نشر بتاريخ: 23/11/2011 ( آخر تحديث: 24/11/2011 الساعة: 22:40 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير - ان أقوى الناس من يقوى على نفسه ، واعظم الناس من يقوم بالاشياء البسيطة بنجاح ، وليس شرطا ان تقوم باشياء غريبة وملفتة للانتباه كي تصبح عظيما ، ولا داعي لاحراق مباني وسيارات واغلاق طرقات من اجل عمل ثورة ناجحة ، ولا داعي لاطلاق النار على رأس المتظاهرين من اجل ان تثبت انك وزير داخلية قوي .
وما يحدث في ميدان التحرير يثبت مرة اخرى ان العرب كتشكيلة اجتماعية اقتصادية سيكولوجية ، يميلون الى الحكم الابوي والذي يطلق عليه علماء الاجتماع المجتمع البطريركي ، اي الاب الروحي الذي تستمد باقي القوى في المجتمع من خلاله سلطانها وصولجان حكمها . والديموقراطية لم تنجح في الوطن العربي ولن تنجح حاليا لان الديموقراطية تقوم على اساس حكم الفرد بينما المجتمع العربي لا يعترف بحكم الفرد بل بانتمائه الى جماعة او حزب او عشيرة . وهذا ينطبق على اكبر شيخ وعلى اكبر شيوعي ، ينطبق على اقوى رجل اعمال وافقر مزارع في الارياف ...
ولو ان المثقفين المتظاهرين في الميادين والساحات في العواصم العربية يعيدون قراءة كتاب " المجتمع العربي المعاصر " للدكتور حليم بركات او تجديد الدنيا بتجديد الدين للامام محمد عبدو أو مقدمات لدراسة المجتمع العربي لهشام شرابي او مداخلات سلامة موسى وفلسفات عبد الله عروي والعفيف الاخضر لاختصرنا النقاش في عدة قضايا جوهرية بعيدا عن العنف والحرق والقتل والرعب الذي نعيشه ساعة بساعة .
ان العرب بحاجة الى اب عادل ، وليس الى رئيس منتخب تحت اشراف جيمي كارتر وشركات النفط ، لان العيب والحرام هما اهم واقوى قانونين يحكمان العرب ، وهما لوح الاخلاق والقانون في ثقافة الصحراء منذ حمورابي ... نصرخ ونركض ونلهث في الساحات والميادين ونرفع صور عرفات وعبد الناصر ونحن في الحقيقة نبحث عن ذواتنا في قبور القادة .
وفي خضم الازمة اطلّت علينا فتاة مراهقة تدعى علياء وخلعت ثيابها بالكامل وكما ولدتها امها ونشرت صورها على الفيس بوك وقالت ان هذه حريتها الشخصية ، ما خلط اوراق الحرية باوراق المسؤولية . والامر يتعدى النقاش الاخلاقي في هذا المجال بل يرقى الى مستوى التشخيص والعلاج ، فهذه الفتاة فقدت القدرة على التمييز بين الحرية الشخصية وأمنها الشخصي وبين اسقاط النظام السياسي والامني في البلدان العربية .
الفلسطينيون يتّجهون نحو الانتخابات في الصيف القادم ومن قبلهم التوانسة والمصريون وربما السوريون والمغاربة واهل اليمن ، ومن بعدهم اهل قطر والكويت وهكذا .... فهل ستحل الانتخابات ازمات العرب ؟
ان ما حدث لنا في ال 50 سنة الماضية لم يكن مجرد دكتاتورية من الحكام الذين اصابهم مرض حب السلطة ، وانما كان نتيجة خزاب الاحزاب العربية القومية والدينية ، فالحكومات افسدت الاحزاب العلمانية والاسلامية ، وها نحن نرى احزابا تشبه الحكومات بالضبط ، وهي لا تختلف عن المراهقة علياء التي خلعت كل ملابسها ونشرت برامجها الطامعة في الحكم على الفيس بوك والفضائيات ، هذه الاحزاب نسخة كربونية عن الحكومات حتى في خطابها واشكال قادتها وابناء مسؤوليها ، وان استبدال الحكام بزعماء الاحزاب لن يؤدي الى التغيير بل الى الحيرة والفشل مجددا .
وانا في كل مرة اسأل نفسي : من سيحكمنا بعد ابو مازن ؟ ومن سيحكم مصر بعد مبارك ؟ ومن سيحكم قطر بعد الامير حمد ؟ وليبيا وسوريا و .... ؟ وهل سيتغير الوطن العربي حينها ونلهوا في واحات الديموقراطية والابداع العلمي ؟