الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - تمكّن الفلسطينيون على مدار نحو مئة عام من تسخير تصريف الافعال والجملة الفعلية بطريقة مدهشة لتصب في صالحهم وتقف معهم . ولو جاء استاذ لغة عربية يتعقّب اللهجة العامية هنا لتمكن من تتبع طريقة جديدة في تطويع اللغة على هوى المستخدم ، وبالاضافة الى تركيك القاف ليصبح كاف ( يقول الفلسطيني كلبي ويعني بذلك قلبي فتكون الجملة سخيفة ومضحكة حين يقول لخطيبيته كلبي يحبك فتبدو وان لديه كلبا وان كلبه يحبها ) والفلسطيني جمع ما طاب له من اللهجات المجاورة ، فترى نفحة من لهجة شامية عند العائلات الاصلية في القدس ونابلس ، وترى اللهجة العراقية تسللت الى بعض مناطق جنين واللهجة المصرية تسرح وتمرح في قطاع غزة فيما مناطق الشمال يشددون على احرف دون اخرى ، واذا رجعنا الى محاضرات العلامة في اللغة العربية العالم المصري فاروق شوشة سنجد ان بن شمال فلسطين يقول للفتاة ( اناااااااااااااااااااااا احبك ) لان الفسطيني يعظّم النحن والانا لانه يعيش حالة خوف من الانقراض السياسي بعكس بن الخليج الذي يقول ( انا أحححححححححححبك ) فهو يعيش حاجة كبيرة للحب والحنان ، اما العراقي فيقول (انا اااااااااااااااااااااه احبك ) وكأن العراقي يرغب في غنائها وليس فقط قولها فاللحن عنده اهم من الكلمة ومعناها . أما بن الشام فيقول (انا احبك ) بشكل سريع وخاطف وكأنه لا يريد ان يقولها أساسا فالفعل هنا اهم من القول . ولو لاحظنا اين مصر سنراه يقول ( انا بحبك يا بت ) في اشارة على التخصيص ، فمصر كبيرة وواسعة وهو يريد ان يحدد بالضبط ماذا يقول ولمن يقولها ، تماما مثلما يقول اهل مصر ( حضربك في وشك ، او حضربك بالجزمة ) فهو يميل الى تحديد شديد لما سيفعله بالضبط !! اما الفلسطيني فنراه يركز على الانا وعلى الزمان ، فاهل الناصرة وفلسطينيي الشمال يستخدمون مصلحة ( اٍسّة ) بشكل مبالغ فيه ويقصدون بها " الان " فيقولون : اٍسّة انا جايي - او اٍسّة انا رايح . حتى صارت اٍسّة تقال بمناسبة ومن دون مناسبة وكأنهم يريدون تطويع الزمان تحت صولجان لهجتهم .وفي مدينة الخليل يقولون انا بذاتي نفسي جئت . وهي 3 كلمات تحتوي على 3 تأكيدات على فاعل واحد من نفس الشخص وفعل واحد بسيط .اما لو كان الخبر سيئا لقال لك " اراد الله ان نأتي ، وانه ليس الفاعل بل نحن أو هم ويرميها على ظهر السماء ويرتاح . اهل رام الله متأثرون جدا بريف رام الله لذلك ترى لهجتهم مليئة بالافخاخ والامتحانات فتتحدث هناك وتشعر انك تفهم شيئا ومحدثّك يقصد شيئا اخر تماما . وفي منطقة بيت لحم والقدس دخلت اللهجة حالة سكر شديد من كثرة التأثر باللغتين العبرية والانجليزية .على كل حال وفي اخر سنوات لم نعد نميّز لهجة منطقة عن اخرى فمعظم المذيعات والمذيعين في فلسطين صاروا يتحدثون اللهجة اللبنانية ومن دون مقدمات .