نشر بتاريخ: 20/10/2011 ( آخر تحديث: 20/10/2011 الساعة: 19:20 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - قال لي احد الصحافيين ان التلفزيون الليبي بث ذات يوم صورة لحذاء القذافي وهو جالس على كرسيه لمدة 3 ساعات ... وفي مرة اخرى بث التلفزيوني الليبي صور الزعيم القذافي لمدة ساعات وهو صامت ويتنفس وكتب على الشاشة : الزعيم يفكر .
وقد اصبحت حياة الزعيم الليبي معمر القذافي مثل مماته محط اهتمام المحللين النفسيين ورجال الاعلام وقادة المخابرات في معظم الدول ، وفيما يعتبره الغالبية من المحللين مريض نفسيا بمرض البارانويا ( جنون العظمة ) لا يزال كثر من اتباعه في افريقيا وغيرها يعتبرونه خليفة الزعيم العربي جمال عبد الناصر . وسواء كان عظيما وجن ، ام كان مجنونا ومريضا عظيما لانه ضحك علينا جميعا لاربعين عاما !!! ظل السؤال المحيّر: لماذا رفض دعوة الرئيس الفنزويلي تشافيز ان يأخذ عائلته اولاده واحفاده وامواله ويهاجر الى كاراكاس ؟ رغم انه يعرف ان جنرالات البيت الابيض قرروا قتله ... وبالفعل وما ان قالت هيلاري كلينتون اقتلوا القذافي . حتى قتلوه في اقل من 24 ساعة !!!
البعض قال انه وفي اخر خطابات القذافي بدا مصابا ب Paranoid فعلا :وهو مرض الهذاء (البارانويا) اي اضطراب ذهاني وظيفي يميزه الأوهام و الهذيان أي المعتقدات الخاطئة عن مشاعر العظمة و الإضطهاد مع الإحتفاظ بالتفكير المنطقي و عدم وجود هلوسات في حالة الهذاء النقي. أي أن الشخصية رغم وجود المرض تكون متماسكة و منتظمة نسبيا و على اتصال لا بأس به بالواقع ، و لا يرافقه تغير في السلوك العام إلا بقدر ما توحي به الأوهام و الهذيانات. وتبدأ سمات مجنون العظمة تزداد ، فتتسم الشخصية بشدة الحساسية و خاصة للنقد ، و مشاعر الإضطهاد و العظمة ، و المبالغة (يجعل من الحبة قبة) ، و تأكيد الذات و الأنانية و التمركز حول الذات و التذمر و العدوان.
و مع تقدم العمر تتضح سمات أهمها البرانوي واهمها الجمود و التزمت و المناوأة ، و عدم التسامح في النقد ، و الإستخفاف بالآخرين ، و الغيرة ، و الطغيان و التسلط على من هم دونه ، و الإيمان بالسحر و التفكير الخرافي. ثم الإنكار ، و التبرير ، و التعويض ، و الكبت ، و الإسقاط والتمويه على الذات.
ومهما يكن الامر سنحاول ان نقف عند بعض محطات حياته وانعاكاساتها على شخصيته الراهنة حيث يقدّم نفسه انه اقدم حاكم على وجه الارض .فهو يحكم ليبيا منذ 42 عاما ، علما انه من مواليد عام 1942 وقائد الثورة الليبية ضد حكم الملك ادريس السنوسي .
ورغم انه قدّم نفسه لردح طويل من الزمن انه قائد عربي ، الا انه ومنذ نحو عقد من الزمن يميل الى تقديم نفسه كقائد افريقي ويطلق على نفسه لقب ( ملك ملوك افريقيا ) .وهذا الانتقال يدل من ناحية نفسية على الصدمة والفشل ، فبعد فشله في تحقيق الوحدة العربية انتكس القذافي لتقديم نفسه كزعيم افريقي يلبس مثلهم ويحتفل مثلهم .
