لان الرؤساء يسامحون ولا ينتقمون ، فمن اهم شيم وصفات شيخ العشيرة ورب الاسرة الذي لا يهدأ له بال الا حين ينام الجميع بأمن وهدوء تحت خيمته .واذكر انني طلبت من الرئيس ابو مازن ان يسامح احد الصحافيين الذي اساء الادب واخطأ خطأ كبيرا ، فسألني الرئيس ولماذا اسامحه فأجبته : لانك يا سيادة الرئيس يجب ان تسامح ، فنحن يجب ان نخطئ دائما وعلى الرئيس ان يسامح ، فوافق فورا وسامحه .
مبدأ المحاسبة مطلوب ، وعلى محمد دحلان ان يعرف انه لا يختلف عني وعن اي قارئ وعن أي وزير أو مدير ، وان التحقيق معه ومع غيره في شبهات ليس عيبا ، وان ادانته او حصوله على البراءة حق خاص وعام ، ولكن هذا الكابوس يجب ان ينتهي بشكل جميل وهادئ لنثبت للعالم اننا قادرون على التعافي والتسامح والمحاسبة في نفس الوقت .واننا باقون هنا نقبل بعضنا بعضا لاننا لن نرفع رأسنا الا في وطننا ولن نعيش بكرامة الا في فلسطين .... وهنا لا بدّ وان اتذكر مقولة الاخ ابو علي شاهين والذي قالها في بداية الثمانينيات وتعلمناها حين كنأ اطفالا في سجون الاحتلال : حتى زنزانتي لا تخيفني لانها جزء من وطني .
امّا التوقيت الشتوي الذي اقرته حكومتنا ، فلا أعرف ماذا دهى هذه الحكومة مؤخرا ؟؟؟ وهل معقول ان تكون درجة الحرارة 40 مئوي ونحن نسير على التوقيت الشتوي ؟ وهل يعتقد الوزراء انهم هكذا يساعدون الصائم في تجاوز حرّ الصيف ؟ ارجو ان تتراجع الحكومة عن قرارها هذا لانه قرار لا معنى له من الناحية الاقتصادية ولا السيكولوجية .. ولو اراد رب العباد ان يفرض صوم رمضان في فصل الشتاء فقط لفعل ذلك من دون ان يحتاج الى قرار حكومتنا . وانا انصح الوزراء ان يصوموا رمضان ويتركوا أمر المناخ لرب الكون ويرتاحوا .