السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل هناك مافيا في فلسطين ؟

نشر بتاريخ: 20/12/2011 ( آخر تحديث: 20/12/2011 الساعة: 12:40 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - وفقا لتعريف المافيا وانها جريمة منظمة ، وهي أعلى درجات التنظيم والادارة في عالم الاجرام ، فان المافيا تشكّل خطرا حقيقيا على المجتمعات الحضارية والبدائية على حد سواء ، فهي لا تفرق بين التكنولوجيا والمجتمع الرعوي ، وتهدف في النهاية الى تحقيق الكسب غير المشروع وبأية طريقة كانت حتى لو كان ذلك على جماجم الاطفال ، كما انها اصبحت لا تكتفي بالكسب غر المشروع بل انتقلت في الثلاثين سنة الماضية انتقلت الى الرغبة المحمومة في السيطرة ، ومن اللدول التي تعاني من قسوة وبطش المافيا ايطاليا وروسيا وكولومبيا واسرائيل وافغانستان وامريكا ، حتى وصلت المافيا الى سدة الحكم والى الجيوش وسلك الشرطة ، ومن لا يعمل معها بخاطره يجري ابتزازه عنوة للعمل معها تحت التهديد حيث تعجز الحكومات عن مقارعة المافيا واخرها الحملة التي قام بها شارون ضد مافيا اسرائيل على طريقة حاكم نيويورك جولياني والذي اعتمد سياسة ضرب المجمرين الصغار في الشوارع لشلّ قدرة اباطرة المافيا الكبار عن الحركة المديدانية .

المجتمع الفلسطيني عافاه الله من خطر المافيا حتى الان ، والسبب الرئيس في ذلك هو وجود تنظيمات فلسطينية ، والتنظيم شكل اداري ميداني يعمل بشكل سري او شبه علني في معظم مدننا ومناطقنا وهو ما يوفّر له القدرة على مقارعة المافيا ، والتنظيم يملك القدرة والرغبة في محاربة المافيا بطرق تحت أرضية او علنية ما يجعل رجال المافيا يرتعدون من شدة الخوف من تنظيماتنا ، وسبق خلال 50 سنة ماضية ان قامت التنظيمات الفلسطينية بايقاع بالغ الاذى بالمجرمين وعاقبتهم في الانتفاضة الاولى واجبرتهم على النزول الى المساجد لطلب التوبة ، ومن عاند في ذلك كان مصيره الاعدام او الطعن او اطلاق الرصاص على رجليه .

وبعيدا عن تكرار البديهيات فان الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة او الضفة الغربية غير قادرة الان او بعد عشر سنوات على مقارعة المافيا ، ومهما بلغت التضحيات والمتابعة فان المافيا تحتمي بالاختفاء والتلوّن الحربائي أو استخدام المحامين للافلات من جرائمهم . اما التنظيمات الفلسطينية الوطنية والمقاتلة فهي الذراع الاقوى للمتابعة والملاحقة والنيل من المافيا .

مدينة القدس تعاني من المافيا هذه الايام ، والمخدرات تتغلغل في اوساط الشباب تحت حماية الشرطة الاسرائيلية بطريقة تعجز فيها الشرطة الفلسطينية عن ملاحقتها او اللحاق بها الى مناطق جيم او مناطق السيادة الاسرائيلية !!

ولان مدينة القدس المحتلة ملتصقة تماما بالمدن القريبة مثل رام الله وبيت لحم وبيت جالا واريحا ، فان ما يحدث في العاصمة سينتقل ببساطة الى باقي المدن عاجلا او اجلا ، فهناك حركة تنقل تقارب 300 الف مواطن ينتقلون يوميا من والى العاصمة ، وهو امر يخرج عن سيطرة الشرطة الفلسطينية في معظم الاحيان كما ان الشرطة الفلسطينية لا تملك القدرة ولا تسمح اتفاقية اوسلو لها بملاحقة ومحاكمة المجرمين . والحل الوحيد المتوفر الان هو اعادة الهيبة للتنظيمات الفلسطينية ، وتشكيل غرفة عمليات ومتطوعين من النشطاء للعمل على خطة وطنية لحماية المجتمع الفلسطيني والسلم الاهلي من خلال تصنيف المجرمين والمتورطين في التخريب الداخلي الى فئتين : فئة لا يمكن اصلاحها ويجب التخلص منها عن طريق الردع الثوري والمعاقبة والمحاكم الثورية ، وفئة مضلّلة يمكن اصلاحها واعادتها الى الطريق القويم .

لا يوجد مافيا في المجتمع الفلسطيني ، لكن الوقاية خير من الف علاج .