نشر بتاريخ: 27/12/2011 ( آخر تحديث: 05/01/2012 الساعة: 03:28 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - بعد عشرين عاما على تأسيس الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات للسلطة الوطنية الفلسطينية تثبت الايام ان قيادة العالم الغربي وجنرالاته العسكريين الذين كانوا ينتقدون نظريات عرفات وطريقة تفكيره يعودون هذه الايام الى دراسة هذه الافكار وتنفيذها في الدول العربية وغير العربية ، ويبدو ان العرفاتية تثبت نفسها كمدرسة سياسية معاصرة لا يزال قادة العالم يدرسون فيها مثل التلاميذ لا سيما بعد الفشل المدوي لنظريات الخارجية الامريكية في افغانستان والعراق وليبيا وتونس ومصر وغزة .
ادارة المال السياسي ، توظيف طاقات الشباب ، جمع الاسلحة ، توزيع الاسلحة ، كيفية التعامل مع الثوار ، كيفية التعامل مع الاطراف المسلحة جيدا ، استراتيجيات العمل الجماهيري ، التعامل مع الطوائف ، حماية الاقليات ، الدفاع عن المرأة ، المبالغة في اعلان التمسك بالسلام والسلام العالمي والشراكة الانسانية في السلم الاهلي والابتعاد قدر الامكان عن العنف ، امكانية تحويل حركات المقاومة الى نظام دولة وغيرها ... مجرر نظريات ناجحة كان عرفات يقوم بها بتلقائية سهلة وينجح في ادارة الازمات والخروج منها بأقل الخسائر دون الاستهانة باي خصم مهما كان حجمه صغيرا . ودون الخوف من اي خصم مهما كان حجمه كبيرا .
ان فشل الادارات الامريكية في حل ازمة افغانستان بل تدمير افغانستان والعراق والصومال وغيرها من البلدان وفشل امريكا في انشاء اية علاقة ثقة او صداقة مع اي شعب من الشعوب في العالم ، اما الادارة الامريكية التي طالما كانت تنتقد عرفات وتهدّده المرة تلو الاخرى ، فتراها اليوم تنفذ حرفيا افكار ياسر عرفات والعرفاتية في التعامل مع القضايا الخطيرة. كما ان الاتحاد الاوروبي وفرنسا وبريطانيا والمانيا وحتى اسرائيل تعود وتقرأ افكار عرفات الذي مات مسموما بالغدر ، وتتعلم منها .
عرفات الذي عاد الى فلسطين في العام 1994 قام باعادة تجنيد نشطاء الانتفاضة وضمّهم للاجهزة الامنية ، هذه الخطة نالت انتقادات امريكية واسرائيلية حادة في وقتها لكن الناتو وامريكا تعتمدها الان في ليبيا وتسعى جاهدة للنجاح فيها مثلما نجح عرفات ، عرفات كان يشتري الاسلحة من القوى الفرعية ويوزّع المال على المدن ، واليوم تقوم الدول الغنية بتقليده بعد عشرين عاما ، عرفات ورغم انتقادات اسرائيل وامريكا والسي اي ايه والشاباك كان يذهب الى منزل الشيخ احمد ياسين ويقبّل جبينه ويقول انه اخي واريد ان اصلي معه في المسجد الاقصى ، واليوم تلهث امريكا وراء الحركات الاسلامية تخطب ودّها ، عرفات ورغم انتقادات المتدينيين والحركات الاسلامية كان يدعو الى احترام حقوق المدنيين والمرأة وصيانتها واليوم تسعى الحركات الاسلامية الى تقليده والتعلم منه ، عرفات ورغم انتقادات فصائل المنظمة وفتح كان يستخدم المال من اجل حل المشاكل وتعزيز سياسة الصمود في الارض المحتلة واليوم كل الفصائل تسعى للحصول على المال لتنفيذ ذلك .
ويبدو ان عرفات ، الذي لا يشبهه الا عظماءا لتاريخ المعاصر من امثال نهرو وتيتو وغاندي وماوتسي تونغ ولي ذوان وجمال عبد الناصر ، كان يسبق عصره بعشرين عاما ويبحث عن قائد عظيم في امريكا او اسرائيل فلا يجد ابدا ، فحاربه الجميع واستعدوه كثيرا ، ولكن وبعد تغييبه واحتفال الاسرائيليين والامريكيين بغيابه ، يتضح انهم مجرد تلاميذ هواة في السياسة وانهم الان قد بدأوا يتعلّمون في مدرسة العرفاتية السياسية معنى الشرق الاوسط ونظريات البقاء ....