نشر بتاريخ: 27/09/2011 ( آخر تحديث: 28/09/2011 الساعة: 20:07 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - خرج الوفد الفلسطيني الى الامم المتحدة ، في ظل تشكيك قطاع مهم من المجتمع بقدرة القيادة على تحدّي الادارة الامريكية ، ويعتبر هذا التشكيك مبررا ، لانه ثمرة 20 عاما من الكذب الاسرائيلي والامريكي على قياداتنا ، ولم يكن معظم المحللين يرسمون الامر كما حدث وانما وضعوا سيناريوهات اقل شأننا ، وتصوّرات اخفّ تأثيرا من الواقع .
وسائل الاعلام الاسرائيلي مستمرة في تضليل جمهور اليهود في اسرائيل ، وعقب وصول الرئيس الى المقاطعة واستقباله على يد عشرات الاف ، كانت نشرات الاخبار العبرية الصباحية تقول : عاد محمود عباس الى رام الله وسط حالة من الاحباط والشعور بالفشل ، وبينما كان يتوقع ان يستقبله ملايين الناس لم يستقبله سوى عشرات الالاف فقط ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وربما هذا يفسر ارتفاع شعبية نتانياهو في اخر استطلاع ، لان الجمهور الاسرائيلي لا يعرف عن " معركة سبتمبر " سوى ان نتانياهو هزم الفلسطينيين ووبخ الامم المتحدة وعاد منتصرا !!
ومن الجهة الاخرى لا تزال حماس ترى ان ما حدث مجرد خطوة تكتيكية ، ولا تملك حماس اي برهان علمي على ان الرئيس عباس قد تغيّر واصبح لا يثق ، والاهم أنه لا يريد ان يفاوض اسرائيل برعاية امريكية .ولا شك ان الخطاب نقل الكرة الى ملعبهم وصار عليهم مسؤولية منح الرئيس شبكة امان سياسي لخوض المعركة وفق الروح الرياضية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات .
ولان الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ، حادّ الطباع ، ومثله مثل اي جمهور ينشد الاستقلال يريد ان يعرف فورا ما هي الحقيقة ، وقد رأينا هذا الدفء العاطفي الذي استقبل به الوفد العائد من نويويرك يشكّل حالة تماثل حالة الجماهير المصرية في عشرينيات القرن الماضي حين استقبلت سعد زغلول .
وحتى نعرف اذا كان الرئيس قد تغيّر ، ام انها مجرد خطوة تكتيكية باهتة سرعان ما تزول ! من المجدي ان نلقي الضوء على الاشارات التالية :
اولا : ان الرئيس قد تعلّم من تجربة غولدستون درسا قاسيا ، وصار يفرق بين النصيحة وبين السمّ السياسي الذي يدسه البعض بحجة الحرص على مصلحته ومصلحة القضية الفلسطينية .فقد قام بعض الاشقاء العرب وبعض القيادات الفلسطينية بنصيحة الرئيس ان يتّخذ قرار معينا في فترة غولدستون ، لكنه فوجئ انهم اول من خرج على الفضائيات المعروفة بمهاجمته ، ما جعله هذه المرة يغلق الابواب في وجوههم ويمنعهم من التقرّب منه او نصيحته .
ثانيا : تجربة السنوات الماضية علّمت الرئيس عباس ان لا يتّخذ قرارات فردية وانما دعوة اللجنة التنفيذية واللجنة المركزية للاجتماعات واتخاذ قرارات بحيث لا يكون مجالا لاحد ان يدّعي ان ليس شريكا في القرار .
ثالثا : المطلوب الان ان تقوم القيادة الفلسطينية بتوضيح وتفسير معنى مقاومة سلمية غير عنيفة ، فهذا مصطلح جديد على الجماهير التي صار لديها خبرة طويلة في مقارعة الاحتلال . فهل سلمية غير عنيفة تعني القاء الحجارة ؟ هل تعني اغلاق الشوارع ؟ هل تعني التصدي لجرائم المستوطنين ؟ هل تعني ان الجميع متفق على معناها ؟
والمطلوب من القيادة ان توضح رؤيتها للاصلاح الزراعي والصناعي والاستثماري الاقتصادي في المرحلة القادمة على اساس التكافل الاجتماعي واستغلال طاقات الشباب الهائلة في بناء ما ينقص من عملية الانتاج .
كما يجب على القيادة ان توضح خطتها الاعلامية ، بعناوين واضحة ، وان لا تكتفي بفرقة العاشقين لتقوم بسدّ العجز القائم في خطاب المرحلة ، فلا تزال الطاقات الاعلامية مشتتة ، وتعيش مرحلة الانقسام وذيولها . واذا قامت الجماهير بالمقاومة السلمية فمن اولى حقوق الناس ان يكون من خلفهم خطاب اعلامي موحد يحميهم ثقافيا وسياسيا .
اعتقد ان الرئيس قد تغيّر ، تغيّر بنفس القدر الذي تغيّرنا نحن فيه .