ومن الناحية السيكولوجية يبدو ان القذافي يستسهل ان يصف العرب كلهم انهم فاشلون ولا يفهمون كتابه الاخضر على ان يعتبر نفسه قد فشل ، وقد تحول الامر الى وسواس حقيقي يمكن تلمسه من خلال خطاباته واحاديثه . والوسواسي يتحدث بلا انقطاع ويتدخل فيما لا يعنيه ويرتاب من أي شيء فتصبح افكاره متحجرة ورأسه مشوش وتستحوذ عليه فكرة انه يعمل من اجل المصلحة العامة لكن الناس اغبياء ولا يفهمونه وسرعان ما يعاني جسدياً فتراه يكابر ويرفع رأسه للاعلى ويمشي مثل طاؤوس ويطبق اصابعه ويلعب بشعر انفه ويصفر على نغمة واحدة ويلازمه التعرق .ويبدو ان الصفات المذكورة تنطبق تماما على القذافي ، وربما يجمع اعداؤه واصدقاؤه على وجودها فيه لكن بتحليل مختلف .
فقد أثارت أفكار القذافي التي يطرحها الكثير من الجدل والإستهجان من قبل الكثير داخل وخارج ليبيا، خاصة بعد إستفرداه بالقرار في البلاد لمدة تزيد عن أربعة عقود وإتهامه مع عائلته بتهم الفساد وهدر مقدرات البلاد لسنين طوال وقمع الحريات العامة، بالرغم مما يطرحه من فكر جماهيري للمشاركة بالسلطة، والذي أوجده في السبعينيات من القرن الفائت حسبما يقدمه في الكتاب الاخضر حيث مضى على استلامه السلطة في ليبيا نحو 42 عاما، وبنى نظاما غريب الأطوار لا نظير له في العالم على الإطلاق، ليس بالجمهوري ولا الملكي، وإنما هو مزيج من أنظمة قديمة وحديثة، يدعي أنه لا يحكم وإنما يقود ويتزعم، ولكن الواقع يشير إلى أنه يكرس كل الصلاحيات والمسؤوليات في يديه.
ولربما ان هذا اصابه بجنون العظمة ويعتقد المحللون ان القذافي مصاب به ، فهو يجمّد يده اليسرى حين يمشي ويرفع رأسه الى فوق ويعاني من اكتئاب مستمر ويشيح وجهه بسرعة لانه لا يعبر عن مشاعره ، فهو يقنع نفسه ان التعبير عن المشاعر ميزة انثوية .ثم ما يلبث ان يعاني من جمود الشفة العليا ويضم رجليه وفخذيه عند الجلوس.
وقد تعرض القذافي خلال فترة حكمه الطويلة للكثير من الأزمات، ودخل في العديد من الصراعات سواء مع الدول العربية أو مع الغرب، وبدأ حياته السياسية في الحكم راديكاليا وثوريا، لكنه أصبح مع الوقت مقربا من خصومه السابقين لا سيما مع الدول الغربية التي أصبحت في السنوات الأخيرة من أبرز الشركاء التجاريين والأمنيين للنظام الليبي.
اذن فالقذافي يحب نفسه الان اكثر من اي شئ اخر ، بل انه يطلق على جميع حارساته اسم عائشة مثل اسم ابنته ، ورغم ان اولاده ثمانية الا ان العلاقات بينهم ليست سوى مجرد علاقات دم وقبيلة .
على كل حال من الاحوال وحين جرى القاء القبض عليه كان يتحدث بلا انقطاع ويطلب من قاتليه ان يوحّدوا الله واتى على ذكر اسم الشهيد الشيخ احمد ياسين وبدا وكأنه متماسك ، لانه مقتنع ان الشكوى صفة انثوية ، وانه ذكر لا يجب ان يعترف بالخطأ او بالألم . وهو يريد ان يقلّد الرئيس صدّام حسين في لحظة النهاية المؤثرة .
ومهما يكن : رحم الله القذافي وجميع الاموات ، وعاشت فلسطين التي تجمع العرب ولا تفرق العرب .