نشر بتاريخ: 05/12/2011 ( آخر تحديث: 05/12/2011 الساعة: 23:53 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير ناصر اللحام- عاش الصحافيون عام 2011 عام الثورات العربية بخاطرهم او رغما عنهم، وسواء من اقتنع منهم بهذه الثورات او لم يقتنع وجد نفسه في عاصفة التغيير، هناك من ايدها دون تحفّظ، وهناك من ايّدها في مصر ولا يؤيدها في سوريا وهناك العكس، لكنهم عاشوا جميعا عام 2011 تحت جناح الثورة واخبارها وتفاعلاتها.
ورغم ان الاعلام الفلسطيني حاول كل جهده ان لا يتدخل في الثورات العربية، وان لا يكرّر تجربة الكويت الا ان هذا لا يمنع الصحافي حتى الان من الوقوف امام المراّة ومصارحة نفسه بالحقيقة: هل هو مع الثورات ام لا ؟.
الاعلام الرسمي ومثله الحزبي يحاول منذ عام "وقد نجح نسبيا" عدم اعطاء اجابة قاطعة، ولكن الحقيقة الباقية تؤكد ان العالم العربي قد تغيّر بشكل حاد، وان الدول التي نعرفها والاجيال التي لا نعرفها قد نجحت في تغيير انظمة كاملة، وقبل ان يسقط زين العابدين ومبارك والقذافي سقط الخوف من صدور الاولاد فمكثوا في الساحات وعلى صفحات التواصل الاجتماعي يكتبون مستقبلهم.
زمن الاستبدا قد ولّى، وزمن الطغاة انتهى، فسقطت الانظمة الشمولية، ولكنني اعتقد ان المرحلة القادمة هي مرحلة تغيّر الاسرة والمدرسة، فهل نحن جاهزون لهذا التغيير؟ ام اننا سنتفاجأ بثورة النسق الاجتماعي مثلما فوجئنا بثورة النظام ؟.
المجتمع العربي لا يزال في مرحلة فك وتركيب، والمجتمعات التي نجحت في الثورة لم تستكمل مهامها بعد، فقد تفكك النظام السابق لكننا لم نلحظ بعد تركيب انظمة جديدة مناسبة لطموحاتنا ومستقبلنا.
الخطوط الحمراء لم تعد موجودة، وقواعد اللعبة تغيّرت واللاعبون قد تغيروا وصارت المعلومة اقوى من الصاروخ، والارادة اقوى من اجهزة الامن، والمستقبل اقوى من الماضي.
الاعلامي القانوني المصري نجاد البرعي طرح مؤخرا ورقة عمل اثارت الكثير من القلق والتفكير: "الشعب لا يريد للحكومات ان تملك وسائل الاعلام"، فمن سيلمكها الان؟ هل هم الاغنياء ورجال الاعمال؟ وهل هم حريصون على المصلحة العامة ام على مصالحهم ؟.
ثم ان الفضائيات العربية الشهيرة صارت تستقي معلوماتها من مواقع التواصل الاجتماعي فهل هي خائفة على عرشها وتريد ان تتقي شر "الفيس بوك والتويتر واليوتيوب"؟ ام انها تتحالف معها؟ ام انها تريد ان تبتلعها؟.
من يملك الاعلام الامريكي؟ من يملك الاعلام الاسرائيلي؟ من يملك "الفيس بوك وتويتر"؟ من سيمتلك التلفاز الليبي والعراقي واليمني والاردني والفلسطيني والسوري والمصري ؟.
الاستاذ يحي شقير من الاردن طرح سؤالا اعمق: هل يحتاج المواطن الى وسيط اعلامي بينه وبين السلطة؟ وهل يمكن للمواطن ان يقترع عن طريق الانترنت وان يخاطب الدولة عن طريق "الفيس بوك" دون الحاجة الى تلفزيون رسمي؟.
معظم الدول العربية الغت وزارات الاعلام، والان من يرسم المستقبل ومن يخطط للعملية البنائية؟ وهل فعلا نحن بحاجة الى قوانين لتضبطنا ام ان العيش من دون قوانين ضابطة سيؤدي الى ازدهار العرب اكتر واكثر.
ما هو مستقبل مليارات الدولارات التي تصرفها دول الخليج العربي على المحطات الفضائية وهل تستيطع هذه الفضائيات المملوكة لدول غنية ان تلبي حاجيات المواطن العربي الحر في المستقبل؟.
ذهب صدام حسين ويوجد الان 170 صحيفة في العراق، فهل هناك حرية صحافة في العراق؟، ام ان الامور تحتاج الى بعد زمني للانتقال الى المستقبل ويجب ان نصبر عدة سنوات لنشاهد النتائج مثلما صبرت روسيا عشر سنوات حتى استفاقت من انهيار الاتحاد السوفييتي بداية التسعينيات.
استطلاع نشرته الجامعة الاردنية يؤكد ان الجيل العربي المتوسط هو الذي يتابع اخبار الثورات اكثر على مواقع التواصل الاجتماعي، اما الجيل الصغير الشاب فلا يتابع بكثرة على هذه المواقع ما يعني ان الامر مرتبط بفئة عمر، وهذا يفسر سبب وجود مليون علماني في ميدان التحرير فيما انتخب الشعب المصري الاسلاميين للبرلمان.
واخيرا، وعندما ينجح الربيع الفلسطيني في انهاء الانقسام، ويذهب الفلسطينيون للانتخابات، وتنجح الديموقراطية، هل حقوق الانسان مصانة، والحريات مكفولة؟.
يقول الخبراء إن اسقاط انظمة الحكم ليست سوى البداية، وان التغيير القادم سيشمل الاسرة ودور الاب والام وان يصبح "تويتر" هو الاب الافتراضي و"الفيس بوك" هي الام و"يوتيوب" هو المعلم.
اعتقد ان على نقابة الصحافيين والاحزاب في فلسطين ان تطرح هذه الاسئلة من خلال مؤتمرات وحصص جامعية لنصل الى نتيجة معقولة، او على الاقل نحاول ان نتوقع ما هو حال الاعلام والحريات في العام 2012.
قد يتمكن اي حزب من اليوم فصاعدا ان يفوز بالانتخابات من خلال "الفيس بوك وتويتر" ، لكنهممن الان فصاعدا لن يحكم الاسرة والعائلة العربية بحكم الدين والعشيرة !!! ما مدى صوابية هذا القول!.