السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل صلّى سلام فياض صلاة الاستخارة ؟

نشر بتاريخ: 17/04/2012 ( آخر تحديث: 22/04/2012 الساعة: 14:47 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كتب رئيس التحرير د. ناصر اللحام - اثار استنكاف رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض عن حمل رسالة الرئيس عباس الى نتانياهو اسئلة كثيرة في اوساط السياسيين والمحللين ، وأظهر الامر وكأن هناك اكثر من وجه نظر سياسية لدى السلطة في حين كان المفروض ان تكون رسالة الرئيس الى نتانياهو شكل من اشكال الهجوم السياسي المحدود .

ولا احد يدّعي ان رسالة الرئيس حملت اية مفاجئات من اي نوع ، وهو قال اكثر من مرة ان بعض المتحمسين بالغوا في تقدير امر الرسالة واعتبارها ام الرسائل ، فيما هي تأكيد رسمي على المواقف السابقة المعلنة ، ووفي اطار حديثنا المتواصل مع الرئيس فهمنا منه ان الرسالة تأتي في اطارين ، اطار استراتيجي واطار تكتيكي.

والحقيقة ان استنكاف رئيس الوزراء المفاجئ بهذا الشكل العلني عن ايصال رسالة الرئيس والقيادة الى نتانياهو دفع وكالات انباء اسرائيلية وعالمية ان تتساءل عن وجود خلافات بين عباس وفياض ، وليس المطلوب المسارعة للنفي لمجرد ان الاسرائيليين قالوا ذلك ، بل ان المطلوب الشفافية العالية في التعامل مع المواطن في الملف السياسي ، فالمواطن اعطى كل الفرص لجميع رؤساء الوزراء منذ بدايات السلطة، وبالتالي من حق المواطن ان يفهم ما الذي حدث؟؟

الاحتمال الاول ان فياض احتج على انها مجرد رسالة وانه مجرد سيوصلها لنتانياهو !!

وان كان هذا الاحتمال صحيحا ، فاننا نتجه نحو اشكالية معقّدة ، لان المطلوب من اي مفاوض او اي قائد يجلس مع الاسرائيليين ان ينقل الرسائل فقط ، وعليه ان يعلم انه مجرد ينقل الرسائل ولا داعي لاعطاء اي مفاوض لاي اسرائيلي الانطباع انه يملك الحق في اكثر من ذلك ، او انه يملك شرعية للبت في الملفات بعيدا عن القرار الجماعي للقيادات .

ثم ان علينا أن نستفيد من تجربتنا السابقة في المفاوضات حين كان البعض يستمتع حين يوحي للاسرائيليين بانه مخوّل ويستطيع اتخاذ اي قرار على اي طاولة ... وفي الحقيقة ان اي قائد مهما كان غاليا على قلوبنا لن يكون مخوّلا أن يعطي الاسرائيليين اية ايحاءات أنه " يمون " على فلسطين بل ان فلسطين " تمون "على كل القادة وعلى راسهم فياض وعريقات وابو مازن والجميع . وهذا كلام محقق في الدساتير الثورية والاعراف النضالية ويشرّف كل قائد انه سفير بلده وانه مجرد يحمل الرسائل ولا يقرر اي شئ دون العودة للقيادة .

احتمال ثان ان يكون مضمون الرسالة لا يعجب حاملها، وهو احتمال اخر من بين الاحتمالات ، و هذه اشكالية ثانية ، ولم يكن مطلوبا ابدا من الدكتور ان يحمل رسالة ابو العلاء المعري او مقدمة بن خلدون لنتانياهو . وانما هذا من صلاحيات وامر اللجنة التنفيذية للمنظمة وهي صاحبة القول الفصل في هذا المجال وعلى هذه الحكومة وغيرها من الحكومات ان تعرف ان محاولة جعل منظمة التحرير تابعة للحكومة هو انتحار سياسي مباشر ، بل ان اية حكومة هي التي تعمل عند منظمة التحرير ، ومنظمة التحرير هي التي أبرمت السلام مع اسرائيلي وليس من حق اي رئيس وزراء سواء كان هنية او فياض او اي قائد اخر ان يحاول التفكير بالاتجاه المعاكس .فالحكومات لها مهمات محددة وليس لها الملف السياسي مع اسرائيل لان هذا خطر عليها وعلينا وعلى رئيس الحكومة الذي سيجد نفسه عند اول ازمة مع الاسرائيليين قد وقع في مفرمة اللحم الاسرائيلي من دون اية حماية شرعية

احتمال ثالث هو ان تكون القضايا الفنية هي التي ازعجت الدكتور فياض ، وهنا يجب الهمس في اذن الدكتور ان هذه قضايا تحل بينه وبين الرئيس وليس في لحظة الصفر وعلى مرأى من الاسرائيليين .لان كرامة الوطن اهم من كرامة المسؤول الشخصية .

احتمال رابع ان يكون الدكتور سلام فياض قد صلّى صلاة الاستخارة ليلة الاربعاء وجاءه اشارة من السماء ان لا يذهب للقاء نتانياهو ، وفي حال كان هذا صحيحا فانا اسحب كلامي السابق كله . واقول وفّقك الله يا دكتور وقد أسأنا فهمك .

وقد تكون كل هذه الاحتمالات خطأ ولكنه خطأ قابل للصواب ، وقد يكون ما سيقوله الدكتور فياض صواب لكنه قابل للخطأ ايضا ...

في النهاية ، او النهاية نفسها ان المواطن يعطي الحكومات ثقته على اساس انها تملك اجابات على اسئلة الوضع الراهن ، اجابات مالية وسياسية وادارية وفي جميع النواحي ، وفي اللحظة التي لا تعود هذه الحكومات تستطيع ان تقدّم اجابات ، فانها تتحوّل الى عبء على ظهر المواطن ، وهذا ما يحدث الان في غزة ورام الله ، وهذا ما يجعلنا نتقدم خطوة اخرى باتجاه الضغط على الرئيس لتشكيل حكومة مصالحة ، او حكومة اوضح وأثبت .

قبل نشر المقالة وصلني من الاخ غازي حمد رسالة نصيّة على هاتفي النقّال ، جاء فيها ان نملة احبت جملا ، واخذته الى باب بيتها فلما رأى الجمل صغر باب منزلها مقارنة بحجمه الكبير قال لها : اما ان تتخذي دارا تليق بمحبوبك او ان تتخذي محبوبا يليق ببابك .

وعن بن القيم رحمه الله قال في كتاببه بدائع الفوائد : اما ان تصلي صلاة تليق بمعبودك واما ان تتخذ معبودا يليق بصلاتك .والله من وراء القصد .